انسحب مقاتلو
المعارضة السورية، الاثنين، من عدة أحياء كانت لا تزال تحت سيطرتهم في جنوب شرق مدينة
حلب، واعترف مسؤولون في المعارضة بالهزيمة، فيما اعتبر النظام أن المعركة "في المراحل الأخيرة".
انسحاب المعارضة
تمكنت قوات النظام الاثنين وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، وتحت غطاء جوي كثيف، من السيطرة على حي الشيخ سعيد الاستراتيجي في جنوب الأحياء الشرقية. كما استعادت حي الصالحين الذي كانت تسيطر على أجزاء منه وعلى أجزاء كبيرة من حي كرم الدعدع، وباتت تسيطر ناريا على حي الفردوس.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن مقاتلي المعارضة انسحبوا "بعد ظهر الاثنين بشكل كامل من أحياء بستان القصر والكلاسة وكرم الدعدع والفردوس والجلوم وجسر الحج".
ويأتي هذا الانسحاب بعد ساعات على سيطرة قوات النظام على حيي الشيخ سعيد والصالحين بعد ليلة تخللها قصف كثيف.
وتحدث عبد الرحمن عن "انهيار كامل" في صفوف المقاتلين مع وصول "معركة حلب إلى نهايتها"، معتبرا أن سيطرة قوات النظام على أحياء المعارضة باتت "مسألة وقت وليس أكثر".
وباتت الفصائل المقاتلة تسيطر عمليا على حيين رئيسيين هما السكري والمشهد، عدا عن أحياء أخرى صغيرة. وتحدث المرصد عن "وجود جثث في الشوارع لا تعرف هوية أصحابها" في تلك الإحياء.
"لا تنازلات"
وتعليقا على خسائر المعارضة السورية الكبيرة بمدينة حلب، قال منسق المعارضة رياض حجاب إن ذلك لن يجبرهم على تقديم تنازلات من أجل عملية انتقال دون وجود الأسد.
وقال حجاب للصحفيين بعد الاجتماع مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إنه إذا كان الأسد وحلفاؤه يعتقدون أن التقدم العسكري في أحياء معينة من حلب سيعني أن المعارضة ستقدم تنازلات فهذا لن يحدث، مشددا على أن المعارضة لن تقدم تنازلات.
من جهته قال زكريا ملاحفجي من حركة "فاستقم" المعارضة التي تقاتل نظام الأسد في حلب إن الوضع صعب للغاية اليوم.
من جانبه وصف بسام مصطفى، عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي، أبرز فصائل المعارضة في حلب، لصحافيين عبر الإنترنت ما يحدث في شرق المدينة بـ"الانهيار المريع"، موضحا أن "المقاتلين يتراجعون تحت الضغط، والأمور سيئة جدا".
وأوضح أن قوات النظام "تتقدم في حلب الشرقية تحت وابل من النيران والقذائف والقصف". وأشار إلى أن "القتلى والجثث على الأرض"، مبديا خشية كبيرة على مصير المدنيين الذين نزحوا أو الموجودين في أحياء يدخلها الجيش.
نظام الأسد: المعركة في مراحلها الأخيرة
في السياق ذاته قال لواء في جيش النظام، إن جيش الأسد وحلفاءه "في المراحل الأخيرة" من عملية استعادة حلب بعد تقدم مفاجئ جعل قوات المعارضة على شفا الانهيار في جيب صغير في المدينة.
وقال اللواء زيد الصالح رئيس اللجنة الأمنية في حلب إن عملية جيش
النظام السوري لاستعادة شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة "أصبحت بخواتمها النهائية ويبقى بيد المسلحين مساحة عشرة بالمئة من مساحة هذه الأحياء".
وأضاف: "يمكن القول إن معركة حلب بدأت الدخول في المرحلة الأخيرة، بعد سيطرة قوات النظام على أكثر من تسعين في المئة من مساحة الأحياء الشرقية".
ومن شأن خسارة حلب أن تشكل نكسة كبيرة وربما قاضية للفصائل المقاتلة.
ويرى كبير الباحثين في مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط يزيد الصايغ أن سيطرة النظام على مدينة حلب "ستكسر ظهر المعارضة المسلحة (...) ويصبح من الممكن أخيرا تجاوز التفكير بإمكانية الإطاحة بالنظام عسكريا".
وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن وحدات من جيش النظام والقوات الرديفة أعادت "الأمن والاستقرار إلى عدد من الأحياء والمناطق في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة حلب" بينها الشيخ سعيد والصالحين وكرم الدعدع.
هاربون من القصف
أحصى المرصد الاثنين نزوح أكثر من 10 آلاف مدني خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة من أحياء سيطرة الفصائل إلى القسم الغربي أو الأحياء التي استعادها النظام مؤخرا.
وبات عدد المدنيين الذين فروا منذ منتصف الشهر الماضي نحو 130 ألفا، وفق المرصد. بينما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن خروج 3500 شخص فجر الاثنين من جنوب شرق حلب.
وأشار مدير المرصد عبد الرحمن إلى أن "بعض الأحياء تحت سيطرة الفصائل باتت خالية تماما من السكان، فيما تضم أحياء أخرى عشرات الآلاف من المدنيين الذين يعانون من أوضاع إنسانية مأساوية".
وتحدث عن "مخاوف حقيقية على من تبقى من المدنيين في أحياء المعارضة"، معتبرا أن "كل قذيفة تسقط تهدد بارتكاب مجزرة في ظل الاكتظاظ السكاني الكبير".
وقال مدير مكتب حلب في منظمة "يونيسف" رادوسلاف رزيهاك في بيان الأحد: "لم أر في حياتي مثل هذا الوضع المأساوي الذي يعانيه الأطفال في حلب".
وقدر أن نصف مليون طفل في حلب يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي بينهم مئة ألف يحتاجون مساعدة من مختصين.