تصاعد الحديث مؤخرا عن عزم الجانب
المصري تدشين منطقة صناعية مشتركة مع قطاع
غزة، في أعقاب تفاهمات تم الاتفاق عليها، مع الوفد الفلسطيني الذي شارك في مؤتمر العين السخنة الثاني بمصر في 6 تشرين الأول/ نوفمبر الجاري.
وشكلت لقاءات العين السخنة المتتالية والتي كان آخرها المؤتمر الثالث الذي عقد يوم أمس الأربعاء، بارقة أمل لدى رجال الأعمال والاقتصاديين الغزيين، في أعقاب التوصيات التي خرجت من هذه المؤتمرات، والتي تضمنت وعودا مصرية بإيجاد حلول لأزمات الكهرباء والماء، وإعادة ترميم
معبر رفح البري، وموافقة مصرية مبدئية على تدشين منطقة تجارية حرة، ترتبط بإعادة تأهيل ميناء العريش ليكون رافدا تجاريا لغزة.
تسهيلات مصرية
وبدت في الآونة الأخيرة عدة مؤشرات لانفراجة في العلاقة بين مصر والقطاع حين تم فتح المعبر في الفترة الماضية عدة مرات متقاربة بعد كان مغلقا لفترات طويلة في السنوات العشر الأخيرة، إضافة إلى البدء بتجهيزات على الحدود لرفع حصة القطاع من الطاقة الكهربائية بنحو 20 ميجا واط إضافية، ليصل إجمالي خط الكهرباء المصري المغذي للقطاع نحو 45 ميجا، وحتى الخطاب الإعلامي الحاد الذي اعتاد عليه الفلسطينيين من القنوات المصرية لم يعد حاضرا كالسابق.
ويرى مراقبون أن هذه المؤشرات التي يبديها الطرف المصري مؤخرا، تدلل على وجود نية حقيقية لديه للبدء بعلاقة جديدة مع قطاع غزة بتنسيق مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، الذي يسعى من خلالها للعودة إلى استعادة دوره في الساحة السياسية الفلسطينية.
من جانبه قال رئيس الوفد الفلسطيني المشارك في مؤتمر العين السخنة ورئيس اتحاد المقاولين في غزة، هشام كحيل، أنه "تم الاتفاق مع الجانب المصري للبدء بخطوات عملية سيشهدها الجانبين، أبرزها إقامة منطقة صناعية مشتركة في مدينة رفح جنوب القطاع، تسهم في دفع عجلة التنمية للاقتصاد الفلسطيني وتوفير فرصة لعشرات الآلاف من العمال العاطلين عن العمل من كلا الجانبين".
وتابع كحيل لـ"
عربي21" أن الدراسة التي قدمت للجانب المصري بخصوص المنطقة الصناعية نابعة من "كوننا نعاني تجاريا من المضايقات الإسرائيلية، حيث يرفض الجانب الإسرائيلي إدخال المواد الاستهلاكية لذرائع أمنية ليس لها أي أساس من الصحة"، مضيفا أن "ملف إعادة الإعمار كان حاضرا وبقوة في نقاشات المؤتمر حيث وعدنا الجانب المصري بتوفير كل احتياجات مواد البناء والتي تبلغ 2.5 مليون طن سنويا" على حد قوله.
وأشار إلى أن "هناك ترتيبات يجري الإعداد لها لعقد لقاء قريب لوضع المخططات الهندسية للموقع الذي سيشهد تدشين المنطقة الصناعية" دون إعطاء أي تفاصيل إضافية حوله.
لا توجد أرقام دقيقة حول تكلفة إنشاء المنطقة الصناعية المذكورة، وما مقدار مساهمة كلا من القطاع الخاص الفلسطيني والمصري فيه، وكيف ستتم إدارة هذه المنطقة.
ولكن الحديث عن هذا المشروع ليس جديدا فقد قدمت حكومة حماس عرضا مماثلا إبان حكم الرئيس مرسي، كان يتضمن إنشاء منطقة تجارة حرة في حدود 8 كيلومترات مربعة، بتكلفة إجمالية وصلت لـ20 مليون دولار.
الإيرادات المرجوة
وفي السياق ذاته، قال الوكيل المساعد في وزارة المالية بغزة عوني الباشا، إن "إيرادات القطاع على الدولة المصرية ستدر عليها قرابة 3 مليارات دولار، وهذا هو حجم استيراد القطاع من الجانب الإسرائيلي سنويا".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "استفادة غزة من هذا الاتفاق ستكون بفرق أسعار السلع بين الجانب المصري والإسرائيلي، فإذا افترضنا أن سعر طن الإسمنت الواصل للقطاع لا يتجاوز تكلفته 100$، بينما سعر طن الإسمنت الإسرائيلي هو 175$، ففرق الأسعار هذا هو مقدار استفادة القطاع من فك الشراكة التجارية مع الجانب الإسرائيلي وتحويلها للجانب المصري".
ونوه باشا إلى أن "قطاع غزة بفعل
الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ عشر سنوات يعاني من ضعف البنية الصناعية، بسبب عدم إدخال الجانب الإسرائيلي للمواد الخام اللازمة للعملية الصناعية".
حديث وكيل مساعد وزارة المالية في غزة، يدلل على رغبة لدى حكومة حماس بالتوجه نحو فض الشراكة التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي وتحويلها للجانب المصري.
فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانب المصري وقطاع غزة في العام المنصرم 67.4 مليون دولار، لتحتل مصر المرتبة التاسعة من حيث نسبة التبادل التجاري الخارجي للقطاع بحسب ما أعلنه مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية، ماهر الطباع.
وأضاف الطباع لـ"
عربي21" أنه في "حال تم تنفيذ ما يشاع عن عزم السلطات المصرية إنشاء منطقة صناعية مع القطاع، فهذا من شأنه أن يعزز من حضور الصادرات الفلسطينية في الأسواق الخارجية، وهذا من شأنه تحريك عجلة التنمية الراكدة في القطاع منذ سنوات".
وعزا الطباع في تفسيره لزيادة الصادرات الفلسطينية؛ كون الشروط والمعايير الإسرائيلية لدخول المنتجات الفلسطينية لأسواقها متشددة مقارنة بالمعايير التي قد يضعها الجانب المصري في حال تم الاتفاق.
وتوقع الطباع أن "تصل الاستفادة الفلسطينية من اتفاق التجارة الحرة مع الدولة المصرية إلى نحو مليار دولار سنويا، معللا ذلك بأن "أسعار السلع التي يوردها الاحتلال الإسرائيلي للقطاع مرتفعة بشكل كبير عند مقارنتها بالأسعار التي سيوردها الجانب المصري في المستقبل".