اتفق معارضون
مصريون في الداخل؛ على تشخيص الأوضاع الراهنة في مصر بأنها بائسة على جميع المستويات، لكن تراجع
المعارضة وانقسامها؛ عزز من قوة وقمع نظام عبد الفتاح
السيسي.
نظام مبارك بطبعة جديدة
وفي هذا السياق، قال رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، لـ"
عربي21": "هناك أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية مترابطة ومتشابكة، وكل أزمة تفضي إلى أخرى ولا يمكن علاج إحداها بدون علاجها مجتمعة"، وعزا تلك الأزمات "إلى تراكم الاحتقان السياسي، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية الخاطئة، والتي كانت السبب في انفجار ثورة 25 يناير".
واستدرك قائلا: "منذ ذلك الوقت هناك محاولات للخروج من الأزمات أو التعايش معها، كما حدث طوال السنوات الماضية من خلال مسكنات، والقمع والرشاوى والفساد في أجهزة الدولة المختلفة جعلت التعايش معها واستمرارها بدون حل أمرا ممكنا"، على حد وصفه.
واستنكر زهران محاولة قوى النظام القديم "إعادة نظام مبارك بطبعة جديدة تعيد إنتاج الأزمات، ومن ثم تدفع الأمور نحو التعايش والفساد والمسكنات مجددا؛ إلى أن يحدث انفجار جديد للشعب كانفجار يناير".
وأكد زهران أن أحزاب المعارضة تتواصل فيما بينها لوضع "خارطة طريق للخروج من الأزمات"، وأشار إلى اجتماع قبل يومين بحضور "عدد من الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، وممثلي النقابات المهنية، لمناقشة الهجمة الشرسة التي تمارس الآن ضد الحق في التنظيم"، وفق قوله.
"نظام فاشل ومعارضة غائبة"
بدوره؛ رأى عضو المكتب السياسي لحركة "6 أبريل - الجبهة الديمقراطية"، شريف الروبي، أن "هذا النظام لا يصلح لحكم مصر، فالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية أكثر من مزرية ولا تطاق، فلا توجد معارضة حقيقية على الأرض أو في أي مكان، والأجهزة السيادية هي التي توجه هذا أو ذاك"، و فق تعبيره.
وحذر من دخول المصريين في دائرة الفقر والإفلاس والكبت، قائلا: "إن إدمان النظام للاقتراض يهدد مستقبل مصر والمصريين، وإدمانه للقمع والاستبداد وتقديس الحاكم سيفجر حالة الكمون لدى الناس"، ودلل على حديثه بتأييد المحكمة الدستورية السبت الماضي مواد الحبس في قانون التظاهر المثير للجدل.
وبشأن رؤية الحركة للخروج من الأزمة، أكد الروبي أنه لا حل إلا "بتغيير النظام، ومصالحة مجتمعية حقيقية على المستوى السياسي. أما على المستوى الاقتصادي فيجب النظر إلى التجربة التركية التي استطاعت خلال عقد واحد أن تحقق طفرة اقتصادية كبيرة من خلال تشجيع التصنيع والإنتاج المحلي، كذلك التجربة الماليزية بقيادة مهاتير محمد".
لا تغيير إلا بثورة
أما القيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين، هشام فؤاد، فأوضح أن النظام في مصر لا يمكن أن يستمر على الوضع الحالي، وقال لـ"
عربي21": "يعلم الجميع أن دولة الاستبداد السياسي، والظلم الاجتماعي هي الحاكمة، والثورة المضادة تعيد عقارب الزمن لما قبل 25 يناير".
وتابع: "لا يخفى على أحد أن هناك عمليات انتقامية لكل من شارك في ثورة يناير، وعلى مكتسباتها. فلا حريات إنسانية، ولا حقوقا اجتماعية، ولا عدالة اقتصادية.. لا نخطئ القول إذا قلنا إن المشهد الحالي أسوأ من مشهد قبل 25 يناير"، وفق تقديره.
ولفت إلى أن هذا المشهد المتأزم "يعكسه كم القوانين والتشريعات التي تجسد مصالح الجيش والقضاء"، مؤكدا أن "مطالب ثورة يناير، عيش حرية كرامة وعدالة اجتماعية ستظل هي مطالب المعارضة في كل وقت".
وعزا فؤاد حالة الشتات الداخلي للمعارضة في مصر؛ إلى "آلة القمع القوية التي أنهكت وأتعبت كل القوى السياسية، أضف إلى ذلك؛ حالة اليأس لدى الناس، والتململ من أي تغيير قد يزيد من سوء أحوالهم"، ولكنه لفت إلى أن "الوضع مصيره إلى ثورة جديدة؛ لأنها الحل الوحيد"، كما قال.
خوف المعارضة توحش للنظام
من جهته، حمّل المنسق العام لحركة "قوميون وناصريون ضد المؤامرة"، سيد أمين، المعارضة؛ جزءا من المسؤولية عن تردي الأوضاع في مصر على جميع الأصعدة، وقال لـ"
عربي21": "المعارضة مبعثرة وغير موحدة، ولا يخشاها النظام؛ لأنها باتت هي من تخشى النظام"، وفق قوله.
وذهب بالقول إلى أن "النظام العسكري نجح في شق صفوف المعارضة، إما بالترهيب أو الترغيب، والبعض منها استجاب والبعض الآخر عصى؛ وهو ما أوصلنا لتلك الحالة المزرية"، مشددا على أنه لن "يحدث أي تغيير دون توحد قوى المعارضة".
واعتبر أمين أن "التوافق بشأن المشتركات العامة هو أهم عمل يمكن بجمع شمل المعارضة، بعيدا عن التصنيفات الإيديولوجية لكل فريق"، مضيفا: "أي تغيير بدون عمل ثوري لن يكون مجديا أو مقنعا، ولن يضيف جديدا، فالتغيير الحقيقي هو الذي يأتي من رحم
الثورة، وهو الذي يناسب الوضع القائم"، بحسب تعبيره.