في الوقت الذي تجتمع فيه منظمة "
أوبك" في فيينا الشهر المقبل لبحث خفض إنتاجها
النفطي، تشير مناسبة أقل بروزا تستضيفها بغداد في اليوم ذاته إلى طموح
العراق للقيام بنقيض ذلك تماما في المدى الطويل.
الـ30 من تشرين الثاني/نوفمبر هو موعد اجتماع وزراء "أوبك" في العاصمة النمساوية، وهو أيضا الموعد النهائي الذي وضعه وزير النفط العراقي جبار على اللعيبي للشركات العالمية لتقديم عروضها للمساهمة في تطوير 12 حقلا نفطيا صغيرا ومتوسطا.
ويرتفع بالفعل إنتاج النفط في العراق ثاني أكبر منتجي "أوبك" بشكل كبير رغم الفساد وضعف البنية التحتية والحرب ضد تنظيم الدولة. ويعقد هذا جهود أوبك لإنعاش الأسعار عبر القيام بأول خفض للإنتاج منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
ومن المفترض أن يقرر وزراء منظمة الدول المصدرة للبترول في فيينا أي الدول الأعضاء خفض إنتاجه بموجب اتفاق طارئ تم التوصل إليه الشهر الماضي.
وقال العراق إنه لن يخفض إنتاجه النفطي لأنه يحتاج إلى المال لمحاربة تنظيم الدولة، وقدم رئيس الوزراء حيدر العبادي دعما محدودا للغاية أمس الثلاثاء حيث قال: "نحن مستعدون للتعاون على الأسس الصحيحة، نرغب في زيادة أسعار النفط".
وتقل أسعار النفط البالغة نحو 50 دولارا للبرميل عن نصف مستوياتها منتصف 2014 وتسعى "أوبك" إلى التوصل لاتفاق بشأن الإنتاج يسري لمدة ستة أشهر على الأقل.
ويستغرق تطوير الحقول النفطية العراقية الإثني عشر الواقعة في مناطق بجنوب ووسط البلاد بعيدا عن معاقل تنظيم الدولة أكثر من ذلك. ومع ذلك فإن باقي أعضاء "أوبك" والمنتجين المنافسين لا يحتاجون سوى لقراءة شروط العطاء الجديد لاستيعاب نوايا بغداد.
تضع وثيقة العطاء تحقيق زيادة سريعة في الإنتاج كمطلب رئيسي للفوز بالعقود. وترغب بغداد في الحد الأقصى من الإيرادات بما في ذلك تلك الناجمة عن بيع الغاز المنبعث كمنتج ثانوي لاستخراج الخام بدلا من حرقه.
وبعد تحقيق الإنتاج التجاري في المرحلة الأولى من التطوير تقول وثيقة وزارة النفط إنه في المرحلة الثانية سيجرى تحقيق ارتفاع مستدام للإنتاج بجانب الاستفادة الكاملة من الغاز المصاحب.
وباحتياطيات نفطية تبلغ 143 مليار برميل فإن العراق يتحكم بنحو عشر كل النفط في باطن الأرض بأنحاء العالم.
وبعيدا عن المشكلات الأمنية فإن النفط العراقي رخيص وسهل الاستخراج كما هو الحال في السعودية وإيران لكن قطاع الطاقة العراقي يعاني من عقود اتسمت بضعف الاستثمار تحت حكم صدام حسين الذي أطاح به غزو قادته الولايات المتحدة في 2003.
ومنذ ذلك الحين وقع العراق اتفاقات مع شركات نفط كبرى مثل إكسون موبيل وبي.بي ورويال داتش شل لتطوير حقوله العملاقة. وزاد إنتاج العراق إلى نحو المثلين ليبلغ 4.7 ملايين برميل يوميا هذا العام مقارنة مع 2.4 مليون برميل يوميا في بداية العقد.
لكن النمو تخلف عن التوقعات الأولية بأن يصل الإنتاج إلى 9 ملايين برميل يوميا بحلول 2018 وهو ما يقرب من إنتاج السعودية. وأعاقت البيروقراطية ونقص البنية الأساسية وشروط العقود الصعبة نمو إنتاج العراق الذي يستهدف حاليا مستوى أكثر تواضعا عند 5.5 إلى 6 ملايين برميل يوميا بحلول 2020.
وقال مسؤول كبير بشركة نفط الجنوب الحكومية إن وزارة النفط في عجلة من أمرها. وأضاف أن خطة اللعيبي تتمثل في زيادة الإنتاج بأسرع وقت ممكن لتخفيف الأضرار الناجمة عن انخفاض الأسعار وتوليد مزيد من الإيرادات والحصول على خام إضافي للدفع للمقاولين.
وهناك سبب آخر للدفع نحو تطوير حقول أصغر يتمثل في تعثر المحادثات مع شركات النفط الكبرى بشأن مراجعة عقودها الخاصة بتشغيل الحقول العملاقة في جنوب العراق. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: "لا يمكننا إضاعة الوقت والتحرك في حلقات مفرغة في هذه المحادثات الصعبة".
وبموجب عقود خدمة أرسيت منذ 2003 تدفع وزارة النفط رسوما مقومة بالدولار لشركات إنتاج النفط مقابل كل برميل يجري إنتاجه. وفي حين كان هذا النموذج جيدا بالنسبة لبغداد عندما كانت أسعار النفط مرتفعة فإنها تدفع حاليا نفس الرسوم في وقت تراجعت فيه إيرادات مبيعات النفط بشكل كبير.