قبلت محكمة النقض
المصرية، في الفترة الأخيرة، عددا كبيرا من الطعون التي تقدم بها قيادات وأعضاء في جماعة
الإخوان المسلمين، وألغت الأحكام القاسية التي أصدرتها ضدهم محاكم الدرجة الأولى.
وفي جميع القضايا التي ألغت محكمة النقض أحكامها؛ قالت في حيثيات قراراتها إن "الأدلة لم تكن كافية لإدانة المتهمين ومعاقبتهم بالإعدام والمؤبد"، كما أن "إجراءات
المحاكمات غير صحيحة".
المحاكمات العسكرية هي الحل
وأثار إلغاء أحكام الإعدام والسجن المؤبد في حق قيادات إخوانية؛ سخط كثير من مؤيدي نظام الانقلاب الذين أبدوا غضبهم من عودة المحاكمات إلى نقطة البداية، بعد أكثر من ثلاث سنوات من بدء النظر فيها أمام محاكم الجنايات.
ومنذ بداية الأسبوع الجاري؛ ازدادت مطالب الإعلاميين ونواب البرلمان بإحالة قضايا الإرهاب -المتهم فيها الإخوان- إلى المحاكم العسكرية، بحجة تسريع الإجراءات للوصول إلى أحكام نهائية ضد قادة الجماعة، بعيدا عن
القضاء المدني "البطيء" و"غير المنجز".
وبحسب مراقبين؛ فإن هذه الدعوات تتعارض مع الدستور المستفتى عليه في كانون الثاني/يناير 2014، والذي يحظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة.
وتصل مدة النظر في بعض القضايا الجنائية في القضاء المدني؛ إلى أكثر من أربع سنوات قبل صدور الحكم النهائي البات، حيث يحق للمتهمين الطعن على الأحكام مرة أمام محكمة الاستئناف، ومرة ثانية أمام محكمة النقض.
قائمة طويلة من الطعون المقبولة
وأوصت نيابة النقض، اليوم الثلاثاء بإعادة المحاكمة في قضية "التخابر مع حماس"، التي حكم فيها في حزيران/ يونيو 2015 بالمؤبد على الرئيس محمد مرسي وإعدام عدد من قيادات الإخوان بينهم المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر.
كما أوصت نيابة النقض يوم الثلاثاء الماضي بقبول الطعون على أحكام الإعدام الصادرة في تموز/ يوليو 2015 على الرئيس الشرعي محمد مرسي وعدد من قيادات الإخوان في قضية "اقتحام سجن وادي النطرون".
ونظرت محكمة النقض اليوم الثلاثاء الطعون في قضية "التخابر مع قطر" وقررت تأجيلها إلى 22 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
كما قضت محكمة النقض يوم السبت الماضي، بقبول الطعن في قضية أحداث مسجد الاستقامة الصادر فيها أحكام في آب/ أغسطس 2014 بالإعدام على مرشد "الإخوان"، والقيادي بالجماعة محمد البلتاجي، والداعية صفوت حجازي، وأمرت بإعادة المحاكمة.
وألغت محكمة النقض في 3 شباط/ فبراير الماضي حكم الجنايات بإعدام 149 متهما في قضية "اقتحام قسم شرطة كرداسة"، كما ألغت في الشهر ذاته الحكم في قضية "خلية الماريوت" بمعاقبة بسجن صحفيين مصريين وأجانب سبع سنوات.
وكانت محكمة "النقض" قد ألغت يوم 3 كانون الأول/ ديسمبر الماضي الأحكام الصادرة في قضية "غرفة عمليات رابعة".
وتنظر محكمة النقض غدا الأربعاء الطعن المقدم في قضية "قطع طريق قليوب" الصادر فيها أحكام في تموز/ يوليو 2014 بالإعدام على 10 من قيادات الإخوان، والمؤبد على 37 آخرين بينهم المرشد محمد بديع، كما تنظر النقض طعونا أخرى مقدمة على الأحكام الصادرة على الرئيس الشرعي محمد مرسي، في قضية "اقتحام سجن وادي النطرون" التي حُكم عليه فيها بالإعدام.
ولم تؤيد "النقض" سوى قضية واحدة فقط ضد الرئيس مرسي؛ هي قضية الاتحادية التي صدر فيها حكم نهائي عليه وعلى ثمانية من مساعديه وقيادات في "الإخوان" بالسجن لمدة 20 عاما.
تحرك برلماني لتعديل القانون
وفي سياق ذي صلة؛ أعلن النائب في برلمان الانقلاب، الصحفي مصطفى بكري، أن اللجنة التشريعية بالبرلمان ستعقد يوم السبت المقبل جلسة لمناقشة التوصل إلى صيغة لمشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية.
وأضاف بكري، في مداخلة مع برنامج "الحياة اليوم" على قناة "الحياة" مساء الأحد الماضي، أن الهدف من القانون الجديد هو الإسراع في محاكمة "الإرهابيين"، في إشارة إلى أعضاء جماعة الإخوان التي يعتبرها النظام الانقلابي "جماعة إرهابية"، مضيفا أن "القانون الحالي لا يحقق العدالة الناجزة التي ترضي المصريين وتحقق القصاص".
من جانبه؛ قال اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن "تكرار حوادث الاغتيال للشخصيات العامة من قِبل الجماعات الإرهابية؛ سببه المماطلة في محاكمات قيادات وعناصر الإخوان، مراعاة للمجتمع الدولي" على حد تعبيره.
وأضاف بخيت، في تصريحات صحفية مساء الأحد الماضي، أن "عناصر الجماعات الإرهابية لا يجدون رادعا قويا لهم بسبب المحاكمات الطويلة"، مطالبا بـ"سرعة إصدار الأحكام النهائية في قضايا الإرهاب، وتطبيق أحكام الإعدام على قيادات الإخوان، وعدم مراعاة البعد الإنساني في التعامل مع هؤلاء الإرهابيين".
صفقة مع النظام؟!
ومع كل عملية تستهدف ضباط الجيش أو الشرطة، أو كل أزمة تمر بها البلاد؛ تسارع وسائل الإعلام المؤيدة للنظام بانتقاد تأخر أحكام الإعدام على أعضاء "الإخوان".
وكتب الصحفي دندراوي الهواري مقالا في صحيفة "اليوم السابع" الخميس الماضي، ألمح فيه إلى وجود صفقة بين النظام وبين "الإخوان" تقضي بعدم تثبيت الأحكام الصادرة بحق قيادات الجماعة، مؤكدا أن هناك "شيئا خطأ يحدث خلف الكواليس، وغير مفهومة أسبابه".
ووصف قرارات محكمة النقض بأنها "تمثل موسم إسقاط أحكام الإعدام ضد الإرهابيين والخونة، وعودة إلى المربع صفر؛ بعد استمرار فصول المحاكمة لثلاث سنوات"، مؤكدا أن "هذه الممارسات تشيع اليأس والإحباط بين أنصار النظام".
بدوره؛ استغل الإعلامي أحمد موسى حادث اغتيال العميد عادل رجائي، قائد الفرقة التاسعة المدرعة في الجيش المصري، وقاد حملة لمحاكمة قيادات "الإخوان" أمام القضاء العسكري.
ودشن موسى يوم السبت الماضي "هاشتاج" بعنوان
#نعم_للمحاكمات_العسكرية، مطالبا بتعديل الدستور للسماح بمحاكمة الإخوان عسكريا.