قال سكان السبت إنه لم تصل أي أغذية أو وقود إلى
الموصل منذ حوالي أسبوع، وإنّ بدْء هطول الأمطار والطقس البارد يهددان بشتاء قاس لأكثر من مليون شخص ما زالوا في مناطق بالمدينة يسيطر عليها متشددو تنظيم الدولة.
وتقدمت القوات
العراقية -التي تشن هجوما مضى عليه ستة أسابيع لاستعادة الموصل من التنظيم المتشدد- في الأحياء الشرقية بالمدينة، في حين طوقت قوات أخرى المشارف الجنوبية والشمالية للمدينة، وأغلقت قبل عشرة أيام الطريق الواقع إلى الغرب.
لكن تقدمها تعرقله موجات من الهجمات المضادة من المتشددين الإسلاميين، الذين يسيطرون على المدينة منذ منتصف 2014، وأقاموا شبكة أنفاق؛ استعداد للدفاع عن معقلهم في أكبر مدينة بشمال العراق.
ويعني التقدم البطيء أن الحملة قد تستمر طوال
الشتاء، كما أثار ذلك تحذيرات من منظمات
إغاثة بأن المدنيين يواجهون حصارا شبه كامل في الأشهر المقبلة.
وقال تاجر -متحدثا بالهاتف من الموصل- إنه لم تصل أي إمدادات جديدة من الغذاء والوقود إلى المدينة منذ يوم الأحد.
وعلى الرغم من محاولات المتشددين للحفاظ على استقرار الأسعار والقبض في الأسبوع الماضي على عشرات من أصحاب المتاجر المتهمين برفع الأسعار، قال التاجر إن الغذاء أصبح أكثر تكلفة، وإن أسعار الوقود تضاعفت ثلاث مرات.
وقال ساكن في غرب الموصل على مبعدة بضعة كيلومترات من أحياء الجبهة على الضفة الشرقية لنهر دجلة: "نحن نعيش تحت حصار حقيقي منذ أسبوع."
"قبل يومين توقف المولد الذي يمد الحي بالكهرباء عن العمل؛ بسبب نقص الوقود. المياه انقطعت، وأسعار المواد الغذائية زادت، والبرد رهيب. نخشى أن تكون الأيام القادمة أسوأ بكثير."
وأصيب خط أنابيب يزود حوالي 650 ألف شخص في الموصل بالماء أثناء قتال الأسبوع الماضي بين الجيش ومتشددي الدولة الإسلامية. وقال مسؤول محلي إنه لم يمكن إصلاحه؛ لأن الضرر في منطقة ما زالت تشهد قتالا للسيطرة عليها.
وتضرب برودة الشتاء أيضا حوالي 80 ألف شخص سجلتهم الأمم المتحدة كنازحين منذ بداية حملة الموصل. ولا يشمل هذا العدد آلافا كثيرين آخرين أجبرتهم الدولة الإسلامية على الانتقال، أو فروا من القتال إلى مناطق بعمق المدينة تحت سيطرتها.
هجوم مضاد
ونشرت سلطات تنظيم الدولة التي تحاول إضفاء مسحة من الحياة الطبيعية صورا، قالت إنها تظهر سوقا في الموصل يوم الجمعة. وظهر في الصور حشد من الناس وكشك يبيع زيت الطعام وأغذية معلبة، لكن لم تظهر خضروات أو فاكهة طازجة.
وقالت أيضا إنها شنت بضع هجمات مضادة في الساعات الأربع والعشرين الماضية ضد قوات عراقية في شرق الموصل وقوات الحشد الشعبي، التي يغلب عليها الشيعة، والتي سيطرت على مناطق إلى الغرب من المدينة.
وقالت وكالة "أعماق" للأنباء القريبة من الدولة الإسلامية إن المقاتلين استعادوا نصف حي الشيماء في جنوب شرق المدينة يوم الجمعة، ودمروا أربع قواعد للجيش في حي القادسية الثانية في الشرق، واستولوا على ذخيرة من الجنود الفارين في حي البكر الواقع أيضا في شرق الموصل.
وقال مصدر في قوات جهاز مكافحة الإرهاب، الذي يقود هجوم الجيش، إن الدولة الإسلامية تستغل الأحوال الجوية السيئة وتكاثر السحب الذي يمنع الدعم الجوي من الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأضاف أن المقاتلين استعادوا بعض الأراضي، لكنه تكهن بأن مكاسبهم لن تستمر طويلا.
وقال المصدر: "هذه ليست المرة الأولى التي تحدث. لقد انسحبنا؛ لتفادي خسائر بين المدنيين، ثم نستعيد السيطرة. لا يمكنهم أن يسيطروا على الأرض لفترة طويلة."
وقالت وكالة "أعماق" إن مقاتلي الدولة شنوا هجمات السبت على وحدات مسلحة للحشد الشعبي قرب بلدة تلعفر غربي الموصل، وعرضت لقطات لمركبتين لحقت بهما أضرار، إحداهما عليها شعار وزارة الداخلية.
وقال كريم نوري، المتحدث باسم الحشد الشعبي، إن تلك الهجمات تم دحرها. وأضاف قائلا: "داعش هاجمت عند الفجر؛ لمحاولة السيطرة على قرية تل الزلط... الاشتباكات استمرت ساعتين، حتى انسحبت داعش، تاركة وراءها جثث قتلاها."
وفي بغداد، قالت الشرطة ومصادر طبية إن سيارة ملغومة انفجرت في سوق مزدحمة في وسط المدينة السبت، فقتلت سبعة أشخاص، وأصابت 15 آخرين.
ولم يصدر على الفور إعلان بالمسؤولية عن التفجير، لكن مقاتلي الدولة كثفوا هجماتهم في العاصمة العراقية ومدن أخرى منذ بداية عمليات الموصل.
وبدأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هجوم الموصل في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر؛ بهدف سحق الدولة الإسلامية في أكبر مدينة تسيطر عليها في العراق وفي سوريا المجاورة.
ويشارك في الهجوم ائتلاف تسانده الولايات المتحدة، يضم 100 ألف من جنود الجيش والقوات الخاصة والشرطة الاتحادية والمقاتلين الأكراد وقوات الحشد الشعبي، ضد بضعة آلاف من عناصر "الدولة" في المدينة.
ومن شأن الهزيمة أن توجه ضربة قوية إلى دولة الخلافة في العراق وسوريا، التي أعلنها زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي من مسجد في الموصل قبل عامين.