أكدت تقارير إعلامية
مصرية وعربية وعالمية عدة، في الساعات الأخيرة، أن رئيس الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، تلقى تقارير من أجهزة المخابرات التابعة له، تحذره أشدَّ التحذير من اتخاذ أي قرارات مما وصفتها بأنها "صعبة" في خطبه الأخيرة، وتتعلق بزيادة
أسعار وقود وسلع وخدمات، ورفع الدعم عنها، في الأسابيع الثلاثة المقبلة، وحتى مرور يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، الذي دعا معارضون له إلى الخروج فيه بمظاهرات ضده، تحت اسم "ثورة الغلابة".
رئيس الوزراء يخرج بخطاب ناعم
وعلى العكس من الخطاب الغليظ الذي كان السيسي ورئيس وزرائه، شريف إسماعيل، يواجهان به الشعب المصري، خلال الفترة الماضية، وأحدثها حوار "عنق الزجاجة" للسيسي مع رؤساء تحرير الصحف القومية، خرج شريف إسماعيل، مساء الثلاثاء، بخطاب ناعم، قيل إنه بإيعاز من المخابرات، عقب لقائه عددا من خبراء الاقتصاد، ليصرح بأن المستقبل "جيد وممتاز في المرحلة المقبلة".
وأضاف إسماعيل، في تصريحاته الصحفية، من مقر مجلس الوزراء، أن الفترة الحالية تشهد مشكلة اقتصادية، جار حلها والتعامل معها بمنتهى الجدية، مؤكدا أن "الحكومة لن تناور، ونتعامل بكل جدية، وسنصرف على خدمات المواطن من التعليم والصحة والصرف الصحي والخدمات".
وشدَّد على أنه سيكون هناك خدمات للمواطنين على الطرق الجديدة التي يتم افتتاحها، والاهتمام بالانتقال خارج الوادي الضيق، وإنشاء طرق جديدة يصاحبها خدمات، بحسب وعوده.
"النبأ": تقارير سيادية تحذر السيسي
وبينما تتحفز الأجهزة الأمنية؛ استعدادا للمظاهرات المتوقع خروجها في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ احتجاجا على ارتفاع الأسعار، وتردي الأحوال المعيشية، تحدثت الصحف المصرية عن تقارير "سيادية" (مخابراتية) تحذر السيسي من القرارات الاقتصادية قبل مظاهرات 11/11.
وقالت صحيفة "النبأ" الأسبوعية، في عددها الصادر هذا الأسبوع، إنها حصلت على معلومات حصرية تفيد بأن الأجهزة الأمنية رفعت تقارير للسيسي، تحذره من اتخاذ أي قرارات لها علاقة بالجماهير في الفترة الراهنة، لا سيما ما يتعلق بـ"تعويم الجنيه"، أو رفع الدعم عن المنتجات البترولية.
ونقلت "النبأ" عن مصادر -لم تسمّها- قولها إن الأجهزة الأمنية طالبت السيسي بالتريث في اتخاذ قرار تعويم الجنيه، تنفيذا لشروط البنك الدولي، قبل فاعليات "11/11"، أو ما يعرف بـ"ثورة الغلابة"؛ حتى لا يتسبب القرار في زيادة منسوب الغضب لدى الجماهير، خاصة الفقراء، لا سيما مع التوقعات بارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وعدم قدرة الحكومة على السيطرة عليها.
وبحسب المصادر، فإن السيسي يستجيب جيدا لتلك النصائح الأمنية، رغم أنه سبق له أن أعلن أنه لن يخاف من ردود الفعل، ولن يتراجع عما وصفه بـ"الإصلاح الجريء" كما تراجع الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
"الأخبار": تقرير "مفزع" على مكتب السيسي
وغير بعيد عن تقرير صحيفة "النبأ" المصرية، ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، الثلاثاء، تحت العنوان السابق، أنه للمرة الأولى منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى كرسي الرئاسة في مصر، يتسلم فيها تقريرا يؤكد انهيار شعبيته، ويحذره من "خطر ثورة شعبية"، راصدا للمرة الأولى تراجعا في شعبيته إلى أقل من 50%.
وقالت الصحيفة إن التقرير، الذي قُدّم على صورة "تقدير موقف" نهاية الأسبوع الماضي، حذّر بالاسم من "ثورة جياع" إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في الانحدار خلال الأشهر المقبلة.
ونقلت "الأخبار" اللبنانية عن مصادر لم تسمها أن الرئاسة (المصرية) ترصد من الآن أي تحركات قريبة في الشارع خلال 25 كانون الثاني (يناير) المقبل، من دون التقليل من أهمية مظاهرات "11 نوفمبر"، التي لم يتبنها أي حزب بعد.
ووفق المصادر، شارك في إعداد التقرير: المخابرات العامة، والمخابرات الحربية، وجهاز "الأمن الوطني"، ثم رفع إلى مستشار السيسي للأمن، أحمد جمال الدين، الذي قدّم ملخصا عنه إلى السيسي.
