لم يكد وزير الخارجية
المصري،
سامح شكري، يدلي بتصريحاته عن غياب ملفات الخلاف مع
السعودية، ونفيه نية مصر التقرب من
إيران، حتى بدأت التحركات في مصر تشي بغير ذلك.
فبعد زيارة لمستشارين في الديوان الملكي السعودي إلى إثيوبيا، وزيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اختلف خطاب الإعلام المصري نحو دعوات إلى التقرب من إيران.
واعترف شكري في كلمته في منتدى حوار المنامة لأمن الشرق الأوسط بحرص مصر على "مصالح الأمة العربية في مواجهة ما قد تكون سياسات توسعية تنتهجها إيران".
وحول جدية مصر في الدخول بعلاقات استراتيجية مع إيران "نكاية بالسعودية وقطر"، قال الباحث السياسي المصري، مصطفى عاشور، قال إن العلاقة المصرية الإيرانية عبارة عن مناورات سياسية لا أكثر، وقال إنه لا تقارب حقيقي بين إيران ومصر.
ولفت في حديث لـ"
عربي21" إلى أن هنالك ملفات كبيرة تتناقض فيها إيران مع مصر، وأن المناورات السياسية لن تستطيع التقريب كثيرا بين البلدين.
وإن رغبت مصر، فإن إيران لن تعطي مصر ثمنا للعلاقات بعكس ما يفعل الخليج الذي دفع مؤخرا ثمنا لعلاقاته مع مصر، الأمر الذي لن تستطيعه إيران.
وقال إن دافعي الضرائب في إيران مثلا لا مشكلة لديهم في الدعم الإيراني لحزب الله على اعتبار أنه يراعي المصالح الإيرانية في التمدد، الأمر الذي لا يمكن أن تقوم به مصر، وإيران تعلم ذلك.
وذكر عاشور بأن مصر تاريخيا لم تكن في صف إيران كالحرب الإيرانية العراقية مثلا التي قاتل فيها المصريون إلى جانب العراقيين.
وعن تحول الإعلام المصري بين الهجوم على المد الشيعي الإيراني في مصر سابقا، وبين الدعوات إلى التقارب مع إيران، لفت الباحث السياسي إلى أن الإعلام أداة ضغط في نهاية الأمر، وما يقوله الإعلام هو ما يريد من في السلطة إيصاله للخليجيين.
صحيفة "المصريون" علقت على الزيارة الوشيكة لمسؤول مصري رفيع المستوى نقلا عن مصادرها بأن هناك اختلافا في دوائر صنع القرار في مصر حول اسم الوزير الذي يرجح أن يزور
طهران، حيث يرى البعض بأن يكون من وزراء المجموعة الاقتصادية، وهناك من يضغط باتجاه أن يكون وزير الخارجية سامح شكري لإبراز الغضب المصري من الزيارات الخليجية لإثيوبيا.
وترى أجهزة سيادية، بحسب الصحيفة، أن زيارة شكري لإيران ستتجاوز الخطوط الحمراء في الخليج، وأن من الأفضل الإبقاء على نوافذ مفتوحة مع دول الخليج أملا في إعادة علاقات دافئة بعد أن توترت العلاقات مؤخرا لا سيما مع السعودية وقطر.
على الجانب الإيراني، يرى مراقبون أن إيران مهتمة ولو قليلا بعلاقات جيدة مع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، وذلك بعد أن اصطدمت بموقف الرئيس السابق محمد مرسي من الثورة السورية.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، لم يستبعد أن تشهد العلاقات المصرية مع إيران قفزة كبيرة إذا تبين أن موضوع سد النهضة الإثيوبي سيُصبِح مجالا للمزايدة على مصر من طرف دول الخليج، مشيرا إلى أن أصواتا كثيرة كانت تطالب منذ فترة طويلة بتصحيح مسار العلاقات المصرية الإيرانية لأنه غير طبيعي وخضع لكثير من الابتزاز من جانب دول الخليج.
أما بخصوص الدعوات الإعلامية لذلك فقد رأى نافعة في حديث لـ"
عربي21" أنها "مجرد وجهات نظر لبعض الأجهزة الإعلامية أو لبعض الإعلاميين الذين قد يكونون على صلة ببعض الأجهزة الرسمية وقد لا يكونون. لكن من الواضح أن هناك حالة غضب شعبية ورسمية بسبب الزيارات التي قام بها عدد مِن المسؤولين السعوديين والقطريين لإثيوبيا ولسد النهضة تحديدا".
وأشار إلى أن الإعلام المصري طالب بالرد على هذه الاستفزازات بـ"تطبيع كامل مع إيران".
وعن الاستفزازات الخليجية، قال: "إن هذا النوع من التصرفات طفولي وغير مدروس ويضر بالجميع. لذا على السعودية المبادرة بإجراء حوار على أعلى مستوى مع مصر لبلورة رؤية مشتركة وملزمة لإنقاذ النظام العربي المنهار".