مطالبات بوقف قناة موالية لحزب الله بسبب إساءتها للنبي
بيروت- عربي21- عامر معروف23-Dec-1609:19 PM
شارك
كان اعتذار القناة "خجولا" كما يقول منتقدوها
تصاعدت الدعوات لمعاقبة قناة "الجديد" اللبنانية، الموالية لحزب الله، بسبب استضافتها أشخاصا يسيئون للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، في حين دعت هيئة العلماء المسلمين في لبنان السلطات إلى إقفال القناة، متهمة إياها ببث "إساءات وتحريض سياسي ومذهبي وازدراء للأديان".
وقال عضو الهيئة، الشيخ عدنان إمامة، لـ"عربي21"، إن "القناة وسعت المجال لهؤلاء الشتامين أن يقولوا ما قالوه"، في إشارة إلى حلقة برنامج "للنشر" الذي تقدمه ريما كركي على قناة "الجديد" الذي تضمن إساءات إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على لسان ضيوف البرنامج.
وتأسست "قناة الجديد" عام 1992، من قبل رجل الأعمال تحسين خياط، وأقفلت قسرا عام 1997 عندما كان يخضع لبنان لسيطرة قوات النظام السوري، ثم أعيد إطلاقها في 2 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2001.
وحصلت القناة، خلال فترات متعاقبة، على تمويل من جهات عربية عدة، قبل أن تغيّر من مسارها مرات عدة وتستقر مؤخرا على دعم مواقف وسياسات حزب الله، فيما تشير معلومات إلى حصولها على تمويل إيراني كبير.
وقد رفعت ضد قناة "الجديد" وبعض العاملين فيها؛ دعاوى عدة، أبرزها المرفوعة على خلفية ما عرض في برنامج "الفساد" الذي تقدمه غادة عيد، والدعوى المقامة من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان؛ على كرمى خياط والصحافي في صحيفة الأخبار اللبنانية إبراهيم الأمين اللذين يواجهان حكما بالسجن لسبع سنوات أو دفع غرامة مالية كبيرة، بتهمة "تحقير" المحكمة وتعريض حياة الشهود للخطر، في قضية اغتيال رفيق الحريري.
أين الموقف الرسمي؟
وقال إمامة لـ"عربي21": "الأمر محزن للغاية أن نشاهد جموع المسلمين في لبنان التي احتفلت قبل وقت قصير بولادة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهي تحبس ألسنتها تجاه ما تعرض له النبي الأكرم من إساءة مباشرة غير مسبوقة وشتائم تنم عن نفوس قبيحة"، وفق قوله.
وتساءل عن المواقف السياسية "الخجولة" من المسؤولين المسلمين، قائلا: "لم نسمع انتقادا أو موقفا من نائب أو وزير أو حتى مسؤول يدين إساءة قناة الجديد"، لافتا إلى أن "النظام السياسي في لبنان مبني على قاعدة طائفية، من هنا يتوجب على المسؤولين المسلمين القيام بواجبهم"، كما قال.
لماذا صمت حزب الله؟
واستغرب إمامة صمت "العمائم الشيعية عن توجيه الإهانة إلى نبي المسلمين، بينما يستمر الحديث عن محور الممانعة والمقاومة"، متسائلا: "هل حسن نصر الله أعز بالنسبة لهؤلاء من الرسول؟"، في إشارة إلى احتجاجات مؤيدي الحزب على محطات تتناول نصر الله، ووصل الأمر إلى حد محاولة اقتحام هذه المحطات، كما حصل في آب/ أغسطس 2015، مع قناة "إل بي سي" بسبب برنامج للإعلامية ديما صادق، حيث هاجم أنصار الحزب مكانا خلال بث برنامج لها يتضمن لوحة تتضمن صورة حسن نصر الله، إلى جانب الزعماء السياسيين الآخرين في لبنان تتهمهم بالفساد على خلفية أزمة النفايات، ما اضطر القناة لقطع البث، قبل أن يقتحم عناصر الحزب المكان ويقومون بنزع الصورة.
