نبه خبير في علم نفس إلى ظاهرة ابتعاد المراهقين عن الوالدين، وتداعيات ذلك على العلاقة بينهم، مستعرضا بعض الحلول لهذه المشاكل.
وفي هذا السياق، ينقل موقع "هافنغون بوست" بالإنجليزية في تقرير ترجمته "
عربي21"، عن خبير
علم النفس جوشوا كولمان، أن هذه الظاهرة أصبحت وباء صامتا تفشّى في كامل المجتمعات، وجاء نتاجا لعدة تحولات اجتماعية شهدها العالم في السنوات الخمسين الماضية.
ويعاني الكثير من الآباء والأمهات من مشكلة عدم قضائهم لكثير من الوقت مع أبنائهم ومن قلة التواصل بينهم، كما أنهم يشتكون من عدم قدرتهم على فهم الأسباب الكامنة وراء ابتعاد أبنائهم المتواصل عنهم.
وأضاف كولمان أن العائلات قد شهدت تحولات جوهرية خلال الستينيات من القرن الماضي، عندما أصبح الأطفال محورا أساسيا لبناء أي أسرة، حيث أن أغلب الآباء والأمهات ينشغلون فقط بتقييم سلوك أبنائهم، ما إذا كان سيئا أو جيدا، متجاهلين ضرورة التفاوض والحوار معهم. كما ألمح كولمان إلى تداعيات انتشار ظاهرة الطلاق على العلاقة بين الوالدين والأبناء أو حتى الكبار منهم، والتي تصبح مشحونة بالتوتر والفتور.
وأشار الموقع إلى أن عدم ردّ الأبناء على مكالمات والديهم وتخصيصهم لوقت أطول للأصدقاء بدلا من
العائلة، وعدم إخبار الوالدين عن المشاكل والمصاعب التي يواجهونها، وعدم إعارتهم اهتماما لتعليقاتهم، ليست إلا مؤشرات واضحة تدل على وجود خلاف عميق بين هذين الطرفين؛ يستوجب تدخلا وتفاعلا سريعا من طرف العائلة لتداركه.
وأفاد الموقع أنه يجب على الآباء تقييم دورهم ومعرفة ما يمكنهم القيام به لإنشاء علاقة أفضل مع أبنائهم، من خلال تجنب القيام بالعديد من التصرفات التي من الممكن أن يساء فهمها من قبل أولادهم وتثير قلقهم.
ويجب على الآباء تجنب ملاحقة أبنائهم بالمكالمات والمراسلات المتكررة؛ لأن ذلك يُعتبر شبيها بنظام المطاردة بالنسبة للأبناء، ولذلك يجب أن يسأل الآباء أبناءهم عن الوقت الذي يفضلونه للاتصال بهم، كما يجب عليهم أن يحترموا قرارات الأبناء ورغباتهم.
وأضاف كولمان أنه يُفضّل أن يتجنب الآباء تسجيل عدد المرات التي يخرج فيها أبناؤهم مع الآخرين أو محاسبتهم، وبدلا من ذلك يُفضل أن يقوموا بتحديد خطة قصيرة للقاءات محددة ودائمة، مثل تناول الغداء يوم الأحد معا أو الخروج ليلة الجمعة لتناول العشاء معا.
ونبه كولمان إلى أن الأبناء لا يحبذون تطفل الوالدين المتواصل حول بعض المواضيع الشخصية بالنسبة لهم، والأسئلة الكثيرة التي تربكهم. ولذلك، لتجنب الوقوع في خلاف معهم، ينبغي عدم تقديم المشورة والنصائح والتعليمات غير المرغوب فيها. فإن أخبرك ابنك بأنه قام بتقديم طلب للحصول على وظيفة جديدة في شركة، يجب الاكتفاء بسؤاله ببساطة عن بعض تفاصيل تلك الوظيفة.
وأوضح الموقع أنه يجب على الآباء تجنب الانتقادات التي تحبط من عزيمة أبنائهم؛ لأن معظم الأبناء يفضلون المديح والثناء من والديهم، بغض النظرعن أعمارهم. ولذلك يجب على الوالدين ألا يتوانوا في التعبير عن استحسانهم وفخرهم بسلوك أبنائهم، والاحتفاظ بنقدهم السلبي لأنفسهم.
وأشار الموقع إلى أن توقعات الوالدين الخيالية أحيانا عن واجب أبنائهم تجاههم عند كبرهم وجزمهم أن أبناءهم سيكونون كتفا يستندون عليه عند تقدمهم في العمر، تؤدي في بعض الأحيان إلى الشعور بخيبة أمل كبيرة، والتي من المحتمل أن تساهم في تعميق الفجوة بينهما. ولذلك يجب على الآباء الاعتماد على أنفسهم والعمل على تطوير هويتهم الخاصة خارج دور الوالدين والجدين.
وقال الموقع إنه لا يفترض بالآباء الموافقة أو الرفض دائما لمساعدة أبنائهم، لكن يجب عليهم أن يميزوا بين الحاجة الحقيقية للمساعدة، والطفل الذي يتحدث مع والديه فقط عندما يريد شيئا. وفي هذا السياق، يقول كولمان إنه من الأفضل أن نقول "لا" لأبنائنا عندما نشعر بالاستياء منهم.
بين التقرير أن الآباء والأمهات على قناعة بأنهم الوحيدون القادرون على بناء علاقة مثالية بينهم وبين أبنائهم، ولذلك هم على استعداد دائم للتغيير من سلوكياتهم من أجل بناء علاقة أفضل معهم.