في غمرة سطوع وحضور حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، وفوزه المتتالي بأكثر من استحقاق انتخابي منذ العام 2002، يبرز التساؤل عن
حزب السعادة، الذي أسسه الراحل نجم الدين أربكان وموقفه من حزب العدالة والتنمية وحضوره في الحياة السياسية اليوم؟
في التقرير التالي سنحاول تسليط الضوء والتعرف على مكان ومكانة ومواقف حزب السعادة الذي أخفق في تحقيق النسبة المؤهلة لدخول البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 حزيران/ يونيو 2015، وحصوله على المرتبة الخامسة بأقل من 3% من الأصوات.
ما هو حزب السعادة؟
"السعادة" حزب سياسي تركي، منبثق عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي حلته السلطات التركية، وهو يسير على منهج زعيمه الروحي نجم الدين أربكان.
تمخض حزب الفضيلة الإسلامي الذي تم حله بقرار أصدرته محكمة الدستور التركية في 22 حزيران/ يونيو 2002 عن حزبين؛ الأول حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، ومثّل الجناح التجديدي، والثاني حزب السعادة الذي مثّل الرؤية التقليدية لنجم الدين أربكان.
نظرة تاريخية
وتعود جذور هذا الحزب إلى الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان، الذي يصفه المحللون بأنه "أبو الإسلام السياسي التركي".
وعن نشأة الحزب، قال المحلل السياسي التركي عبد الوهاب أكنجي: "أسس نجم الدين أربكان حركة (مللي جوروش)، أي الرأي الإسلامي، عام 1960. وبعد تأسيس الحركة رشح أربكان نفسه للدخول في البرلمان مستقلا وحصل على أصوات كثيرة من محافظة قونيا؛ ودخل البرلمان وأسس بعدها (حزب النظام) وذلك من أجل العمل السياسي والإصلاحات في تركيا على كافة الأصعدة".
واستدرك أكنجي في تصريحات لـ"
عربي21"، بالقول إن ذلك لم يطل، فسرعان ما أغلقته السلطات بعد اتهام الحزب بأنه إسلامي ويتعارض مع الدستور.
وعزا أكنجي السبب الرئيس لوقف نشاط الحزب آنذاك، إلى المظاهرة العارمة التي نظمها برئاسة أربكان في قونيا لمساندة قضية فلسطين ودعم صمود أهلها، حيث أبرزت المظاهرة القدرة على الحشد والتنظيم، وهو ما أرق السلطات العلمانية الحاكمة.
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه بعد إغلاق حزب النظام، فقد أُسّس حزب السلامة الذي شارك في الحكم، وأصبح أربكان مساعدا لرئيس الوزراء، وقد خطى بعض الخطوات الإيجابية في تركيا وأصبح هناك تطور جيد في كافة المجالات، لكن ذلك لم يحل دون عادة حظره بعد الانقلاب العسكري عام 1980.. بسبب توجهه الإسلامي أيضا.
أسس الحزب الحكومة
وتابع أكنجي بأنه "بعد الانقلاب العسكري، منع الحزب سنتين عن العمل وتم تأسيس حزب الرفاه الذي نجح نجاحا كبيرا في العمل السياسي أسس بموجبها الحكومة الحكومة، ومن بعدها حزب الفضيلة بجهود بعض تلامذة أربكان".
واستدرك بأن "أن ذلك أيضا لم يدم، فسرعان ما انشق هذا الحزب لتأسيس حزب جديد برؤية جديدة تحت اسم (حزب العدالة والتنمية) بقيادة رجب طيب أردوغان الذي يقود البلاد الآن، فيما استمر حزب السعادة على النسق نفسه الذي أسسه أربكان".
وأشار إلى أن حزب السعادة هو حزب معارض للنظام اليوم، وهو يستهدف تغيير النظام إلى نظام أفضل يكون مؤسسا على العدالة، ضمن أدوات التغيير المتاحة وهي الدستور والطرق الديمقراطية الشرعية".
وأوضح أن "حزب السعادة معارضته ليست معارضة عدائية بل إنها تستند إلى النصيحة؛ وهو يرحب بالإيجابيات التي ينفذها حزب العدالة والتنمية، لكن ذلك لا يمنع من وجود النقد البناء.. وليس الهدام".
وتوقع أكنجي مستقبلا واعدا للحزب، باعتبار أن له ثقلا قديما وتاريخيا وله كوادر تاريخية؛ فضلا عن جذوره في الساحة السياسية.
وأضاف أن "شعبيته لا تقاس بفشله في الانتخابات الأخيره؛ بل إن له تعاطفا كبيرا في أوساط الشعب التركي".
وأشار عبد الوهاب إلى دور سياسي مهم قد يلعبه الحزب في المرحلة المقبلة، باعتباره حزبا فكريا إسلاميا، له مبادئ راسخة في المجتمع التركي.