نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا من عمّان، للكاتبة أوليفيا غاثبريت، تقول فيه إن الدعوات المطالبة بالتحرك ضد
جرائم الشرف تتزايد، في الوقت الذي ارتفعت فيه الحوادث المتعلقة بتلك الجرائم في الأردن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن محكمة أدانت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر، شابا عمره 18 عاما من مدينة مأدبا، بقتل شقيقته وهي نائمة؛ بسبب عثور عائلتها على هاتف نقال معها دون معرفة منها، لافتا إلى أنه بعد خمسة أيام أدانت محكمة شقيقين بقتل شقيقتيهما البالغتين من العمر 27 عاما و 34 عاما في مزرعة خارج العاصمة الأردنية عمان.
وتلفت الكاتبة إلى أن هؤلاء الضحايا هن من بين خمس
نساء قتلن في أسبوع واحد في الأردن لأسباب تتعلق بشرف العائلة، حيث بلغ مجموع النساء اللاتي قتلن في جرائم من هذا النوع 38 امرأة هذا العام، مشيرة إلى أنه رقم مرتفع عن الحالات التي تسجل في البلاد كل عام، ما بين 15 إلى 20 حالة، وذلك بحسب أرقام منظمة "هيومان رايتس ووتش".
وتقول الصحيفة إن ناشطات في مجال حقوق الإنسان استخدمن حملة استمرت 16 يوما، وتنتهي يوم السبت، لمحاربة العنف الممارس ضد المرأة، وطالبن فيها بعقوبات شديدة ضد الذين يرتكبون جرائم الشرف، وإنهاء سجن المرأة لحمايتها من خطر القتل على يد أحد أفراد عائلتها.
ويورد التقرير أنه بحسب
قانون حبس الضحية 1954، فإنه يتم حبس النساء اللاتي يتعرضن لمخاطر القتل، ولمدة غير محددة، حيث تقضي بعض النساء سنوات في الحبس قبل السماح لهن بالخروج من السجن، وبعد توقيع العائلة تعهدات بعدم المس بهن، أو التسبب لهن بأي أذى.
وتنقل غاثبريت عن المديرة التنفيذية لمركز العدالة للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز، قولها: "إن هذا الإجراء في الحقيقة هو خرق للدستور؛ لأن حرية الحركة هي حق دستوري"، مشيرة إلى أن تقريرا أعده المعهد الدنماركي ضد التعذيب "كرامة"، وصف فيه "ظروف النساء في مراكز الاعتقال"، جاء فيه أن بعض النساء لجأن لبعض الإجراءات المهينة، مثل الزواج من الرجال الذين اغتصبوهن؛ من أجل الإفراج عنهن.
وتورد الصحيفة نقلا عن مديرة الفرع الأردني لجمعية المعهد الدولي لتضامن النساء "سيغي" أسماء خضر، قولها: "هذه أكثر القصص إثارة للحزن"، حيث يقدم المعهد مساعدة مالية ونفسية للنساء في المعتقلات الإدارية، وتضيف خضر أنه "بدلا من
حماية المرأة ومساعدتها، فإنها تتعرض للتهديد باعتبارها شخصا جلب العار إلى العائلة، وفي بعض الحالات أجبرت المرأة على الزواج من الشخص الذي اعتدى عليها".
ويبين التقرير أنه بالنسبة للنساء في المعتقل الإداري، فإن الزواج هو الطريق الوحيد للإفراج عنهن، مشيرا إلى أن أسيل (30 عاما)، قضت سبعة أشهر في السجن، بعدما هربت من الانتهاكات التي تعرضت لها في البيت، حيث تقول: "في البداية كان المعتقل أفضل من التعرض للضرب، لكنني بقيت خائفة، ولم يبعدني أي شيء عن القلق، وكانت خياراتي إما البقاء في السجن أو الزواج، ففضلت الزواج، وهناك الكثير من الفتيات فعلن الأمر ذاته".