وفي شباط/ فبراير الماضي، قطع أنصار الحزب شوارع في بيروت وهددوا باقتحام مكاتب "إم بي سي" السعودية، بعد بث برنامج يظهر نصر الله بشكل ساخر.
وقبل ذلك، سبق أن احتج الحزب وأنصاره على الرسوم المسيئة للنبي في الدنمارك.
وقال إمامة: "في غمرة ما يقوم به حزب الله في حلب تحت شعار الانتصار لثورة الحسين والمظلوم، يصمت أمام الإساءة إلى جد الإمام الحسين"، معتبرا أن ما حدث "فضيحة أخلاقية على مختلف النواحي، لا يمكن السكوت عنها".
وعن إطلاق تحركات لهيئة علماء المسلمين تندد بقناة الجديد، قال: "كنا في صدد تنظيم فعالية ضخمة ضد قناة الجديد، لكن اعتذار الأخيرة قوبل بإيجابية من دار الفتوى، ونحن نحرص دائما على التحرك بالتنسيق معها"، لكنه أوضح أنه "لم يكن الاعتذار شافيا لنا".
وأضاف: "هذه القناة وسّعت المجال لهؤلاء الشتامين أن يقولوا ما قالوه، وعلى الدولة اللبنانية إيقاف بثها لأنها محطة لا تتحلى بالأخلاق ولا الوطنية، ويخرج منها الفتنة والتحريض"، بحسب تعبيره.
من يحاسب الإعلام؟
من جانبه، قال رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع في لبنان، عبد الهادي محفوظ، إن "الإساءة لم تخرج عن الإعلام اللبناني بالمعنى العام"، مؤكدا رفضه "لأي تطاول يخرج عبر الإعلام بناء على قاعدة عدم الإساءة السياسية والدينية والتحريض المذهبي وإشعال الفتن، وغيرها".
ورأى، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن ما حصل من قبل قناة الجديد كان بمثابة "مساس لفكرة معتقد"، لكنه قال إن "المسؤولية الكبرى" تقع "على الدولة التي تنتسب إليها المؤسسات الإعلامية في لبنان"، وفق قوله.
وأشار محفوظ إلى الوثيقة الإعلامية الصادرة من جامعة الدول العربية، "حيث تشدد على أخلاقية العمل المرئي، وقد أجيز للقمرين العربيين (نايل سات وعرب سات) طرد أي قناة تخرج عن الأطر النظامية، وتسيء إلى مختلف الأديان".
وعن المساحة التي يجب أن يتحرك فيها الإعلام المرئي في لبنان، شدد محفوظ على أن "المادة رقم 384/94 من قانون الإعلام المرئي والمسموع، تنص في فقرتها الثالثة على أن الإعلام حر، شريطة انضباطه بالقانون والدستور والتشريعات النافذة، كما يدقق على بنود الموضوعية والشفافية والنزاهة الصحفية والمهنية وعدم الإثارة السياسية والدينية واحترام قيمها".
وتابع: "الدولة عاجزة عن تطبيق القانون ومتابعته، وهناك حمايات سياسية وطوائفية، وهو ما حوّل الدولة اللبنانية إلى مجموعة دويلات تلتقي على نظام المحاصصة"، بحسب تعبيره.
وعبّر محفوظ عن أمله من "العهد الجديد" أن "تتحسن عن طريقه أوضاع القطاعات الإعلامية"، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام "تلجأ إلى الإثارة غير المهنية بهدف الجذب المالي على حساب الموضوعية التي بدأ جزء كبير من وسائل الإعلام يخسرها"، على حد قوله.
وأكد محفوظ أن حجم الوارد إلى الإعلام المرئي من الإعلانات تراجع من "200 مليون دولار في السنة إلى 40 مليون دولار، وهو مبلغ لا يكفي مؤسسة إعلامية بمفردها"، كما قال.