بدأت الآثار السلبية لقرارات الحكومة المصرية بتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار في الظهور، ولكن ربما تكون بداية ساخنة وكارثية تتمثل في تلويح
الشركات الأجنبية بالتخارج من مصر وتجميد أنشطتها إلى حين حل أزمة الدولار.
ولا يقتصر ذلك على قطاع واحد، ولكنه سيمتد إلى العديد من القطاعات الاستثمارية، مثل قطاعات: البترول والنفط، والصناعة، والسياحة، والاتصالات، والأدوية.
البداية من شركات الأدوية الأجنبية التي تواجه أزمات وخسائر قياسية منذ إصدار الحكومة المصرية قرار تعويم الجنيه وتحرير سوق الصرف، حيث هددت شركات الدواء الأجنبية بالتخارج من السوق المحلية وتصفية استثماراتها، حال عدم تدخل الحكومة لحل المشكلات السلبية الناتجة عن قرار تحرير سعر الصرف، خلال شهرين.
وقالت مصادر مطلعة، إن ممثلي 25 شركة أجنبية، رفضوا في اجتماع مع وزير الصحة المصري الدكتور أحمد عماد، مقترحا حكوميا يتضمن تحريك أسعار منتجاتهم الدوائية أو تقديم دعم غير محددة قيمته بداية من نيسان/ أبريل المقبل.
وأوضحت المصادر أن الشركات قررت اللجوء إلى كلٍّ من رئاسة الجمهورية بمصر ومجلس الوزراء المصري مباشرة، بعد فشل اجتماعاتهما المتتالية مع ثلاث وزارات معنية بالأزمة، وهي وزارات الصحة والصناعة والاستثمار، لإطلاعهما على مدى الضرر الذى لحق بها والخسائر التي تتعرض لها منذ قرار تحرير سعر الصرف.
وتستحوذ الشركات الأجنبية التي تعمل في سوق الأدوية المصرية على نحو 61 بالمائة من السوق المحلية، وأبرزها شركات "نوفارتس" و"سانوفي" و"غلاكسو" و"فايزر" و"ميرك" و"أبفي".
وأوضحت المصادر أن الشركات الأجنبية قدَّمت مستندات تثبت أن أرباحها في الفترة التي سبقت قرار تعويم الجنبيه، كانت تتراوح بين 5 و20 بالمائة من إجمالي حجم المبيعات، ثم تحول الأمر إلى خسائر تلحق بالشركات، تصل إلى نحو 70 بالمائة منذ تحرير سعر الصرف.
وقالت المصادر إن الشركات الأم ناقشت مع شركاتها التي تعمل في مصر، التخارج من السوق المصرية بشكل تدريجي، حال فشل التوصل غلى حلول مع الحكومة لإنقاذها من الخسائر.
وبدأت أربع شركات بشكل فعلي، إجراءات تخفيض العمالة لتقليل الخسائر منذ مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وفي سوق الاتصالات، بدأت بعض الشركات التي تحمل أسماء عالمية مثل "سامسونغ" و"هواوي" و"آبل"، في تقليص حجم مبيعاتها في السوق المصرية وخفض الكميات التي تضخها في السوق.
وربطت مصادر مطلعة بقطاع الاتصالات المصري، بين هذا التوجه وبين أزمة الدولار التي تشهدها البلاد، خاصة أن شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر من كل عام يشهدان تحويل الشركات الأجنبية أرباحها من الجنيه المصري إلى الدولار، تمهيدا لتحويلها إلى الشركات الأم في الخارج.
وأشارت المصادر في تصريحات خاصة لـ "
عربي21"، إلى أن غالبية شركات الاتصالات التي تعمل في مصر، من المتوقع أن تنهي نشاطها المباشر في السوق المصرية، وسوف تعتمد على الوكلاء فقط، للابتعاد عن أزمة الدولار والمشاكل التي تواجهها هذه الشركات منذ تحرير سعر الصرف.
وأوضحت أن الأرباح التي كانت تحققها هذه الشركات تحولت إلى خسائر خلال العام الجاري، وسط توقعات بارتفاع إجمالي الخسائر، حال استمرار هذه الأوضاع والمشاكل في السوق المصرية.