نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا عن الاتهام الذي تم توجيهه إلى وزارة الدفاع البريطانية، حول "التضليل" الذي مارسه وزير الأعمال السابق
فينس كيبل، من أجل الحصول على تراخيص لتصدير صواريخ بريطانية الصنع للمملكة العربية
السعودية، بهدف استخدامها في الحرب التي تقودها الرياض في اليمن.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن كيبل صرح خلال حوار أجراه مع "الغارديان" بأن وزارة الدفاع قدمت له بعض الضمانات المتعلقة بمراقبتها للأهداف التي تقصفها المملكة العربية السعودية، والتي اعتبرها بمثابة تعهد أساسي منها بتقليل خطر سقوط ضحايا من المدنيين في هذا "الصراع الدامي".
وأوضح كيبل أن الوزارة قالت له إن المملكة المتحدة ستقوم بتشديد الرقابة على الأهداف التي ستضربها السعودية في اليمن، كما أنها ستشارك في اتخاذ القرارات المتعلقة بهذا الشأن، مضيفا أنه "بناء على ذلك؛ وافق على توقيع تراخيص لشحنة من قنابل بيفواي الرابعة الموجهة بالليزر، التي رفض من قبل تصديرها".
وذكرت الصحيفة أنه ردا على تصريحات وزارة الدفاع البريطانية التي نفت تقديمها أي تأكيدات أو ضمانات لكيبل في السنة الماضية؛ قال كيبيل إنه "تم تضليله وخداعه من خلال تلفيق هذه الأكاذيب".
وقالت "الغارديان" إن مصدرا ثانيا شارك في المفاوضات التي أجرتها وزارة الدفاع مع كيبل؛ أيد أقوال هذا الأخير قائلا إنه "لولا الضمانات التي قدمتها وزارة الدفاع، والتي تفيد أنه ستتم مراقبة أهداف عمليات القصف السعودية؛ لما كان السيد كيبل قد وافق على توقيع التراخيص المتعلقة بتصدير هذه الشحنة من القنابل".
من جانبها؛ قالت وزيرة الخارجية في حكومة الظل العمالية، إميلي ثورنبيري، إنه "لمن المثير للقلق؛ أن نكتشف أن صفقة
بيع الأسلحة البريطانية للسعودية، التي وافق عليها فينس كيبل؛ كانت مبنية على كذبة، ما يقدم لنا مزيدا من الأدلة حول مدى الحد من حصيلة الضحايا المدنيين في الصراع اليمني السعودي، الذي يعد من الأولويات الثانوية للحكومة البريطانية".
وأضافت ثورنبيري أنه "نظرا لتأكيد وزارة الدفاع أنها لا تملك أي سيطرة على أهداف الغارات الجوية السعودية؛ فإن القول بأن المملكة المتحدة تملك قوة نافذة على قوات التحالف؛ يُعد مجرد هراء".
وأشارت الصحيفة إلى أن صفقات بيع الأسلحة البريطانية الصنع للسعودية؛ ظلت تحت المراقبة لعدة أشهر، بسبب الدور الذي كانت تلعبه الرياض في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن، مما دفع الرياض إلى التحالف مع بعض الدول في الشرق الأوسط للتصدي لهجمات المليشيات الحوثية، التي استطاعت في الوقت الراهن السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد.
وأوضحت أن التفجيرات الدموية التي شنتها السعودية في اليمن؛ أثارت مخاوف المجتمع الدولي حول إمكانية استخدام الأسلحة البريطانية في الغارات الجوية التي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين.
وفي السياق ذاته؛ صرحت منظمة الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام؛ أن عدد الهجمات التي شنتها قوات التحالف العربي وصل إلى 119 هجمة، مؤكدة أن القوات انتهكت بهذه الهجمات القانون الدولي الإنساني؛ من خلال استهدافها لعدة مواقع آهلة بالسكان، مثل المستشفيات، والمدارس، والمصانع، والمنازل.
وقالت الصحيفة إنه "نظرا لتفاقم عدد الضحايا المدنيين؛ فقد قام السيد كيبل بتعليق عمليات بيع قنابل بيفواي للقوات الجوية الملكية السعودية، كما أعرب عن عدم موافقته على تمرير مثل هذه الصفقات؛ إلا إذا قدمت وزارة الدفاع البريطانية ضمانات إضافية"، مشيرة إلى أن إيقاف هذه الصفقات أحدث ضجة كبيرة داخل أروقة الحكومة البريطانية.
وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، قد دعا آنذاك نائبه زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نيك كليغ، إلى الاستفسار عن أسباب اتخاذ كيبل لهذه الخطوة، "ووفقا لمصادر من الحكومة البريطانية؛ فقد حاول كل من وزير الدفاع مايكل فالون، ووزير الخارجية فيليب هاموند؛ الضغط على كيبل من أجل استئناف تفعيل هذه الصفقات".
وأوضحت الصحيفة أنه "وفقا لما أفاد به مصدر من الحكومة؛ فإن وزارة الدفاع قد يئست من الحصول على موافقة كيبل على هذه التراخيص، على الرغم من الضغوطات التي مارستها السعودية على الحكومة البريطانية، التي عجزت عن تفسير ما يحصل لها في خضم إداراتها".
وأضاف مصدر آخر أن "السعودية تمتلك مكانة مهمة بالنسبة لبريطانيا، باعتبارها أحد العملاء الاستراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط"، متابعا بأنه "إذا لم تبع المملكة المتحدة هذا النوع من الأسلحة للسعودية؛ فإن جهة أخرى ستقوم بذلك".
ونقلت الصحيفة عن كيبل الذي أعرب عن موافقته على التوقيع على منح تراخيص لتصدير هذه القنابل، قوله إن وزارة الدفاع البريطانية وعدته بتعزيز إشرافها ومراقبتها على المواقع التي ستستهدفها السعودية في المستقبل، وأن تكون لها نفس الصلاحيات الممنوحة للولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف كيبل أن "الهدف الذي كان يرجو تحقيقه من عرقلة صفقة هذه المبيعات؛ هو الحصول على نفس الصلاحيات الممنوحة للولايات المتحدة الأمريكية، التي تشرف على كل الحملات الجوية العسكرية السعودية في اليمن".
وقالت الصحيفة إن "موافقة وزارة الدفاع البريطانية على مزيد الإشراف على الضربات السعودية في اليمن، لا يعني متابعتها لكل المراحل التي تمر بها هذه العملية".
وأضافت أن وزارة الدفاع البريطانية أكدت أنها لا تقوم بتدريب القوات السعودية، ولا تقديم المشورة للقوات العسكرية، وليس لها دور في تحديد سلسلة الأهداف السعودية، وأن الجنود البريطانيين لا يشاركون أيضا في عملية تنفيذ الضربات، ولا يشاركون في عملية صنع القرار المتعلق بالجانب السعودي.
وفي الختام؛ نقلت صحيفة الغارديان عن مديرة تحالف الحد من الأسلحة، آنا ماكدونالد، قولها إن "وزارة الدفاع البريطانية استطاعت على ما يبدو إقناع هذا الوزير، على الرغم من أنه كان عليه عدم الموافقة على توقيع هذه التراخيص المتعلقة بصفقات الأسلحة، نظرا لأن اليمنيين هم الذين يدفعون أرواحهم ثمنا لها".