أفاد ناشطون سوريون أن النظام السوري يروج داخل حيّ الوعر في مدينة
حمص؛ لإشاعات بأنه يريد تحويل الحي لمنطقة عسكرية أو إبادته كاملا عن طريق قصف بالطيران المروحي في حال عدم خروج المقاتلين منه، ضمن ما سموه "حربا نفسية جديدة" على الأهالي، تزامنا مع قصف الحي بين الفينة والأخرى بالمدفعية وقذائف الهاون في إيحاء بالتصعيد العسكري.
وهدد رئيس فرع أمن الدولة في حمص، والمسؤول عن ملف الوعر، العقيد عقاب عبّاس، بهدم الوعر على رؤوس ساكنيه في حال عدم خروج المقاتلين، كما كرر التهديد رئيس اللجنة الأمنية الجديد في حمص، اللواء بركات بركات.
وبحسب الناشطين، يندرج هذا النوع الجديد من الحرب تحت مسمّى الحرب النفسية التي يروّج لها عناصر النظام المتواجدون على أطراف الحي، من خلال كل من يخرج ويدخل إلى الحي من موظفين وطلّاب جامعيين. فخلال العامين الماضيين، خسر الحي أكثر من نصف مليون شخص من نازحين سابقين وسكان أصليين، وكل ذلك نتيجة الإشاعات والتهديدات التي ينتهجها النظام، بالإضافة إلى تشديد
الحصار واتباع سياسة التجويع.
بدوره، يقول الحاج عبد الله، أحد سكّان حي الوعر، لـ"
عربي21": "يرى المتابع للوضع داخل الوعر منذ بداية الحصار نية النظام بالحفاظ على الحي من الناحية العمرانية لغاية في نفسه، قد يكون سببها نيته بتغيير ديموغرافي لاحقا والاستفادة من المنازل الجاهزة للسكن، أو بسبب ضغوط خارجية لإبقاء الحي كآخر قلاع المعارضة في حمص".
وعن مصير
الهدنة في الحي، يبيّن الحاج عبد الله أنه "بعد احتجاز أعضاء لجنة التفاوض كرهائن لحين خروج عناصر النظام من مشفى البر، لم تعد هناك أي لقاءات بين الطرفين، ومنذ حوالي أسبوعين تم إرسال شخصين من المدنيين للتواصل مع النظام الذي أبلغهما منذ اللقاء الأول بأن الهدنة انتهت، وأن مسألة المعتقلين غير قابلة للنقاش ولا البحث، ولا بد من خروج المقاتلين على دفعات وتسليم الأسلحة الثقيلة".
وجاءت الهدنة نتيجة مفاوضات امتدت لما يقارب عاما وخمسة أشهر، أي منذ الشهر السابع عام 2014، وشهد الحي خلال هذه الفترة تصعيدا عسكريا من قبل قوات النظام وفترات تهدئة، إلى أن وصلت إلى جمود وإيقاف تام، نتيجة تهرب النظام من الوفاء بالتزاماته، ولا سيما البند المتعلق بـ"بيان وضع المعتقلين، وإطلاق سراحهم"، وهو ما ظهر جليّا بقيامه بتعليق تطبيق الاتفاقية وفرض حصار شديد على الحي، بالإضافة للتهديد بالخيارات العسكرية.
ويتابع الحاج عبد الله أنه "لم تكن هنالك هدنة كاملة أبدا بسبب استمرار الخروقات من قبل النظام، لا سيما القناصة وقذائف الهاون، في حين لم تسجل أي خروقات من قبل أهل الحي الذين استبشروا دائما الخير بالهدنة؛ التي لم تنفذ يوما باستثناء فترة اللقاءات بين ممثلي الحي والنظام، حيث كان للتواصل المستمر أحيانا دور في تخفيف القصف، علما أن الاعتقالات كانت وما زالت مستمرة دائما رغم الهدنة المزعومة".
أما عن المزاج العام في حي الوعر فيما يخص شرط النظام بخروج المقاتلين، فإن غالبية السكان يرفضون هذه الشروط "الجائرة"، مستذكرين ما حدث في أحياء كرم الزيتون وباباعمرو والشماس وحمص القديمة ودير بعلبة وقرى الحولة وقزحل، حسبما ذكر الحاج عبد الله.
وأضاف: "عوّدنا النظام أنه وبعد كل هدنة أو انسحاب أو مصالحة، تدخل قواته وتمارس كل أنواع الفساد والتشبيح والاعتقالات العشوائية بحق المدنيين".
وتأتي كل هذه التهديدات في ظل وضع إنساني صعب يعانيه الوعر، نتيجة الحصار الخانق الذي تفرضه قوات النظام حول الحي.
وقال خالد الحمصي، أحد إعلاميي حي الوعر، لـ"
عربي21": "من بقي من أهالي الوعر يعيش اليوم على ما تنتجه الحدائق من خضار، وما تقدمه المنظمات الدولية من سلال الإغاثة التي لا تدخل إلى الحي إلا بشقّ الأنفس، حيث يفتقد الحي لأبسط مقومات الحياة اليومية، من كساء ولوازم البيت وحاجيات المطبخ، نتيجة حصار مستمر منذ ثلاث سنوات، واشتد خناقه في الأشهر الستة الماضية".
وحول الوضع الطبّي، قال الحمصي: "يعاني حي الوعر من نقص في الكادر الطبي الاختصاصي وفي الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والتهابات الأطفال، وزاد قطع الكهرباء المعاناة سوءا في ظل استمرار النظام بقصف مرافق الحي كاستهداف مستشفى جمعية البر مطلع الأسبوع الحالي".