تطغى أجواء ضبابية على نتائج المساعي المكثفة التي يقودها رئيس تيار المستقبل سعد
الحريري، لبلورة اتفاق إنهاء الشغور الرئاسي في
لبنان، على قاعدة التوافق على رئيس كتلة التغيير والإصلاح
ميشال عون رئيسا، وانتخابه بصورة توافقية بين الأقطاب السياسية في لبنان، أو بدرجة أقل قريبة من الإجماع.
وتسلطت الأضواء على لقاء جمع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والجنرال عون، في الرابية في جبل لبنان، الجمعة، حيث طرح الحريري إمكانية تبنّيه لترشيح عون، بحسب ما نقلته مصادر متطابقة من الاجتماع لوسائل إعلام لبنانية.
ومع ما يشاع عن "أجواء إيجابية جدا"، فقد اتفق الطرفان بحسب المصادر نفسها على استكمال التواصل وبسرعة لاستكمال الجوانب العالقة.
لكن النائب السابق وعضو المكتب السياسي في تيار المسقبل، مصطفى علوش، عبر عن صورة مخالفة لما أعلن عنه، فأكد في تصريح لإذاعة محلية، أن "الجو الأكثري في تيار المستقبل يعدّ انتخاب عون أسوا شيء قد يحصل"، معتبرا ذلك، "رأيا حقيقيا وصحيحا وموجودا داخل قواعد تيار المستقبل"، على حد قوله.
ويتبنى الحريري منذ قرابة عام ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، المنتمي إلى قوى 8 آذار، والمقرب أيضا من حزب الله، وذلك خيارا توافقيا، بحسب ما أعلن الحريري حينها.
ويُنتخب الرئيس بأكثرية الثلثين في جولة الانتخاب الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الجولات اللاحقة.
لكن منذ الاستقلال حتى اليوم، الانتخابات السابقة أن الممارسة استقرت على اعتماد نصاب الثلثين في كلّ جلسات انتخاب رؤساء الجمهورية منذ عام 1943.
وبعد فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس بأغلبية الثلثين في الجلسة الأولى، فإن نواب حزب الله وحلفاءه يقاطعون الجلسات اللاحقة لمنع تأمين نصاب انعقاد الجلسة.
في غضون ذلك، حضر التفاؤل الحذر في لقاء جمع الحريري برئيس حزب القوات اللبنانية سمير
جعجع، الجمعة، وصرّح الأخير بعد اللقاء في معراب شمال لبنان بأن "الانتخابات الرئاسية دخلت في مرحلة جديدة، والخلاف مع الحريري بدأ يضيق"، مشيرا إلى "أنّ الخيار على العماد عون ليس نهائيا بعد".
في سياق متصل، أعلن تيار المردة أن ترشيح رئيسه سليمان فرنجية مستمر، ونقلت مصادر متطابقة عن قياديين في التيار أن "استراتيجية فرنجية قائمة على علاقة احترام متبادل وعميقة بينه وبين الحريري، وأن يجذب بأدائه عقل المخضرمين بري وجنبلاط، واستطاع أن يدخل بلا استئذان قلب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، كذلك استطاع أن يكون محل احترام عند الدول الإقليمية المتناقضة أو المتنازعة فيما بينها، وكذلك عند المجتمع الدولي".
وبينما يصفه البعض بأنه صاحب المفتاح لجلسة الانتخاب، ققد نفى رئيس مجلس النواب نبيه بري على لسان زواره في قصر عين التينة في بيروت، حصول اتفاق مسبق على انتخاب الرئيس، متسائلا: "هل كنا ضيعنا كل هذا الوقت؟ ثم في الموضوع الانتخابي، إن انتخبنا رئيسا أو لم نتتخب، فهل هناك من يستطيع أن يوجد مخرجا للعقد التي قد تحصل؟".
في خصوص موقف حزب الله المتحالف الأول مع عون، تروج وسائل إعلام موالية للحزب ما نقل عن مصادر سياسية "إصرار حزب الله على عون رئيسا لرد الجميل له في كل ما قدمه للحزب منذ العام 2006 وحتى اليوم، على الرغم من أن الحزب خذل عون في أكثر من مناسبة، وتلفت إلى أن عون يتصرف اليوم ويضع حزب الله في الأجواء، والحزب قال له إن عليه أن يقرر لأنه سيعتبر قراراه الرئاسي ملزما"، بحسب المصدر.
وتشير مصادر حزب الله إلى ارتياح الأخير لما يفعله الحريري اليوم تجاه عون، "وهو لم يضغط في الماضي على النائب سليمان فرنجية، ولن يضغط اليوم على الرئيس نبيه بري الذي يضع شروطه لانتخاب عون"، وفق ما أفادت به.
وفي خضم ذلك، تبدو المعارضة لخياري عون وفرنجية بارزة لدى أطراف سياسية من بينها قوى في 14 آذار، إضافة إلى وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، الذي تصدر المشهد رديفا سنيا قويا للحريري، بحسب ما أثبتته الانتخابات البلدية الأخيرة في طرابلس، شمال لبنان.
وفي تصريحات لـ"
عربي21"، أكد منسق قوى 14 آذار، فارس سعيد، أن "مشروع حزب الله السياسي لانتخاب عون لن يمر، لأن الطبيعة السياسية ترفض هذا الواقع الذي يحاول الحزب فرضه".
وقال: "لن تنفع القوة العسكرية في فرض معادلات في السابق على اللبنانيين، كما أنها فشلت التركيبات السياسية في صياغة مشروع سياسي لا يقبله أغلبية اللبنانيين".
وعن حراك الحريري في اتجاه انتخاب عون، قال إن "المسألة تتعلق بحزب الله، الذي يحاول أن يحقق الإنجاز في لبنان في حال كسب المعركة في سوريا، وفي حال هزيمته سيحاول التعويض بتحقيق الربح في لبنان".
وتابع: "يحاول حزب الله فرض هيمنته على تحركات اللبنانيين السياسية (في إشارة إلى حراك الحريري)، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق".
وعن موقفه من استمرار ترشيحي عون وفرنجية بالتوازي، قال: "المشكلة أعمق من ذلك بكثير، ليست الأسماء هي المعضلة بل البرنامج الذي يطرحه كل طرف والذي على ضوئه تتشكل صورة البلد".
وعن الأزمة داخل قوى 14 آذار، أقر سعيد بوجود أزمة، وقال: "هناك استياء داخل قوى 14 آذار من مواقف بعض الأقطاب، يخرج عن روح هذه القوة التي تشكلت بهدف صون لبنان من المخاطر السياسية والأمنية".
وعن إمكانية استعادة وهج قوى 14 آذار، قال: "أهمية لبنان هو بأنه يجمع كل مكوناته تحت كنفه، وبالتالي نسعى إلى عدم السير بالبلاد، باتجاه العاصفة التي تضرب المنطقة، التي يريد البعض أن يقحمنا بها".