وشمل الملخص توصية بضرورة إرجاء أو إلغاء -إن أمكن- أي زيادات مرتقبة في الأسعار، فضلا عن إجراء تعديل حكومي في أقرب فرصة، وأن يستمر السيسي في التحدث عبر وسائل الإعلام؛ لشرح الحقائق للمواطنين.
"ميدل إيست أي": فيديو سائق "التوك توك" إعصار
وعلى مستوى الإعلام الغربي، حذرت تقارير عدة من تزايد الغضب الشعبي في مصر، مؤكدة أن نذر ثورة قادمة تلوح في الطريق.
وسلط موقع "ميدل إيست أي" البريطاني الضوء على فيديو سائق "التوك توك"، الذي أذيع أخيرا، مشيرا إلى أن سائق "التوك توك" لخص في ثلاث دقائق معاناة المصريين من الأزمات التي يواجهونها في ظل حكم السيسي.
وذكر الموقع أن الفيديو حقق مشاهدات مليونية على موقع "يوتيوب"، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع الدعوات المستمرة للنزول في تظاهرات 11/11، المناهضة للحكومة، التي تعرف باسم "ثورة الغلابة"، منبها إلى أن فيديو سائق التوك توك تحول إلى إعصار يهدد النظام.
فرانس 24: مفاجأة تنتظر نظام السيسي
وفي السياق نفسه، قال موقع قناة "فرانس 24" إنه على الرغم من سيطرة الحكومة المصرية على المعارضة بقبضة من حديد، إلا أن بعض المصريين يأبون أن ينصاعوا إلى تلك التحكمات، فيلجأون إلى إجراءات عنيفة؛ للتعبير عن إحباطهم وغضبهم من نقص الطعام، وتزايد معدلات التضخم بشكل قياسي، الأمر الذي جعلهم يستغنون عن بعض من ضروريات الحياة؛ لندرة تواجدها.
وأشارت "فرانس24" إلى حادثة الشاب المصري "أشرف محمد شاهين"، الذي قام بإشعال النار في نفسه، بعد انتقاد سياسات الحكومة، والوضع الاقتصادي المتدهور، لتنتشر بعد ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي "#بوعزيزي_المصري"، في إشارة واضحة لـ"محمد البو عزيزي"، الذي يعدّه البعض مفجر الثورة التونسية.
تداعيات أخطر مقال في عهد السيسي
وغير بعيد عن هذا الزخم الخارجي، داخليا، كتب الرئيس السابق للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الموالي سابقا للسيسي، محمد أبو الغار، معلقا على مقال آخر لمحمد أبو الغيط، بجريدة "المصري اليوم"، قال إنه أثار الحزن والأسى على حال مصر، الآخذ في التدهور بطريقة مخيفة جعلته لا ينام يومين.
وأضاف أبو الغار أن المقال مبني على حقائق مطبوعة في كتاب نشره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وهي جهة سيادية مصرية، وهناك احتمال أن تقضي هذه المقالة على مستقبل الجهاز؛ لأن الدولة (يقصد نظام حكم السيسي) قد تذبح الجهاز بالكامل؛ لأنه أحرجها.
ويقول التقرير ببساطة إن من يعيش على أرض مصر، وقادر على أن يتعلم على الأقل في مدرسة حكومية، ويأكل وجبة صحية، ولا يعاني من سوء التغذية، وقادر على إيجاد فرصة عمل، هم فقط 15% من مئة مليون مصري. والباقي 85% يعيش على الكفاف، ونسبة الأمية فيه مرتفعة، ويعاني من التقزم والأنيميا وضعف القدرات الذهنية؛ بسبب ضعف التغذية.
وأقر أبو الغار بأن "الوحيدين القادرين على إقناع هؤلاء (ال85%) بشيء هم الإخوان المسلمون والسلفيون، مشددا على أن "الدولة (نظام الحكم) مرعوبة من هؤلاء الـ85%، الذين إذا ثاروا وانفجروا، فلن يكون لهم مطالب سياسية أو حتى مادية، إنهم سيخرجون للانتقام، وهناك مخاطر رهيبة على مصر ومستقبلها إذا حدث هذا.
وتابع أبو الغار: "أعتقد أن حديث الرئيس (يقصد السيسي) عن انتشار الجيش في 6 ساعات هو موجه للـ85%، ولكن السيسي لا يعلم أن مشاكلهم وطريقة حياتهم تجعلهم لا يستمعون إلى خطبه، ولا يعرفون عنها شيئا".
وعن الحل، قال أبو الغار إنه حل وحيد، وهو أن يتصالح السيسي مع الـ15%، ويخرج المحبوسين احتياطيا، ويتصالح مع جميع الغاضبين منه من رجال الأعمال الكبار إلى الصغار، ومن المهنيين إلى الحرفيين والكتاب والشباب بكافة أطيافه، ويتحدث معهم، ويتفقون على بداية ديمقراطية، ويتداولون الأفكار، ويسألون الخبراء: كيف نهبط بمعدل النسل، ونبدأ في الابتكار في حل مشكلة الـ85%؟ ولتكن خطة حقيقية تنفذ على مدى سنوات طويلة، بحسب رأيه.