نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية، تقريرا نقلت فيه حوارا مع الباحث والخبير في الشؤون الإسلامية لدى منظمة الأمم المتحدة، وينفريد بوختا، حول الأوضاع في
الشرق الأوسط وتطورات الصراع السوري.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "بوختا يرى أن الشرق الأوسط يعيش مرحلة تفكك اجتماعي وسياسي؛ في ظل تواصل موجات اللاجئين، وتفاقم الإرهاب، إضافة إلى استمرار الحرب في
سوريا والعراق لعقود".
وفي رده على سؤال حول مصير الأسد بعد استعادة حلب؛ قال بوختا إن "المعارك في ريف حلب متواصلة. كما أن الحرب تعيش مرحلة جديدة، إذ إن المعارك قد تتحول في بعض المدن إلى حرب عصابات".
وأضاف أن "الأسد لا يملك تصورا واضحا للدولة التي يتمتع فيها كل المواطنين بحق المواطنة"، مشيرا إلى أن "ما تبقى من سوريا بعد معارك طويلة؛ هو دويلة طائفية تعيش فيها أقلية علوية بقيادة الأسد، وبدعم من أقليات أخرى في حالة صراع مع الطائفة السنية، التي تمثل 70 بالمئة من الشعب".
وفي الحديث عن الأخطاء التي ارتكبها الغرب في سوريا؛ قال الخبير في الشؤون الإسلامية للصحيفة: "إننا نملك صورة خاطئة عن الوضع العام في دول الشرق الأوسط، فنحن لا نعرف الوضع في هذه الدول، ولا نملك صورة واضحة حول الأنظمة السياسية التي فيها، كما أننا نجهل طبيعة المجتمعات الإسلامية".
وتابع: "إننا نستطيع تحقيق الاستقرار في هذه الدول عن طريق التعاون الاقتصادي. وفي المقابل؛ نقترح عليها إجراء إصلاحات سياسية، كما أنه يجب علينا أن نتصرف بأكثر واقعية؛ لأن تصوراتنا خاطئة".
وأوضح أنه "يجب علينا أن نقر بأن التدخل العسكري يؤدي إلى نتائج كارثية، كما أن الديمقراطية الغربية لم تحقق تغييرات جذرية في الدول الإسلامية، وعلينا أن نقبل بواقع المنطقة مهما كان سيئا"، مبينا أن "الدول التي تستعمل العنف قد تدمر نفسها.. ولا يسعنا حينئذ إلا تقديم المساعدات لبعض المدنيين المنكوبين".
وحول مدى قوة
تنظيم الدولة؛ أكد بوختا للصحيفة أن "معركة الموصل توقفت، وتنظيم الدولة مستعد لمقاومة شرسة، ومن المحتمل أن تستمر المعركة لمدة طويلة، وتبقى نتيجة هذه المعركة غامضة".
وعند سؤاله عن مدى مساهمة "
السلفيين" في اندلاع بعض الحروب بالشرق الأوسط؛ قال إن "السلفية ساهمت في إضعاف قيم التسامح والاعتدال، وهو ما أدى إلى تقليص التعددية السياسية والثقافية في المنطقة، لتحل محلها تنظيمات متطرفة على غرار
تنظيمي القاعدة والدولة".
وأضاف بوختا متحدثا عن موقف ألمانيا من المتطرفين، أن "عديد الدول تدعم التنظيمات المتطرفة، ويعتبر موقف الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، من هذه الدول سلبيا، وستدفع أوروبا ثمن ذلك"، مشيرا إلى أنه "يوجد عدد قليل من المتطرفين في ألمانيا، لكنهم منظمون بشكل جيد، ويتلقون دعما كبيرا".
وتابع: "لا يمارس كل السلفيين العنف، لكن الوسط الذين يعيشون فيه يشجع على الجهاد، وهو ما يفسر انضمام عدد من السلفيين إلى تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة. ورغم قلة عددهم؛ إلا أن السلفيين يشكلون خطرا".
وعند سؤاله حول مدى خطر إيران على أوروبا؛ قال بوختا: "لا تشكل إيران أي خطر بالنسبة لأوروبا في الوضع الراهن وفي المستقبل القريب"، لافتا إلى أن "إيران والمملكة العربية السعودية تتنافسان على الهيمنة على الشرق الأوسط".
وبين أنه "من المتوقع أن تتنامى الحرب الباردة بين السعودية وإيران في العقود القادمة. فقد تمكنت إيران من تحقيق عديد الانتصارات، إذ إنها تملك نفوذا على
العراق، وتعتبر حليفة لبشار الأسد، وتؤثر بشكل كبير على لبنان".
وقال الباحث في الشؤون الإسلامية عند سؤاله عن ملامح الشرق الأوسط بعد 10 سنوات، إن "الوضع الاقتصادي في معظم الدول كارثي، وسيبقى كذلك، وستشهد كل دول المنطقة انفجارا ديمغرافيا، فقد تضاعف عدد السكان خلال العقود الثلاث الأخيرة في كل من مصر والعراق، وما زال العدد في ارتفاع. وفي المقابل؛ يوجد عدد قليل من مواطن الشغل، وهو ما يولد الاحتقان لدى عدد كبير من الشبان. وفي الوقت نفسه؛ تعاني السلطات الحاكمة من الرشوة والفساد، وبدلا من إجراء إصلاحات ونشر الديمقراطية؛ فإنها تمارس سلطة القمع ضد المعارضة".
وفي الختام؛ أكد بوختا للصحيفة أن "هذه السياسة القمعية التي تنتهجها السلطات الحاكمة؛ ولدت مناخا يتميز بالإحباط واليأس والعنف، ويجب أن تستعد أوروبا لموجات جديدة من اللاجئين قادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن المرجح أيضا أن تتزايد العمليات الإرهابية في أوروبا".