بسخرية تامة، استقبل
المصريون أنباء اتجاه
البنك المركزي المصري نحو
تعويم الجنيه مقابل الدولار خلال الساعات المقبلة، حيث سجل سعر صرف الدولار ارتفاعات قياسية أمام
الجنيه المصري دفعته إلى الاقتراب من مستويات الـ 14 جنيها، وهي سابقة تاريخية لم تحدث في تاريخ علاقة الجنيه المصري بالدولار الأمريكي.
ردود الأفعال التي صاحبت الأخبار والتسريبات الحديثة تؤكد أن غالبية المصريين لا يعرفون معنى تعويم الجنيه، وجاءت التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتؤكد أن غالبية المصريين لا يعرفون معنى تعويم الجنيه أو كيف ستتم عملة التعويم.
في معرض تعليقها على اتجاه البنك المركزي المصري على تعويم الجنيه، قال حساب يدعى "ملك حامد" على موقع "فيسبوك": أول مرة أعرف أن الجنيه بيعرف يعوم.. هوه الجنيه يعوم إزاي يا جماعة؟".
جميع التعليقات تشير إلى أن غالبية المصريين استقبلوا ما تردد حول تعويم الجنيه مقابل الدولار بمزيد من الدهشة والاستغراب وأيضا السخرية.
علميا، تعويم سعر صرف الجنيه، هو أسلوب في إدارة السياسة النقدية، ويعني أن يترك البنك المركزي سعر صرف عملة ما ومعادلتها مع عملات أخرى، يتحدد وفقا لقوى العرض والطلب في السوق النقدية، وتختلف سياسات الحكومات حيال تعويم عملاتها تبعا لمستوى تحرر اقتصادها الوطني وكفاية أدائه ومرونة جهازها الإنتاجي.
وتضم سياسة التعويم نوعان، الأول هو "التعويم الحر" ويعني أن يترك البنك المركزي سعر صرف العملة يتغير ويتحدد بحرية مع الزمن بحسب قوى السوق والعرض والطلب، ويقتصر تدخل البنوك المركزية في هذه الحالة على التأثير في سرعة تغير سعر الصرف، وليس الحد من ذلك التغير.
ويتم الاعتماد على هذا النوع من التعويم في الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة، مثل الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، لكن لا يكون مجديا أو يمكن الاعتماد عليه في الحالة المصرية التي يعاني اقتصادها من العديد من الأزمات ولم تتحول بعد إلى دولة منتجة ترتفع صادراتها عن وارداتها، ما يعني أن المواطن المصري سوف يتكبد مزيدا من الخسائر مع الاتجاه إلى تطبيق عملية التعويم.
والنوع الثاني من التعويم هو "التعويم المدار"، ويقصد به ترك سعر الصرف يتحدد وفقا للعرض والطلب مع تدخل البنك المركزي كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات، وذلك استجابة لمجموعة من المؤشرات مثل مقدار الفجوة بين العرض والطلب في سوق الصرف، ومستويات أسعار الصرف الفورية والآجلة، والتطورات في أسواق سعر الصرف الموازية.
وبداية مصر مع عملية التعويم كانت أيام الرئيس الراحل أنور السادات عندما سمح بعودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص، وبدء حقبة الاقتراض من الغرب، التي تحولت بعد ذلك لما يسمى بـ"ديون نادى باريس". لكن مع عدم قدرة السادات على تحرير الموازنة العامة "سنة 1977" و عدم استمرار تدفق استثمارات الخليج والضعف
الاقتصادي العام في الثمانينيات حدثت أزمات الدولار مرة أخرى، وتحرك الدولار رسميًا من 1.25 جنيه إلى حوالي 2.5، ما أدى لإفلاس كثيرين، حيث كان القطاع الخاص المصري يقترض بالدولار من البنوك ويعمل بالجنيه".
وفي عام 2003، لجأ رئيس الوزراء المصري السابق الدكتور عاطف عبيد إلى تطبيق هذا النوع من التعويم بعد ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بأكثر من 50%، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من 3.70 جنيه إلى نحو 5.40 جنيه مرة واحدة، ما دفع الحكومة إلى التدخل في ذلك الوقت.
وغالبا ما يتم الاعتماد على هذا النوع من التعويم في بعض البلدان الرأسمالية ومجموعة من البلدان النامية التي تربط سعر صرف عملتها بالدولار الأمريكي أو الجنيه الإسترليني أو الفرنك الفرنسي أو بسلة من العملات وهو الأسلوب المتبع حاليا من قبل البنك المركزي المصري.
ويعنى ذلك أنه في حالة زيادة الطلب على الدولار في سوق النقد الأجنبي، فإن معدل سعر صرف الدولار يميل نحو الارتفاع، وإذا ما انخفض الطلب على الدولار فإن معدل سعر صرفه يميل نحو الانخفاض، ويعني ذلك أن معدل سعر صرف الدولار سوف يخضع لموجات الطلب والعرض، وهي ترتفع وتنخفض وفقا لقاعدة العرض والطلب.
وتكون الحكومة ممثلة في البنك المركزي المصري هي الجهة التي تقوم بتحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، أو ما يمكن تسميته بسعر الجنيه المصري للحفاظ على توازن الاقتصاد.
وفي حالة مصر ومع تعويم الجنيه مقابل الدولار، فإن المستهلك المصري هو المتضرر الأول من ذلك، حيث تستورد مصر أكثر من 60% من إجمالي استهلاكها من جميع السلع والمنتجات. ومع قيام الحكومة بتعويم الجنيه فإن ذلك سوف يتسبب في موجات صعبة من ارتفاعات الأسعار، وبالتبعية سوف ترتفع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.