قال محلل الأمن القومي
الإسرائيلي يوسي مليمان، إن التنسيق الاستخباري بين
مصر وإسرائيل يتعزز وينمو بعد استمراره لعقود بشكل سري وخفي، وفيما لو تم إبعاد
السيسي عن الحكم فإن ذلك خسارة عظيمة لإسرائيل لكن العلاقات ستبقى مستمرة.
وأوضح ميلمان بمقاله في موقع "ميدل إيست آي"، أن إسرائيل لن تكون بحاجة أمريكا للوقوف معها بوجه مشروع القرار العربي الذي طالما كانت القاهرة تقدمه من أجل إجبار تل أبيب على الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وفتح مفاعل ديمونا أمام الرقابة الدولية في ظل العلاقات الحالية مع مصر وحديث القاهرة عن عدم رغبتها في التقدم بمشروع القرار هذا العام.
ولفت إلى أن قرار القاهرة المفاجئ جاء في أعقاب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى القدس، والتقى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يترأس هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية.
وأشار إلى أن هذا الموقف من البرنامج النووي الإسرائيلي ما هو إلا جزء علني من جملة العلاقات السرية العميقة بين القاهرة وتل أبيب.
وقال الكاتب: "في تل أبيب تعرف العلاقات مع القاهرة على أنها تحالف استراتيجي، وهي تأتي من حيث أهميتها للمصالح الأمنية القومية في المرتبة الثانية مباشرة، بعد العلاقات الإسرائيلية الأمريكية الحميمة، وتعتبر معاهدة السلام بين البلدين التي وقعت برعاية الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1979 جزءا أساسيا من الأمن القومي الإسرائيلي، وخففت على الجيش كلفة إبقاء جنوده منتشرين على طول الجبهة الجنوبية مع مصر".
ويرى ميلمان أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يعد حليفا مهما من هذه الزاوية، فمنذ أن جاء إلى السلطة قبل ثلاثة أعوام، ارتقت الروابط العسكرية والأمنية بين البلدين التي تقوم على أساس من الانطباعات والمصالح المشتركة، لتصل إلى مستويات رفيعة تجاوزت بمراحل ما كانت عليه أثناء حكم حسني مبارك.
وعلى صعيد الملف الفلسطيني وفي قطاع غزة تحديدا، ترى كل من الحكومتين أن حركة حماس في قطاع غزة عدو مشترك. ويذكر أن السيسي وقادته العسكريون هم الذين سدوا المنافذ خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل و"حماس" في عام 2014، أمام كل فكرة لوقف إطلاق النار إذا ما كانت تشتمل على أدنى قدر من الإنجاز لحركة حماس.
ولفت الكاتب إلى أن العناد المصري كان أكثر من الرغبة الإسرائيلية، هو المسؤول عن إطالة أمد الحرب ومفاقمة معاناة المدنيين لواحد وخمسين يوما.
وأضاف: "في الواقع تخضع غزة للحصار المصري أكثر مما تخضع للحصار الإسرائيلي، ومصر هي التي ترفض استخدام مينائها في مدينة العريش شمال سيناء لإيصال البضائع والتجارة إلى غزة، ما يبقي على ميناء أشدود الإسرائيلي البوابة الرئيسة لنقل البضائع إلى غزة".
وعلى مستوى الملف في سيناء، يقول ميلمان إن جذور العلاقات الحميمة تعود إلى الحرب ضد جماعة أنصار بيت المقدس التي تتخذ من سيناء مقرا لها، ونشأت هذه الجماعة والتي تتركز بشكل أساسي في شمال سيناء في أواخر عهد نظام مبارك.
ولفت الكاتب إلى أنه على الرغم من الحرص بين البلدين على إبقاء المساعدة الإسرائيلية في الهجمات ضد تنظيم الدولة في سيناء طي الكتمان بكونها أمرا في غاية السرية، إلا أنه جرى مؤخرا كشف النقاب عنها في وسائل الإعلام العالمية.
وبحسب بعض التقارير، تقوم وحدة "سيغينت 8200" التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بمساعدة المخابرات المصرية في اعتراض ورصد المحادثات والاتصالات بين المسلحين بينما يطلب من حين لآخر من إسرائيل نشر طائراتها بدون طيار للمشاركة في شن هجمات على عناصر تنظيم الدولة الدولة في سيناء.
وشدد الكاتب على أن مثل هذا التعاون الوثيق يتم تنسيقه من خلال اجتماعات منتظمة بين ضباط الجيش في البلدين، وكذلك بين ضباط المخابرات فيهما، وأن رؤساء جهاز الموساد ما فتئوا خلال العقدين الماضيين يلتقون من حين لآخر بنظرائهم المصريين، إما في القاهرة أو في تل أبيب.
ورأى أنه من الطبيعي جدا أن يعمد المسؤولون في الجيش والمخابرات داخل إسرائيل والذين يتولون مسؤولية الحفاظ على العلاقات وتنميتها، إلى الاهتمام بشكل جدي وحثيث بالتقارير التي تتحدث عن المشاكل الاجتماعية والسياسية التي يواجهها السيسي، وذلك أنه إذا ما أجبر على الاستقالة تحت وطأة ضغوط داخلية أو خارجية فإن ذلك سيشكل خسارة عظيمة لإسرائيل.
إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يعربون عن ثقتهم في الوقت نفسه بأنه في حال تنحى السيسي، أيا كان الشخص الذي سيحل محله، وفي الأغلب سيكون رجلاً عسكريا آخر أو شخصا يتمتع بدعم الجيش، فإنه سوف ينتهج السياسة نفسها تقريبا دونما تغيير أو تبديل.