وبحسب الكاتبة، فإن زوج أسيل رجل فقير، وبالكاد لديهما ما يقوتهما، لكنه يعاملها والأطفال بطريقة جيدة، فتقول: "أنا سعيدة الآن، لكنني أريد أن أمسح هذه التجربة كلها من ذاكرتي، ولأ أتمنى أن يحصل لأي امرأة ما حصل لي في حياتي".
وتنوه الصحيفة إلى أن منظمة "سيغي" تقوم بزيارة النساء في السجون الإدارية في مركز إصلاح وتأهيل الجويدة للنساء؛ من أجل المساعدة على إطلاق سراحهن، لافتة إلى أن هذا الأمر يتطلب العمل مع مؤسسات الحكومة والعائلات، وإذا كان الخطر صادرا من الأب أو الأخ، فإن "سيغي" تقوم بالتحدث مع أفراد العائلة؛ من أجل التأثير عليهم، ومنعهم من ارتكاب اعتداءات.
وينقل التقرير عن مسؤولة البرامج والنشاطات في "سيغي" رنا سندس، قولها: "لسوء الحظ، فنحن مجتمع لا يغفر؛ لأن حس العار يظل مستمرا لدى الرجال تحديدا"، وتضيف أن جرائم الشرف عادة ما يتم ارتكابها بعد سنوات طويلة من الإفراج عن المرأة، وتتذكر قصة حزينة لفتاة صغيرة، سجنت لحمايتها بعد تهديد العائلة بقتلها، وأصبحت حاملا بعد الهجوم عليها، وتقول سندس إنها "عندما كانت في السجن جاءت عائلتها إلى مدير السجن، ووقعت على تعهد بعدم الاعتداء عليها، وعندما أفرج عنها، وأصبحت في عهدتهم، قام شقيقها بقتلها بعد أيام"، مشيرة إلى أنه رضخ لضغوط العائلة، وتضيف: "أخبرنا شقيقها قائلا: (في داخلي كنت أحب أختي، فقد كانت الأصغر، وفاكهة العائلة، ولم أكن أريد قتلها، لكنهم قالوا: لي لو أردت أن تكون رجلا فيجب أن تقتلها)".
وتذكر غاثبريت أنه أعلن عن عريضة أعدتها اللجنة الوطنية الأردنية للنساء في الشهر الماضي، تحت شعار "أوقفوا الجرائم التي ترتكب بحق النساء والفتيات"، وتحدثت عن ضرورة الإصلاح، وأشارت إلى البندين 340 و 98 من القانون الجنائي، اللذين يمنحان القضاة صلاحية لتخفيف حكم مرتكبي جرائم الشرف، منوهة إلى أن العريضة دعت إلى وقف سجن النساء في مراكز التأهيل والإصلاح.
وتورد الصحيفة نقلا عن السكرتيرة العامة للجنة الوطنية الأردنية للنساء سلمى النمس، قولها إن وجود هذين البندين يسهم في استمرار الموقف من اعتبار جسد المرأة وعاء لشرف العائلة، مشيرة إلى أن دائرة الإفتاء الأردنية أصدرت، لأول مرة، الأسبوع الماضي، فتوى تحرم القتل بدافع حماية الشرف، وأعلنت الحكومة عن خطط لفتح ملاجئ يمكن للنساء البقاء فيها، وتوفير الحماية لهن، بدلا من السجن.
وقال مدير دائرة حقوق الإنسان وشؤون المرأة في وزارة العدل محمد النسور: "اكتشفنا أن هؤلاء النسوة بحاجة إلى مكان أفضل للبقاء فيه من السجن، ولهذا سنقتح ملجأ لهن"، وقالت خضر: "نرحب بهذه التطورات، وأهم شيء هو الحفاظ على سرية المكان"، وفق التقرير.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إنه رغم مساعدة "سيغي" وحمايتها للكثير من النساء، إلا أنهن لن يسرن في الشارع دون خوف من شخص ينتظرهن فيه.