يسعى رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو منذ العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014 إلى وصم حالة المقاومة
الفلسطينية ضد
الاحتلال بتنظيم الدولة و"ممارساته الإرهابية".
وبعد دقائق قليلة من حدوث عملية دهس جنود الاحتلال في القدس المحتلة أول أمس والتي قتل فيها 4 منهم خرج نتنياهو بتصريحات تشير إلى انتماء منفذ الهجوم إلى تنظيم الدولة وسانده في ذلك عدد من وزرائه كان أبرزهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان.
ووصف ليبرمان العملية بالقول "رأيناها في فرنسا ورأيناها في برلين وللأسف نراها في القدس".
وطيلة أيام العدوان وصف نتنياهو عدوانه على غزه بأنه مواجهه لـ"إرهاب شبيه بإرهاب تنظيم الدولة" في محاولة لتبرير الحرب ككل وما تضمنته من مجازر راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين بين شهداء وجرحى.
وخلال الأشهر الماضية وصف نتنياهو مرارا موجة العمليات التي استهدفت الجنود والمستوطنين بأنه جزء من "نفس الحملة العنيفة التي يشنها المتشددون في أوروبا".
وقال نتنياهو عقب عملية الدهس التي نفذها شاب يعتقد أعلن تنظيم الدولة أنه ينتمي له إن "إسرائيل وفرنسا وألمانيا في قارب واحد وإنه يجب تفهم موقف إسرائيل باعتبارها على الخط الأمامي بصورة أفضل".
وأضاف "نفهم أننا في معركة مشتركة من أجل قيمنا ومعركة مشتركة من أجل مستقبلنا."
استهجان إسرائيلي
وعلى الرغم من اتهامات نتنياهو حالة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بالارتباط مع تنظيم الدولة إلا أن العديد من الأوساط السياسية الإسرائيلية لم تستسغ الفكرة وقال كتاب إسرائيليون إن الدوافع السياسية المتصلة بالاحتلال والصراع الممتد منذ عقود يقف وراء هذه العمليات.
واعتبرت الخبيرة الإسرائيلية في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي أوريت بيرلوف أن دوافع العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال "تحركها المشاعر الوطنية وليس الدين" على حد قولها.
وأضافت إن إسرائيل "تسعى لتعميم هذه الظاهرة قائلة إن الجميع يواجهون نفس الخطر لكن في حين أن الأعراض ربما تتشابه فإن الأسباب مختلفة تمام الاختلاف."
واتفق المحلل الأمني الإسرائيلي الشهير في صحيفة معاريف يوسي مليمان مع بيرلوف وقال: "إنه لا توجد أدلة تذكر تشير إلى أن المهاجم الفلسطيني استلهم نهج الدولة الإسلامية" موضحا أن الفلسطينيين سبقوا تنظيم الدولة في تنفيذ عمليات الدهس بالسيارات.
ويطرح إصرار نتنياهو على تشبيه المقاومة الفلسطينية للاحتلال بتنظيم الدولة تساؤلات حول الهدف من وراء ذلك في التوجه الدولي لمحاربة التنظيم وشرعنه محاربة التنظيم واستئصاله حتى لو أدت لانتهاكات لحقوق الإنسان.
المحلل السياسي الفلسطيني وسام أبو عفيفة قال إن نتنياهو يعكف من العدوان على غزة على تسويق هذه الرواية واتهام المقاومة بأنها تعمل على نمط تنظيم الدولة لينال شرعية دولية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
شرعنة الاحتلال
وقال عفيفة لـ"عربي21" إن كافة مؤتمرات نتنياهو خلال حرب غزة كان يتعمد فيها بث دعاية التطرف والإرهاب وتشبيه مقاومة الشعب الفلسطيني بـ"داعش" في العراق وسوريا وأنه يواجه ما تواجهه الدول الأخرى من إرهاب.
وأوضح أن نتنياهو "لم ينتظر التحقيقات الأولية الإسرائيلية لتكشف عن هوية منفذ الهوية بل استبق كل ذلك وأعلن أن بصمات تنظيم الدولة في العملية".
وأشار عفيفة إلى أنه وعلى الرغم من رواية نتنياهو لم يقنع الأمر الجهات الأمنية الإسرائيلية ولم تشر إليها بل على العكس اتهمت فورا حركة حماس بالوقوف وراءها وشرعت في حملة اعتقالات واسعة طالت كوادر الحركة في الضفة الغربية والقدس.
وشدد على أن نتنياهو يريد حشدا دوليا وراء جرائمه وهي محاولة منه لخداع العالم أن تنظيم الدولة موجود في فلسطين وربما ينجح بعض الشيء في هذا المسعى لكن من الصعوبة على المدى البعيد إقناع العالم بهذا الأمر لأن القضية الفلسطينية في كل تفاصيلها تختلف عن الظروف التي يوجد بها تنظيم الدولة.
وأضاف عفيفة : "هو يريد شرعية دولية لانتهاكاته وممارسات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية وتشديد الحصار بدعوى داعش بالإضافة للتمادي في التهويد وإذلال الفلسطينيين وربما يسعى لتطوير ممارساته لتتحول إلى عدوان شامل كما حصل في غزة عام 2014 دون اعتراض دولي".
ولفت إلى أنه وفي حال حصل على تأييد دولي على روايته بأن المقاومة تشبه تنظيم الدولة "فإن المواقف الدولية التي كانت تقف بوجه الاعتداء الاسرائيلية ستتوقف ويمكنه حينها انتهاك القانون الدولي دون حسيب".
ورأى عفيفة إن الاجواء الاقليمية والدولية السائدة نتيجة الحرب مع تنظيم الدولة تشكل حالة ضغط ومساحة تأثير على دور المقاومة الفلسطينية وهذا يستدعي حذرا أكبر تلافيا للتأثير على المواقف الغربية المؤيدة للحق الفلسطيني.
وأوضح أن تجريد صورة المقاومة من فصائل تسعى لنيل الحق الوطني ضد الاحتلال إلى جماعات "إرهابية" كتنظيم الدولة يثير المخاوف ويحقق مكاسب كبيرة لنتنياهو والاحتلال برمته.
وشدد عفيفة على أهمية الإعلام الفلسطيني الذي ينبغي أن يعمل "ككتلة واحدة باتجاه نسف رواية الاحتلال وتقديم رسالة مقاومة بشكل احترافي تؤكد أن كل ما تقول به هو جزء حقها الذي كفلته كل القوانين والشرائع الدولية والإنسانية".
ولفت إلى أهمية ان يكون الإعلام الفلسطيني "بكافة اللغات ويعمل في مسار واضح حتى لا نخاطب أنفسنا ولتقديم حالة المقاومة بالصورة المؤثرة التي يمكن أن تسهم في تغيير الكثير من وجهات نظر المجتمعات الغربية تجاه الاحتلال وتساعد في الضغط عليه".
واعتبر أن الاحتلال تقف وراءه امبراطورية إعلامية كبيرة تسوق روايته لذلك لابد من تكثيف الجهود لنسف روايته مؤكدا في الوقت ذاته أن الشعب الفلسطيني يمتلك أيضا وسائل إعلام أنهت الاحتكار الإسرائيلي لنقل الأحداث لكن يستلزم تقوية الماكنة الفلسطينية على كافة المستويات لتحقيق نتائج أفضل لمقاومة تخوض صراعا طويلا مع الاحتلال.