خبير: روسيا تمكنت من تعزيز موقفها في الساحة الدولية وأصبح رئيسها شخصية جذابة في العالم - ارشيفية
بعد سنوات من استبعاده عن الساحة الدبلوماسية، عاد الرئيس الروسي إلى مركز الأحداث مرة أخرى مع تزايد أعداد معجبيه وحلفائه الدوليين وصعودهم إلى سلم السلطة، وهو الأمر الذي يرى المحللون أن بوتين سيستغله لمصلحته.
ومن بين أبرز القادة المنتخبين الجدد دونالد ترامب الذي أعرب خلال حملته لانتخابات الرئاسة التي فاز بها، عن إعجابه بقيادة بوتين ما أكسبه ترحيب الكرملين بفوزه الكاسح.
وفي أوروبا شهدت حملة انتخابات الرئاسة الفرنسية صعود رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون، الذي يفضل توثيق علاقات بلاده مع موسكو، ليصبح بطل اليمين في انتخابات الرئاسة التي ستجري العام المقبل.
وفي الجوار الروسي فاز المرشحان المواليان لموسكو رومين راديف وايغور دودون في انتخابات الرئاسة في بلغاريا ومولدافيا على التوالي.
وتظهر هذه الانتخابات تعزز موقع بوتين، بحسب ما ترى المحللة المستقلة مارينا ليبمان.
وتضيف أن "روسيا تمكنت من تعزيز موقفها بشكل كبير على الساحة الدولية، وأصبح رئيسها شخصية جذابة في العالم".
وقالت إن بوتين يركب موجة "المعاداة للمؤسسة السياسية" رغم أنه وعلى عكس شخصيات مثل ترامب وراديف "يطبق هذا النهج السياسي بنجاح منذ فترة طويلة".
وأضافت أن "القادة الذي يتوجهون بالحديث إلى قطاعات الشعب الأقل تعليما ويتحدثون ضد المؤسسة السياسية وضد العولمة .. يتزايدون شعبية". وأوضحت أن "بوتين تنطبق عليه مواصفات مثل هذا القائد".
ويشكل بوتين، رجل الاستخبارات السابق شخصية مثيرة للقلق بالنسبة للعديدين على جانبي الأطلسي.
ووجد نفسه معزولا بعد ضم بلاده لشبه جزيرة القرم في اذار/مارس 2014 والذي أدى إلى فرض عقوبات أوروبية ودولية عليه أضرت كثيرا بالاقتصاد الروسي.
وبعد ذلك وفي ايلول/سبتمبر 2015، بدأ بوتين حملة قصف دعما للرئيس السوري بشار الأسد، في خطوة قاسية دفعت بالدول الغربية والمنظمات الحقوقية إلى اتهامه بالضلوع في ارتكاب جرائم حرب.
واليوم اختفت معظم هذه الانتقادات، في مؤشر "واضح" على النجاح الاستراتيجي، بحسب ما ترى ليبمان.
وضمن بوتين أن المطالبة برحيل الأسد أصبحت الآن غير مطروحة، كما كسبت روسيا ورقة تفاوضية قوية في قضايا أخرى نتيجة لذلك.
ويرى محللون أن مكاسب بوتين جاءت كذلك نتيجة تعثر الولايات المتحدة التي جعلت روسيا تبدو فجأة وكأنها شريك قوي.
وصرح المعلق كونستانتين كلاشيف أن "الاستقبال الحار الذي لقيه بوتين هو وجه آخر لمناهضة أمريكا والرغبة في ترك العالم الأحادي القطب، والسعي إلى إيجاد توازن جديد في العالم".
مخاوف أوروبية
عانى الاتحاد الأوروبي الذي يضعفه بشكل متزايد تنامي قوة الحركات القومية الشعبوية، من ضربة قاسية وجهتها له بريطانيا بتصويتها على الخروج من الاتحاد في حزيران/يونيو الماضي.
وبعد ذلك تسبب ترامب بصدمة في العواصم الأوروبية بتشكيكه بالتزام بلاده بحلف شمال الاطلسي الذي يعد ركيزة لأمن أوروبا منذ نحو سبعين عاما.
وأعربت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، وهي من أقوى المؤيدين لفرض عقوبات على روسيا والتي تستعد لحملة إعادة انتخابها العام المقبل، عن قلقها من إعجاب ترامب ببوتين. ويقول محللون إن التحالف بين المانيا وروسيا سيتعرض لضغوط بسبب الاختلاف بشأن الموقف تجاه بوتين في حال فوز فيون.
وقال كلاشيف "بالنسبة لبوتين، من المنطقي أكثر التفاوض مع أوروبا مضطربة .. إذ إنه من الأسهل التوصل إلى اتفاقيات منفصلة مع كل واحد من دولها".
ورأت ليبمان أن سلطة واشنطن العالمية تقوضت "بعد عدد من الأخطاء الدولية الكبيرة".
وأشارت إلى أن أوروبا مقسمة وقلقة "تناسب أهداف بوتين" بكسر التضامن الغربي.
تخفيف العقوبات
يعد تخفيف العقوبات التي فرضت على روسيا عقب ضمها شبه جزيرة القرم أولوية بالنسبة للكرملين.
وأضرت العقوبات إضافة إلى انخفاض أسعار النفط والمشاكل الهيكلية، بالاقتصاد الروسي وأدت الى تقلص القدرة الشرائية للروس.
وبوجود أصدقائه الجدد، فإنه من المرجح أن يجد بوتين أذنا صاغية لرفع العقوبات عن بلاده، بحسب ليبمان.
وقالت إن "الأجواء الدولية تسمح له بالتفكير في احتمال تخفيف هذه العقوبات".
وفي كلمة إلى الأمة الخميس، تحدث بوتين بلهجة تصالحية تجاه الغرب.
وقال "نحن لا نبحث ولم نبحث مطلقا عن أعداء.. نحن بحاجة إلى أصدقاء".