قلّل حقوقيون سوريون من شأن تصويت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة على قانون "حماية المدنيين" في
سوريا، المعروف بقانون "
قيصر"، وذلك نسبة إلى ضابط سوري منشق عن النظام عام 2014 قام بتسريب حوالي 55 ألف صورة لجثث معتقلين تعرضوا للتعذيب لدى النظام.
وكانت الصور قد أثارت ردود فعل غاضبة دوليا، بعد أن تم عرضها في مجلس الشيوخ الأمريكي، فيما وصف حقوقيون سوريون؛ القانون بـ"القاصر"، مبينين أنه وسيلة "سياسية" أقرب منها إلى "القضائية" التي تضمن محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا، وأنه مرتبط بمصالح "واشنطن".
وفي تعليقه على القانون الجديد، قال رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني، إن القانون سلاح بيد الأمريكيين، وليس بيد السوريين، علماً بأنه ضد أعداء الشعب السوري.
وبغية الوقوف على تفاصيل قانون "قيصر"، التقت "
عربي21" المسؤول في "المنظمة السورية للطوارئ"، معاذ مصطفى، أحد القائمين على مشروع القانون في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي قال إن فكرة القانون التي طرحت منذ أكثر من عام، كانت بمثابة التحدي لسياسة البيت الأبيض بقيادة باراك أوباما؛ بخصوص الملف السوري، مضيفاً أن أحد أهم بنود القانون تجبر الإدارة الأمريكية على استخدام المواد التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، في محاكم مستقبلية ضد النظام.
وبيّن أن الإدارة الأمريكية كانت تدعم التوثيق فقط، دون السماح باستخدامه في محاكم ضد نظام بشار الأسد، بمعنى أن هذا التوثيق كان للمستقبل فقط.
وبعد أن أشاد مصطفى بالقانون واصفا إياه بـ"الأول من نوعه" منذ بداية الثورة السورية، قال لـ"
عربي21": "لقد حقق المشروع هدفه الأكبر، وسيجبر هذا القانون البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية، على تشكيل محاكم جنائية خاصة بمحاسبة النظام".
وبحسب مصطفى، فإن القانون سينظر في تطبيق "حظر جوي" في الشمال السوري، من خلال دعوة البيت الأبيض لتقديم دراسة تبحث في ذلك.
وحول توقيت التصويت على القانون في مجلس النواب الأمريكي، يرى المحامي السوري أنور البني، أنه جاء استباقاً من الجمهوريين لوصول إدارة دونالد ترامب إلى السلطة، وذلك بالرغم من انتماء الأخير للحزب ذاته، مبيناً أن غالبية أعضاء الحزب الجمهوري يعتقدون أنه "لا يمكن محاربة تنظيم الدولة بدون محاربة الأسد"، ولذلك هم يحاولون قطع الطريق على ترامب الذي قد لا يلتزم بسياسات الحزب في الملف السوري"، كما قال لـ"
عربي21".
وتابع البني أن الكونغرس يستفيد من ضعف إدارة أوباما الديمقراطية التي تعيش أيامها الأخيرة، فيما اعتبر المسؤول في المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى القانون أنه "تحد من الأعضاء الديمقراطيين لإدارة أوباما الديمقراطية". ومضى قائلاً: "كان من المقرر التصويت عليه في الكونغرس في أيلول/ سبتمر الماضي، لكن تمت عرقلة المشروع من قبل البيت الأبيض، ومن قبل باراك أوباما شخصياً، بمعنى آخر يمكننا اعتبار القانون أنه قانون ديمقراطي".
ويوضح مصطفى أنه "حصل توافق غريب على هذا القانون (داخل مجلس النواب)، فعندما تتحدث إلى الديمقراطيين يقولون إن هذا القرار بهدف تحجيم ترامب، وإذا تحدثت إلى الجمهوريين يقولون الأمر نفسه"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وأوضح أن حصول القانون على موافقة أكثر من ثلثي أعضاء النواب الأمريكي، سيعطي قوة للقانون لدى عرضه على مجلس الشيوخ، مضيفا: "لكننا بحاجة إلى تبنيه من سيناتور جمهوري، وذلك أولاً لخلق نوع من التوازن على اعتبار أن القانون كان مشروعاً ديمقراطياً في الكونغرس، ومن ثم لكي لا تنظر إدارة ترامب له، على أنه قانون عدائي".
من جانب آخر، يشير مصطفى إلى موقف ترامب المعلن من الملف النووي الإيراني، ويقول في هذا الصدد: "إذا وصل القانون لإدارة ترامب بطريقة محجمة، يرى فيها داعماً لرؤيته إلى الملف الإيراني، فسيعود ذلك بفائدة كبيرة على الثورة السورية"، وفق تقديره.
ويأمل مصطفى في أن يصل مشروع القانون بعد موافقة مجلس الشيوخ عليه إلى المكتب الرئاسي الأمريكي، خلال الأسبوعين القادمين، عوضاً عن الانتظار حتى شهر كانون الثاني/ يناير من العام المقبل، أي موعد بعد تولي الإدارة الجديدة السلطة.
بدوره يتساءل البني: "هل سنتمكن من استخدام هذا القانون لتحقيق العدالة في سوريا، أم أنه سيبقى بيد الدول المؤثرة؟"، ليجيب: "هذا رهن بيد القرار السياسي".