باتت
تجارة لوحات السيارات ذات الارقام المميزة ظاهرة منتشرة في دول
الخليج وأصبحت المنافسة بين هواة شراء هذه الأرقام شديدة في ظل توجه باعة اللوحات لتسويقها إلكترونيا على نطاق واسع من خلال مواقع متخصصة باللوحات.
وبمتابعة المواقع التي توفر خدمة
مزادات وشراء هذه اللوحات تظهر أسعار تصل إلى عشرات آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تحمل أرقاما تسلسلية متتابعة ورموزا مميزة متناسقة.
ويرى مراقبون أن هذه التجارة تؤدي لمكاسب سريعة للعاملين فيها بسبب الأسعار المرتفعة التي تدفع لقاء شراء اللوحات ولأن زبائن هذا النوع من التجارة هم من الطبقة الغنية القادرة على دفع ثمن لوحة سيارة فقط لأنها تحمل رقما مميزا بالإضافة إلى خطوط الاتصال المهمة التي ينشئها تجار اللوحات مع أصحاب النفوذ ورجال الأعمال.
ولم تعد هذه التجارة تقتصر على الأفراد حيث كانت الجهات المختصة بإصدار هذه اللوحات تمنع إلى وقت قريب التجارة فيها وتتنصل من أي مسؤولية جراء المتاجرة بها بل أصبحت الهيئات الحكومية تشرف على مزادات بيع الأرقام المميزة للوحات السيارات كما يحصل في الإمارات التي تصدر أرقام لوحات مميزة وتقوم بإجراء مزادات رسمية لبيعها بأعلى الأسعار.
ولعل أكثر الأسواق العربية التي تتعامل مع هذا النوع من التجارة هي الأسواق الخليجية ويرجع ذلك لقدرتها المالية على دفع أثمان مرتفعة لمثل هذا النوع من السلع.
ولعل أحدث قصص بيع اللوحات المميزة بأسعار مرتفعة ما شهدته دبي حين اشترى شخص يحمل الجنسية الهندية لوحة سيارة خاصة بإمارة دبي تحمل الرقم 5 بمبلغ 33 مليون درهم إماراتي في مزاد نظمته هيئة الطرق والمواصلات بدبي الشهر الماضي.
وبالاطلاع على الصفحات التي تعرض لوحات السيارات تجد أن أذواق الزبائن تجاه الأرقام مختلفة وسبب طلب أرقام معينة يعود لارتباط هذا الرقم بخصوصيات الأشخاص.
أرقام لأعياد الميلاد
ويلجأ بعض الزبائن لطلب أرقام لوحات تحمل ذات الأرقام الخاصة بـ"موديل السيارة" أما البعض الآخر فيطلب أرقاما لسيارته تشبه تاريخ عيد ميلاده.
ويختلف زبائن اللوحات أيضا في عدد الخانات المطلوبة فتجد البعض يفضل رقم لوحة من خانتين بينما يفضل آخرون 4 خانات بشرط أن تكون متسلسلة ومتشابهة حتى تتناسق مع الشكل العام للسيارة.
الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أوضح أن هذا النوع من أنواع التجارة يهدف إلى الكسب السريع وهو يسود في المجتمعات الاستهلاكية ومن يقبل عليه هم أبناء الطبقة المقتدرة.
وأوضح لـ"عربي"21 أن حالة البطالة ونقص فرص العمل التي يعاني منها الشباب العربي أجبرهم على شق أشكال جديدة من التجارة من أجل تحصيل الرزق وفي الوقت ذاته هو شكل من أشكال الهواية بالبحث عن الأمور المميزة والنادرة مثل أرقام سيارات تسلسلية بعيدا عن الشكل النمطي للوحات كثيرة الأرقام.
واعتبر أن إقبال فئة الشباب على ممارسة هذه التجارة يحمل أيضا نوعا من محاولة التميز في شكل جديد من أشكال التجارة خاصة عبر استخدام وسائل التواصل الجديدة التي سهلت الوصول إلى الزبائن وعرض السلعة وحتى قيام بعض تجار اللوحات بإنشاء مواقع خاصة من أجل عمليات المزاودة والبيع والشراء بأسعار خيالية.
لكن عبد الكريم ذهب إلى اعتبار هذا النوع من أنواع التجارة ضارا من ناحية أنه يؤثر على الطاقة الانتجاية للشباب ويدفع للخمول بعيدا عن الطاقة الانتاجية المبدعة في التجارة والتي تعتمد على العمل المتواصل لتحقيق الأرباح.
وأضاف: "أي نشاط تجاري لا يولد قيمة مضافة فهو تكرار لنفسه وهذا النوع من التجارة هو حكر على طبقة معينة تستطيع دفع أثمان كبيرة مقابل مجرد أرقام".
وأشار إلى هذا النمط من التجارة تحول إلى نشاط اجتماعي طبقي أكثر منه نشاطا اقتصاديا.
ورأى أن على الحكومات إن كانت هذه التجارة تجري بعيدا عن أعينها أن تتدخل لمنعها لأن نواتج هذه التجارة تفوت على خزائن الدول أموالا طائلة إذ تصدر الحكومات هذه اللوحات وتبيعها بأسعار عادية لأصحاب السيارات لكن عمليات التجارة الفردية التي تتم لاحقا لا تعود على الدول بشيء.