حملت الإطلالات الإعلامية الأخيرة للقيادي المفصول من حركة
فتح محمد
دحلان جملة من التهديدات التي أطلقها تجاه رئيس
السلطة الفلسطينية محمود
عباس وعدد من قيادات الحركة المؤيدين له.
وأثارت التهديدات التي تكررت في أكثر من لقاء تساؤلات مراقبين حول جديتها وهدف دحلان منها في هذا التوقيت الذي يظهر أن دولا إقليمية تدفع باتجاه تصدر دحلان للمشهد وتحضيره لخلافة عباس.
وقال دحلان في لقائه مع قناة "بي بي سي" البريطانية إنه "لن يتسامح مع كل من شارك وساهم ونافق لتدمير حركة فتح والنظام السياسي الفلسطيني الذي سيعاد بناؤه شاء من شاء وأبى من أبى".
وكرر دحلان التحذيرات لعباس والقيادات المؤيدة له في حواره مع قناة دريم والإعلامي المصري وائل الإبراشي حين قال: "لن نسمح لأحد أن يضعنا في مستقبل مجهول واعتقاد البعض بقدرته على فرض أمر واقع أمر لن يسمح به أبناء حركة فتح".
فما هي الوسائل التي سيلجأ إليها دحلان لمنع عباس من الاستمرار في تنفيذ سياسته داخل حركة فتح في ظل رفض عباس مبادرة الرباعية العربية للتصالح مع دحلان وإعادة لملمة البيت الفتحاوي الذي صدعته الخلافات؟
قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام أبو عفيفة إن دحلان يدير حربا نفسية ضد عباس ويحاول تقديم نفسه على أنه المستقبل لحركة فتح والقائد الشبابي الذي يمتلك رؤية ويحرز الأهداف وليس العجوز الثمانيني الذي يقود فتح ولا يستطيع تحقيق مكاسب لها.
وأوضح أبو عفيفة لـ"
عربي21" أن تيارات حركة فتح لجأت في السابق إلى حمل السلاح ضد بعضها البعض لتصفية خلافاتها والتهديدات التي يطلقها دحلان ضد أبو مازن وتياره الذي يعرف الأخير أنه قادر على تنفيذها.
ورأى بأن تهديدات دحلان ربما تبعث برسالة أخرى لقيادات فتح المؤيدة لعباس بأن عليكم "القفز من السفينة مبكرا لأنني قادم وأن كل من سيبقى بعد رحيل عباس سيندم على عدم اللحاق بي مبكرا".
وأوضح أن الصراع بين عباس ودحلان الآن دخل مرحلة كسر العظم، فعباس من جانبه هدد بقطع العلاقات مع الأطراف التي تمد يدها إلى دحلان والأخير في المقابل يهدد كل من يبقى في سفينة عباس الذي كان في يوم من الأيام حليفه بمواجهة زعيم الحركة الراحل ياسر عرفات.
واعتبر أبو عفيفة أن عباس سيسعى بكافة السبل وعبر القيادات الكبيرة التي يتوعدها دحلان إلى قطع الطريق أمام مؤيديه لعدم الاقتراب من مؤسسات الحركة التي يسيطر عليها حتى الآن، مشيرا إلى أن عباس ربما يلجأ لتجميد المؤتمر السابع للحركة خوفا مؤيدي دحلان.
لكن أبو عفيفة قال إن دحلان على الرغم من سيل التهديدات التي يطلقها بحق عباس إلا أن موقفه يشوبه الضغف، حيث إن مؤيديه في الضفة الغربية ليسوا بكثر، وغزة التي تمثل معقلا مهما له ليست بيده ولديه مشكلة كبيرة فيها مع حركة حماس، مؤكدا أن الشهور القادمة ستكون حافلة في منحنى الصراع بين الطرفين.
واعتبر أن دحلان الآن يراهن على الدعم الإقليمي المقدم له من قبل الرباعية العربية وخاصة الأردن التي التقى فيها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ومصر التي وفرت له منصة إعلامية من أجل الهجوم على عباس.
تصعيد فتحاوي سلمي
من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي وعضو المجلس الوطني الفلسطيني حمادة فراعنة أن تهديدات دحلان ليست أكثر من تصعيد سياسي ضد عباس.
وقال فراعنة لـ"
عربي21" إن هجوم دحلان في المقابلات الأخيرة عبر الفضائيات تصعيد تنظيمي سيبقى في إطاره الكلامي وداخل تيارات الحركة ولن يتطور لاستخدام "وسائل غير سلمية".
ورأى فراعنة أن الخلاف بين عباس ودحلان "ليس أكثر من خلاف شخصي وليس سياسيا، وإلا لما وصلت الأمور بينهما إلى مراحل صعود وهبوط ومحاولة التوصل إلى مصالحة برعاية عربية" على حد وصفه.
وأضاف: "لكن بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح يستغلون الخلافات بين الطرفين من أجل مصالحهم الشخصية وبالمحصلة الحركة بمجملها هي الخاسرة".
وحول تصدر دحلان للمشهد والحديث عن تحضيره لزعامة السلطة، قال فراعنة إن دحلان "لا يملك أن يكون بديلا لعباس ولا يستطيع أي طرف عربي خاصة الرباعية العربية فرضه على حركة فتح وتسلميه السلطة"، لكنه أشار إلى وجود "مشكلة حقيقية داخل فتح".
يذكر أن دحلان قال في لقاءاته الأخيرة عبر الفضائيات إن عباس رفض العرض المقدم من قبل الرباعية العربية بإجراء مصالحة داخلية بين أجنحة حركة فتح بعد أن أبدى موافقته على الحضور إلى القاهرة من أجل المصالحة.
ولفت دحلان إلى أن تسعة وفود عربية زارته والتقت معه ومع القيادي في حركة فتح سمير المشهراوي المفصول من فتح أيضا ورتبوا لإجراء المصالحة مع عباس، إلا أن الأخير رفض في اللحظة الأخيرة.