دأب تلفزيون فلسطين الرسمي على بث برنامج تحت هذا العنوان، وهو عنوان دون شك مثير ولافت للنظر، وبدأ بث هذا البرنامج يحظى باهتمام رسمي وشعبي واسع، الجميع يدرك أهمية هذا المؤتمر، ومفصليته وما يترتب عليه، ليس على فتح، فحسب، بل على عموم الساحة الفلسطينية.
استضاف البرنامج، شخصيات قيادية فلسطينية، من فتح وغيرها من فصائل العمل الوطني الفلسطيني، الذين أدلوا بآراء متنوعة وغنية في آن، ما يساعد في إعطاء رؤية أولية لما سيشهده هذا المؤتمر من نقاشات لرسم آفاق المستقبل.
الذاهبون للمؤتمر، وهم أعضاؤه المنتخبون والمعنيون على حد سواء، يمثلون قطاعات شتى، منها القطاعات الشبابية، وقطاعات القدامى، وقطاعات الفئات المختلفة، وفقا للمهن، والمستويات التعليمية، والجميع يدرك أهمية المؤتمر وضرورته، لكنه من الطبيعي، أن تشهد مراحل ما قبل المؤتمر، ونحن على أعتابه «كولسات» المؤتمر، والاستعداد للترشح، والفوز في اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، وأن تنشأ وتتبلور قوائم، وأن تبذل الجهود للبحث عن أفضل الوسائل وأقصرها للوصول إلى الهيئات القيادية.
ما عايشناه في المؤتمرات الأولى لـ فتح، هو «الكولسات» على أسس فكرية وتنظيمية واضحة، فكان اليمين والمحسوب على اليمن، والوسط والمحسوب على الوسط، واليسار والمحسوب على اليسار، وكان فوز هذا أو ذاك، يعني تقدما لهذا التيار أو ذاك، صحيح أن هنالك بعض الاعتبارات الجهوية، لكنها لم تكن هي الأساس، كان الصراع يحتدم ساخنا وقويا حتى الانتهاء من أعمال المؤتمر، والإعلان عن نتائجه النهائية. علينا أن نتساءل عما يدور هذه الأيام، ولياليها الطويلة، وما هي طبيعة ما يدور بشأن الهيئات القيادية القادمة في فتح!!
المؤتمر قادم، قادم لا محالة إلا في حالة التدخل الإسرائيلي بالتعاون مع قوى محلية لإفشاله، دون هذا التطور الدراماتيكي، فلن يؤجل لساعة واحدة.
بالتأكيد ستكون كلمة الرئيس محمود عباس، كلمة سياسية شاملة، ستتناول الواقع وآفاق المستقبل، وسترسم ملامح المؤتمر، ونتائجه ومهمات المستقبل المنظور. ستكون كلمة جامعة لا يختلف عليها أحد من حضور المؤتمر، وبالتالي، فلن تكون هنالك صراعات سياسية حادة، داخل المؤتمر، لكن ذلك لن يحول، دون مرشحين كثر، أكان للجنة المركزية، أو المجلس الثوري على حد سواء، ما سيحتاج إلى جهود مكثفة، ومضنية لإجراء تلك الانتخابات، بشكل نزيه وشفاف، ومسؤول، وبالتالي علينا ألا نستبعد مفاجآت قد تحصل دون أن تصل إلى حد التفجير الداخلي.
صحيح أن المؤتمر هو سيد نفسه، لكن السيادة هنا، ليست مطلقة، بل هي سيادة مسؤولة، مسؤولة عن عدم الوصول إلى التفجير الداخلي، ومسؤولة عن تاريخ هذه الحركة الواسعة، ومستقبلها في آن.
ما نتابعه إعلاميا، من مواقف ورؤى إقليمية ودولية، على حد سواء، فيما يتعلق بمؤتمر فتح، يوحي وكأن الجميع في انتظار ما سيشهده هذا المؤتمر، وما سينتج عنه، الإسرائيليون لا يرون تغييرا كبيرا فيما سيحصل، بل وتقلل أوساط اليمين الإسرائيلي من أهميته، ولا ترى تغيرا في مرحلة ما بعد المؤتمر، وبأن إسرائيل تقوم، وستقوم، بما يتوجب عليها، وفقا لأية معطيات قادمة، وعلى أي مستوى.
الدول المحيطة بفلسطين، معنية تماما بمجريات المؤتمر العام، وما سينتج عنه، وترى بأن ما سيحمله هذا المؤتمر، سياسيا وتنظيميا، يمس أوضاعها الداخلية، بشكل أو بآخر.
المؤتمر العام ضرورة لا مفر منها، وبالتالي علينا أن نستشرف، ونأمل أن تكون نتائجه متوازنة، وعلى المستويين التنظيمي والسياسي، وأن تحمل تلك النتائج مفاتيح حلول، لاستعصاءات قائمة، من السهل واليسير حلها، كما أنه من السهل واليسير جعلها مفاتيح لأزمات قادمة.
الأيام الفلسطينية