يشعر ممثلو الدول الداعمة لفصائل المعارضة السورية بالإحباط لدى رؤية مشاهد
حلب المروعة التي تذكرهم بعجزهم حيال النزاع الدامي في
سوريا، بعد خمس سنوات من الاجتماعات والمفاوضات العقيمة، غير أنهم ما زالوا يرفضون الإقرار بسقوط
الدبلوماسية في سوريا.
لم يكن تراكم الإحباط والغضب منذ خمسة أعوام ملموسا كما كان عليه في الأسابيع الأخيرة، وتحديدا منذ بدأ النظام السوري وحليفه الروسي "حربا شاملة" على حلب.
قبل بضعة أيام من وقف التعاون مع موسكو، أقر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنبرة تشي بالتعب بـ"إحباطه" خلال اجتماع مع معارضين سوريين سربت تسجيلاته لاحقا.
كذلك، لا يخفي الموفد الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا استياءه في كل مرة يخرج من مباحثات دولية "شاقة ومخيبة للآمال"، ومثله السفير البريطاني غاريث بايلي الذي يعبر عن إحباطه يوميا عبر "تويتر".
ويعلق دبلوماسي غربي بأن "الملف السوري يدعو إلى اليأس المطلق. من يعملون عليه ما عادوا يتحملون، كثير منهم ينسحبون".
إحدى الاستقالات الأبرز تبقى استقالة السفير الأمريكي السابق روبرت فورد العام 2014 والذي أكد عبر "سي إن إن" أنه "لم يعد يستطيع الدفاع عن سياسة" بلاده حول سوريا، كاشفا منذ تلك الحقبة مدى صعوبة الملف وتعقيده.
يظهر النزاع الذي وصفه البعض بأنه "حرب عالمية مصغرة" عمق الهوة التي تفصل بين الدبلوماسية والواقع الميداني. فمنذ خمسة أعوام، تختلط مشاهد الفظائع بصور الاجتماعات بالجملة التي تعقد في نيويورك أو جنيف، فيما تمتزج نداءات المساعدة التي يوجهها الأطباء الذين يتعرضون للقصف في مدينة حلب بالكلمات الكبيرة للقوى الكبرى التي لا تكف عن التنديد والإدانة لكنها لا تستطيع أو لا تريد التحرك.
وكتب نيكولا تينزر الموظف الفرنسي الكبير في مقال نشر الاثنين على مواقع عدة بينها سلايت أن "العجز ليس سوى كلمة مهذبة للتعبير الدناءة".
رغم أنهم سجناء الخيارات السياسية لحكوماتهم، بدءا بباراك أوباما ورفضه تحمل مسؤولية التدخل في سوريا مرورا بالأوروبيين العاجزين من دون الحليف الأمريكي ووصولا إلى تركيا والبلدان العربية التي تتباين أهدافها أحيانا، يصر الممثلون الدبلوماسيون لكل تلك الدول على مواصلة "معركتهم".
وصرح جون كيري الثلاثاء: "لن ندع الشعب السوري يسقط، لن نكف عن السعي إلى السلام"، فيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن السلطات ستبحث الأربعاء "الخيارات الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية".
لكن الواقع أن كل الخيارات بحثت ولا تزال منذ خمسة أعوام. من إقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا، إلى تسليح المعارضة كما ينبغي، إلى فرض عقوبات على موسكو... غير أنها اصطدمت كلها بتعقيدات النزاع ونية الخصمين الكبيرين
الولايات المتحدة وروسيا تفادي مواجهة مباشرة.
ويقول مصدر أوروبي: "يمكن الاستمرار في عقد لقاءات ودية إلى ما لا نهاية. ولكن في مرحلة معينة يتطلب الأمر شجاعة سياسية"، آملا على غرار المعارضة السورية بأن يتغير الموقف الأمريكي "اعتبارا من تشرين الثاني/ نوفمبر، في حال انتخاب هيلاري كلينتون".
في المقابل، لا يزال أطراف آخرون مثل الفرنسيين يراهنون على مجلس الأمن الدولي ويحاولون تمرير قرار حول مشروع وقف جديد لإطلاق النار في حلب.
ويعلق دبلوماسي: "لسنا أغبياء، هذا القرار لن يحل المشكلة، ولكن هل لدينا خيار آخر؟"، فيما يعرب آخر عن خيبة أمله حيال "تجاهل" الرأي العام للمأساة السورية. ويضيف بتهكم: "لا أعتقد أن الأمور ستتبدل ما دامت نشرات أخبار التلفزيونات ستظل تستهل بأخبار كيم كراداشيان"، في إشارة إلى تعرض النجمة الأمريكية لسرقة مجوهراتها الاثنين.
ويتدارك: "لكن الحقيقة أن الملف السوري هو واحد من الأكثر تعقيدا. الناس، بمن فيهم النخب، لا يفهمونه. أمضي أحيانا ساعتين في محاولة لشرح أسباب النزاع وأخرج في كل مرة منهكا. الأمر شاق لكن ذلك ليس سببا للاستسلام. في أي حال، لا أراني أقوم بأمر آخر".