سياسة عربية

سوري من إدلب: هكذا أنقذت طفلتي من تحت الركام بعد غارة (شاهد)

تتعرض مدينة إدلب مركز محافظة إدلب في شمال غرب سوريا بشكل دوري لغارات سورية وروسية- يوتيوب
أمسكت الرضيعة وحيدة إصبع والدها يحيى معتوق حين عثر عليها بعد ساعتين من البحث تحت أنقاض منزله في مدينة إدلب، قبل أن ينقلها عنصر من الدفاع المدني وعيناه مغرورقتان بالدموع إلى سيارة الإسعاف.

ويقول يحيى (32 عاما) وهو يقف أمام أنقاض المبنى حيث كان منزله في الطبقة الثانية "كنت في المحل حيث أعمل حين بدأت طائرة بتنفيذ غارات (..) ذهبت فورا إلى المنزل ووجدت الحارة كلها مقلوبة على بعضها".

ويضيف وهو يبحث بين الركام عن مقتنيات منزله في مدينة إدلب في شمال غرب سوريا "دخلت إلى المنزل.. ووجدت دمارا كاملا. سمعت صوت زوجتي في البدء وبدأت أبحث عنها حتى لمست حجرا ورفعته ورأيت وجهها والحمد لله كانت بخير".

واستهدفت غارة جوية عصر الخميس الماضي مبنى سكنيا في مدينة إدلب، ما أدى إلى تدميره فوق رؤوس قاطنيه، ومقتل ستة أشخاص على الأقل بينهم أربعة أطفال، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.



وتتعرض مدينة إدلب مركز محافظة إدلب في شمال غرب سوريا بشكل دوري لغارات سورية وروسية. وباتت هذه المحافظة منذ الصيف الماضي تحت سيطرة جيش الفتح الذي يضم بشكل رئيسي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) وفصائل إسلامية بينها حركة أحرار الشام.

بعد إنقاذ زوجته، بدأ يحيى وعناصر الدفاع المدني البحث عن ابنتيه وحيدة وسنار (ثلاثة أعوام) تحت الركام.

ويقول متأثرا "بدأت الحفر (مكان غرفة النوم) حتى وصلت الحمد لله إلى يد ابنتي وحيدة، وحين لمستها أمسكت بإصبعي.. والحمد لله كانت حية" قبل أن ينقلها عناصر الدفاع المدني لتلقي العلاج.

ونشر الدفاع المدني شريط فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة في اليومين الأخيرين، يظهر أحد المتطوعين وهو ينقل الطفلة بعد إنقاذها إلى سيارة إسعاف ويحيط به العشرات وهم يصرخون "الله اكبر".

ويجلس المسعف داخل سيارة الإسعاف وهو يضم وحيدة إلى صدره ويبكي من شدة تأثره بعد جهد مضن لإنقاذها، وتبدو الطفلة بلباس أصفر اللون والغبار يغطي رأسها وعلى جبينها بقع دماء وهي تصرخ.

ويقول المسعف الذي لم يذكر اسمه في شريط الفيديو "عملنا ساعتين لإنقاذها وبإذن الله ستبقى حية" قبل أن يردد "يا الله".

بعد إنقاذ وحيدة، بدأت عملية البحث عن شقيقتها البكر سنار، ليتبين أنها قتلت تحت الأنقاض. ويقول يحيى بحزن "كان الردم قد سقط عليها.. ليتني خسرت كل شيء ولم أخسرها".

لم تقتصر خسارة يحيى على ابنته البكر فحسب، إذ قتلت والدته أيضا جراء الغارة التي دمرت منزله بالكامل.

ومنذ الخميس، انتقل يحيى وعائلته الصغيرة للإقامة في غرفة يملكها أحد أقاربهم تقع على أطراف مدينة إدلب.

وفي مشاهد فيديو، يظهر يحيى وهو يبحث بين ركام منزله عن مقتنياته وأغراض أسرته، من أحذية وألبسة وأدوات منزلية، يجمعها في شاحنة صغيرة تمهيدا لنقلها. ويبدو بين الركام حذاء طفلة زهري اللون.

ويجلس رجل أخر على مقربة منه على كنبة نجت من الغارة فوق الركام وهو يدخن السجائر.

ومنذ اندلاع النزاع السوري الذي تسبب منذ منتصف آذار/ مارس 2011 بمقتل أكثر من 300 ألف شخص، شكل الأطفال أبرز ضحايا الحرب وتصدرت صورهم وقصصهم وسائل الإعلام حول العالم.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، تأثر أكثر من ثمانين في المائة من الأطفال في سوريا بتداعيات النزاع، داخل البلاد وخارجها. ويحتاج "ستة ملايين طفل إلى مساعدة إنسانية عاجلة في سوريا".

وعلى رغم خسارته سنار، يشكر يحيى الله على نجاة صغيرته الجميلة التي تظهر في مقطع الفيديو برداء أبيض وتراقب بعينيها الواسعتين ما يجري حولها. ويقول وهو يحملها وأثار الجروح على جبينها "الحمد لله وضعها الصحي جيد".

ولدى سؤاله عما يخطط له في الفترة المقبلة، يجيب بحسرة وباللهجة المحكية "لله الأمر.. والله راسنا مو صاحي على شي".