دأب الإعلام
المصري في الآونة الأخيرة منذ توتر العلاقات بين الرياض والقاهرة على خلفية موقف الأخيرة من الملف السوري، على شن حملات موجهة ضد
السعودية وتسليط الضوء على عدة ملفات، كان من أبرزها "ترحيل العمالة المخالفة".
وتواصل صحف ومواقع مصرية منذ توتر العلاقات على نشر أخبار ترحيل المصريين وأعدادهم، والحديث عن نظام الإقامة في السعودية وعدم قدرة العمالة على توفير كفلاء ونظام الكفالة وسلبياته بشكل عام.
ويطرح الاهتمام المصري في هذا الوقت بترحيل العمال "المخالفين" لشروط الإقامة، تساؤلات حول سبب الاهتمام الذي بدأ الإعلام يتناوله بالأرقام، في سياق الحملة الإعلامية الموجهة ضد الرياض لانتقادها موقف القاهرة من الموقف في سوريا.
وبدأت السعودية عدة خطوات وصفها مراقبون بالعقابية كان أبرزها وقف شركة أرامكو النفطية إرسال الشحنات النفطية لمصر لشهرين متتالين.
لكن ملف
العمالة المصرية يبقى من الملفات الحساسة بين الجانبين، لما يمكن أن يلحقه قرار سعودي بإنهاء خدمات أعداد كبيرة من المصريين، وإعادتهم إلى بلادهم من أضرار بالاقتصاد المصري، فهل ترى الرياض في هذا الملف ورقة ضغط على نظام عبدالفتاح
السيسي؟
السلاح الأضعف
المحامي والناشط السياسي المصري عمرو عبدالهادي، قال إن نظام السيسي يسعى من خلال تسليط الضوء على أي مصري يرحل من السعودية لأسباب قانونية، إلى "تشويه صورة السعودية في المحافل الدولية بحجة انتهاك حقوق العمال واستعبادهم".
وأوضح عبدالهادي لـ"
عربي21" أن نظام السيسي يواصل حملته ضد السعودية منذ توتر العلاقات، وعلى الرغم من انخفاض حدتها إلا أنه ما زال يستثمر في بعض الملفات ويمارس التحريض فيها للإساءة للرياض أمام العالم والمنظمات الحقوقية.
وأضاف: "منظمة العفو الدولية طالما انتقدت السعودية والخليج في قضية الكفيل ومخالفة شروط العمل للوافدين، ونظام السيسي يستغل هذه الانتقادات الحقوقية ويظهر أن هناك أزمة ترحيل للعمالة المصرية عنده ليسيء للسعودية أمام المجتمع الدولي".
وأشار عبدالهادي إلى أنه قام ببحث سينشر في كتاب قريبا لحالات الترحيل من السعودية والخليج قبل ثورة يناير 2011 وبعدها وقبل الانقلاب وبعده، وتبين أن حالات الترحيل "تتم بوتيرة واحدة ولم يطرأ عليها تغيير ملحوظ".
وشدد على أن قيام السعودية بترحيل أعداد كبيرة من المصرين "سيخلق لها مشاكل داخلية كبيرة، وهو السلاح الأضعف بسبب وجود 2.5 مليون مصري يعملون فيها، والأمر الآخر أنها لن تستفيد من ترحيل أعداد كبيرة من جالية معظمها مؤيد للرئيس محمد مرسي، وبالمحصلة هم ضد الحكم العسكري ولا يشكلون كتلة موالية للسيسي تضغط عليه في حال فقدوا وظائفهم".
وقال إن السيسي هو من "يمارس الضغط على السعودية من خلال محورين؛ الأول اتهام الوهابية بالإرهاب والتشدد العالمي، والمحور الثاني على الصعيد الداخلي من خلال إظهار السعودية كبلد يحرم شعبه من حقوقه مثل قيادة المرأة للسيارة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستعباد العمالة الوافدة لدفع المنظمات الدولية لإصدار بيانات شجب وتنديد وابتزاز الرياض دوليا".
ورأى عبد الهادي أن السعودية إلى الآن تمارس أقصى درجات الدبلوماسية والهدوء مع السيسي، على الرغم من وجود غضب وشبه قطيعة بين الطرفين.
ولفت إلى أن الرياض فيما لو قررت معاقبة القاهرة، فإنها لن تقترب من ملف العمالة بل ستلجأ إلى تحريك ماكنتها الإعلامية الكبيرة وجيش القنوات الخاصة التي تمولها.
وأضاف: "على سبيل المثال قنوات (إم بي سي) مصر تملك نحو 90% من إعلانات قطاعات عريضة بمصر، وتحريك هذا الملف ضد السيسي سيحدث بلبلة كبيرة".
وأضاف: "لذلك سعت المخابرات المصرية إلى خلق منافس يضاهي هذه المجموعة تحسبا لمثل هذه الظروف، لكنها أخفقت في مجاراة الإعلام المدعوم سعوديا".
وقال إن "التحرك الأكثر خطرا على نظام السيسي هو ضغط السعودية على مجلس التعاون الخليجي لمقاطعة مصر، وهذا ما يمكن أن يجعل السيسي يرضخ لطلبات السعودية".
وشدد على أن السعودية أيقنت أن السيسي لن يكون عونا لمحورها في المنطقة بعد مواقفه التي ظهرت منذ حرب اليمن وحتى اليوم في الملف السوري، لكنها في الوقت ذاته لا تريد خسارة مصر بالكامل؛ لأنها سترتمي بالكامل في أحضان روسيا وإيران بلا شك".