كشف الأمير هشام، ابن عم ملك المغرب محمد السادس، أن
المغرب العربي رغم انسجامه فإن استقراره السياسي يبقى هشا وقابلا للانفجار أمام أزمة اقتصادية مفاجئة قد تحرك الشارع خاصة بالمغرب.
وقال الأمير هشام في مقال له بعنوان "المغرب العربي بين السلطوية وأفق التحول الديمقراطي"، والذي نشره بمجلة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية في عددها الصادر هذا الشهر، إن منطقة المغرب العربي لها خاصيات تختلف عن تلك الموجودة بالمشرق العربي، ما يفسر الاستقرار السياسي والانسجام الذي تعيشه، لكن "هذا لا يعني غياب عراقيل وتحديات تصل إلى مستوى القلق بشأن المستقبل".
ولفت الأمير إلى أن استقرار المغرب والجزائر وتونس يبقى هشا وقابلا للانفجار أمام أزمة اقتصادية مفاجئة أو شرارة تشتعل في مكان ما فتحرك الشباب الذي تعلم منذ بداية الربيع العربي أن يصرخ مدافعا عن الخبز والحرية والكرامة، خاصة في المغرب حيث قنوات التعبير كالصحافة المستقلة تشكو من القمع والخنق منذ أكثر من عشر سنوات ومن هجوم صحافة السوء التي تحركها الدولة عن بعد، على حد تعبيره.
الدول المغاربية منسجمة
وأشار ابن عم ملك المغرب أن الدول المغاربية الثلاث قد تظهر للملاحظ الأجنبي وكأنها "دول مختلفة على مستوى نوع النظام الحاكم والاقتصاد والسياسة الخارجية، ولكنها تشكل وحدة منسجمة داخل العالم العربي من حيث ثقافتها ومجتمعاتها وخصائصها الجيوسياسية"، مؤكدا أن "البلدان الثلاثة بنت استقلالها على نموذج ممركز جدا تأثر بالعوامل الجغرافية وبالحقبة الاستعمارية التي خلفت جهازا بيروقراطيا يتحكم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية".
وأوضح الأمير في مقاله أن التنوع العرقي والمذهبي في هذه البلدان "لا يعرف الحدة التي تميز بعض بلدان المشرق العربي، فلا وجود هنا مثلا للاصطدام بين السنة والشيعة مثل ما يحصل في العراق والبحرين، ولا وجود لنظام ديني يتسبب في انقسامات سياسية واختناقات مؤسساتية مثل تلك الموجودة بلبنان". لكن، يضيف الأمير هشام، يبقى سؤال الهوية الأمازيغية بالمغرب والجزائر "مصدر توتر قوي".
اختلاف البوصلة
وأكد أنه "حتى على مستوى الارتباط بالميتروبول الجيو-سياسي، فإن بوصلة دول المغرب العربي – الأمازيغي تتجه نحو باريس، بينما المشرق العربي فنحو لندن وواشنطن، وعليه لم يمزقه الصراع العربي – الإسرائيلي كما يمزق المشرق، لكن هذا لا يمنعه من التموقع في الصراع الإيراني – السعودي، فالمغرب يصطف إلى جانب الرياض في الصراع ضد إيران ومنه اليمن، وتقترب الجزائر من طهران وتحاول تونس الحفاظ على حيادها"، حسب تعبيره.
نظام الحكم
وقارن ابن عم الملك، بين المغرب وتونس والجزائر، وفي توصيف وتحليل نظام السلطة أو الحكم، حيث أثنى "على تونس التي استطاعت القيام بثورة منذ الربيع العربي وحولت برلمانها إلى مؤسسة تشريعية حقيقية تعتبر مثالا لتلك الشعوب أو الدول في العالم العربي التي تريد السير على درب الديمقراطية".
فيما قال عن المغرب إنه يرزح تحت حكم الأسرة العلوية منذ أربعة قرون، "بينما الجزائر تحكمها نخبة متسلطة عسكرية ذات واجهة مدنية"، مضيفا: "ومن ثم فكل نظام له شرعيته، ففي المغرب مصدر الشرعية ذو طبيعة دينية وهو لقب أمير المؤمنين الذي يحمله الملك، أما في الجزائر فالشرعية مصدرها معركة التحرير مع المستعمر الفرنسي ومن يمسكها يمسك السلطة ويحمي الدولة".
الإسلام السياسي
وعن دور
الإسلام السياسي، يؤكد الأمير وجود هذا التيار في البلدان الثلاثة ويبقى استقرار الدولة مرتبطا بقدرتها على تأسيس تسوية ما مع الفاعل ذي المرجعية الدينية.
ويرى الأمير هشام أن الإسلام السياسي بالمغرب "يشوبه التضليل"، معللا ذلك بأن حزب العدالة والتنمية الذي فاز مرة أخرى بالانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يبني أيديولوجيته على الحفاظ على الوضع القائم بدل التغيير، ويدور في فلك الملكية محاولا التغلغل في المؤسسات ولا يجرؤ على مزاحمة الملك في الحقل الديني، على حد وصفه.
في حين، أن الجزائر كادت تصبح محصنة ضد فكر الإسلام السياسي "بفعل الخشية من عودة العنف" الذي عانت منه خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي.
بينما، الإسلام السياسي بتونس (يقصد حزب النهضة الإسلامي) برهن على إمكانية أن يكون جزءا من العملية الديمقراطية بناء واشتغالا، من خلال قدرته على التفاهم والتحالف مع القوى العلمانية والتنازلات التي قدمها عند صياغة الدستور.
المستقبل
إلا أن ابن عم ملك المغرب عاد ليقول في مقاله إن "مستقبل البلدان المغاربية، بفضل رصيدها الثقافي والاجتماعي والجيوسياسي، يبدو أحسن من بلدان المشرق"، معطيا الدليل بتونس التي قال عنها إنها سلكت عن جدارة "طريق الديمقراطية".