حققت قوات
سوريا الديمقراطية، المعروفة اختصارا بـ"
قسد"، تقدما ملحوظا على قوات
تنظيم الدولة في شمال وغرب مدينة الرقة، بدعم جوي من التحالف الدولي.
وسيطرت "قسد" على عدة قرى جنوب غربي مدينة عين عيسى، من أهمها: بير دلة، والشعارة، والمطلة، والطولان، والرشود، وأم ميال، وطنعوزة، والحرانية.
وسيطرت قوات "قسد" التي يشكل الكرد عمودها الفقري، على قلعة جعبر، وسويدية كبير، وسويدية صغير، وتل السمن، وخنيز السلمان، وخنيز جنوبي، وذلك يومي الخميس والجمعة الفائتين، بعد أن انسحب تنظيم الدولة تكتيكيا من هذه المناطق نتيجة كثافة طيران التحالف الدولي.
هجوم معاكس
وفاجأ تنظيم الدولة، السبت، قوات "قسد" بهجوم معاكس؛ تكبدت خلاله الأخيرة خسائر فادحة، وسيطر مقاتلو التنظيم على بلدة تل السمن، وقريتي خنيز وسويدية صغيرة، لينسحب التنظيم لاحقا من تل السمن وقرية خنيز دون سويدية، نتيجة كثافة القصف الجوي لطيران التحالف.
وأرجع الخبير العسكري، العقيد أديب العليوي، نجاح تنظيم الدولة في عملية الكر والفر الأخيرة؛ إلى "وجود ثغرات في خطة قسد العسكرية".
وقال العليوي إن التطورات الأخيرة كشفت عجز "قسد" الواضح عن السيطرة على الأرض دون إسناد جوي من التحالف الدولي، وهذا يصعّب من مهمتها، وخصوصا أن "تنظيم الدولة يتميز برشاقة الحركة، وسرعة التأقلم مع الوضع الميداني" على حد تعبيره.
ويصعب وصف تقدم "قسد" بـ"الانتصار في المعركة"، فانسحابات تنظيم الدولة سببها الطيران، وعند المعارك الحقيقية لم تستطع "قسد" الاحتفاظ بمواقعها، بحسب الخبير العسكري، العميد أحمد رحال، الذي قال لـ"
عربي21" إن "ما يحصل في محيط الرقة ليس معارك بالمعنى الحقيقي للكلمة".
المعركة الحقيقية لم تبدأ
ويستبعد مراقبون عسكريون قدرة "قسد" على حسم المعركة، فما يحدث وفق وصف العميد رحال "أشبه بالمناوشات واستغلال مواقع الضعف لكل طرف"، مشيرا إلى أن
معركة الرقة الحقيقية لم تبدأ بعد، وما يجري عبارة عن مقدمات لها؛ هدفها عزل الرقة كما تقول قوات "قسد".
وفي هذا السياق؛ أكد العقيد العليوي صعوبة تطويق الرقة، فضلا عن اقتحامها من قبل "قسد"، معللا ذلك بـ"حجم الجبهة الكبير، وعدم تمكن
قوات سوريا الديمقراطية من مجاراة تنظيم الدولة، سواء من حيث الحركة وسرعة التنقل، أو استخدام الألغام والعوائق كالمفخخات".
نقاط قوة "قسد" وعوامل ضعفها
وتمتلك "قسد" بالمقابل عدة نقاط قوة؛ منها خارجي، ومنها داخلي، فهي -بحسب عليوي- تحظى بدعم غربي كبير، "فطيران التحالف لا يغادر سماء المنطقة التي تهاجمها قوات قسد، أو التي يهاجمها تنظيم الدولة، كما حصل مؤخرا في تل السمن، حيث لم يسمح للتنظيم بالبقاء سوى ساعات معدودة، ناهيك عن الدعم على الأرض من خلال العديد من الجنود ذوي الجنسيات الألمانية والأمريكية والبريطانية".
وأضاف عليوي أن العامل الداخلي الداعم لقوات قسد؛ يتمثل في "الدافع القومي لبناء دولة كردية، باعتبار الكرد يسيطرون على قيادة قوات قسد، ويشكلون عمادها، ومن سواهم فيها تبع لهم". وفي هذا السياق؛ يقول العميد رحال: "قسد تقاتل في الرقة لتحصل على الدولة الكردية، وليس لتحرير الرقة وحسب".
وقال رحال إنه لا يتوقع أن تتجاوز عمليات "غضب الفرات" التي أعلنتها "قسد" ريف الرقة، وذلك لعدم امتلاكها الإمكانات المساعدة على ذلك، ولرفض دول إقليمية ودولية سيطرة الأكراد على مدينة الرقة.
وأضاف رحال: "قسد في النهاية أدوات ومرتزقة، والروس والأتراك قادرون على منع إقامة الدولة الكردية، والأمريكان لم يتحدثوا يوما عن دعم دولة كردية".
ويتوقع مراقبون تأخر معركة الرقة بانتظار التوافق على القوات التي يجب أن تحكمها بعد طرد تنظيم الدولة، ولا شك أن ذلك لا يرتبط بالمعارك الحالية حول الرقة فحسب، وإنما أيضا بالمعارك المشتعلة حاليا في مدينة الباب شرق حلب، وبالوضع السوري عموما.