أصبح مقاتلو
تنظيم الدولة محاصرين في مناطق قليلة جدا في مدينة
سرت الليبية بعد تقدم قوات "
البنيان المرصوص" وسيطرتها على أماكن حيوية وهامة بالمدينة آخرها الحي رقم واحد ومبنى الإذاعة، حسبما ذكر المركز الإعلامي للعملية، الجمعة.
وأكد المتحدث باسم قوات "البنيان المرصوص"، العقيد محمد الغصري، في تصريحات تلفزيونية منتصف الأسبوع الماضي أن "مقاتلي التنظيم محاصرون منذ نهاية أيار/ مايو الماضي من كل المحاور برا وبحرا وجوا"، لافتا إلى أن حسم المعركة في سرت ما هي إلا مسألة وقت.
ويتوقع أن تكون الوجهة الجديدة لتنظيم الدولة بسرت، بحسب المسؤول العسكري، إما إلى مدينة ليبية أخرى وأقربها مدينة بني وليد، أو الهروب إلى المنطقة الشرقية التي يقود المعارك فيها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
وأوضح المسؤول العسكري أن تنظيم الدولة في فزان (إحدى أقاليم
ليبيا الثلاثة قبل الوحدة) أصدر، الخميس، بيانا يعلن فيه مساندته للمقاتلين في سرت، "وهو ما يؤكد إمكانية انتقالهم إلى الشرق، أو الذهاب إلى الجنوب والصحراء، أو نقل المعركة إلى بعض دول الجوار وعلى رأسها تشاد والنيجر وتونس، والأهم أنهم لن يخسروا المعركة كاملة بسهولة".
وجهة جديدة
وكشفت صحف تونسية وجزائرية، أن الاحتمال الأكثر واقعية حسب معطيات الوضع الميداني والسياسي، وحسب استراتيجية التنظيم، هو نقل المعركة إلى دول الجوار الليبي وبالضبط إلى تونس والجزائر، اللتين أعلنتا حالة استنفار على الحدود مع ليبيا، وعززتاه بدوريات عسكرية وتحليق مروحيات للاستطلاع، وتشديد إجراءات التنقل بينها وبين ليبيا.
وفي الجزائر، أكد قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق قايد صالح، أن "الإرهاب الخارجي" بات مثار قلق السلطات العليا بالجزائر، خاصة "بعد فرار عدد هائل من عناصر تنظيم الدولة من مدينة سرت نحو كل من الجزائر والنيجر، خلال الأيام الماضية"، وذلك خلال اجتماع مع قيادة وأركان الناحية العسكرية الثانية بمنطقة وهران، غرب الجزائر، الثلاثاء الماضي.
وأكد تقرير قدمه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، منتصف الشهر الماضي، إلى مجلس الأمن، أن هناك 2000 إلى 5 آلاف مقاتل من تنظيم الدولة يتحدرون من ليبيا وتونس والجزائر ومصر، وكذلك من مالي والمغرب وموريتانيا، وهم موجودون في سرت وطرابلس ودرنة.
غموض
وتوقع المحلل السياسي الليبي، فرج كريكش، أن ينقل التنظيم معركته إلى مدن الجوار وربما كانت مدينة بن وليد معقلا متوقعا له، ولكن هذا استباق يتوقف على نوع الانتصار الذي تحققه قوات "البنيان المرصوص".
وأضاف "كريكش" في تصريح لـ"
عربي 21": "أما الانتقال خارج ليبيا فسيكون كأفراد فقط، مثل عودة بعض أفراد التنظيم إلى تونس خلسة".
وقال رئيس المركز الإعلامي لغرفة عمليات "البنيان المرصوص"، أحمد هدية: "لا أعتقد أن ينقل التنظيم معركته إلى الخارج، ولا أتوقع أن ينتهي التنظيم في ليبيا بنهايته في مدينة سرت".
وأضاف "هدية" في تصريح لـ"
عربي21": "سيكون هناك عمليات ارتدادية للهزيمة في سرت في مناطق أخرى من ليبيا، كما أن المناخ في دول الجوار ليس مناسبا لهذا التنظيم، باستثناء السودان".
غير أن الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، كان له رأي مغاير، حيث قال إن تنظيم الدولة سينقل نشاطه إلى دول الجوار، "إذ سبق للتنظيم أن حاول السيطرة على مدينة "بن قردان" التونسية، باعتبار تونس هدفا للتنظيم لأسباب عدة منها وجود أعداد كبيرة من "التوانسة" في التنظيم بسوريا والعراق وليبيا ومع تضييق الخناق عليهم ربما يعودون إلى تونس، ولكن الأمر مستبعد في الجزائر".
وأضاف في تصريحه لـ"
عربي21": "ويحتمل أيضا أن يواصل التنظيم نشاطه في ليبيا مستفيدا من حالة الفوضى والانقسامات والفراغ الأمني خاصة في منطقة الجنوب".
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، موسى فرج، إنه من الصعب معرفة ما سيقوم به تنظيم الدولة بشكل محدد، كون التنظيم ومصادر دعمه وتمويله، بل ربما والتخطيط له، أمور يشوبها الغموض.
وأضاف "فرج" في تصريح لـ"
عربي21": "ولا يستبعد أن هناك وكالات تتبع دولا معينة تقف وراء مشروع داعش في المنطقة، وهو مشروع تمهيدي لخلق الفوضى في دول بعينها حتى يسهل إعادة تشكيلها والسيطرة على مقدراتها".
لعبة "دومينو"
وأكد أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان – فرع ليبيا، عبد المنعم الحر، "أن تنظيم الدولة سيتوغل في الصحراء الليبية باتجاه النيجر ومالي وسيندمج مع حركة "أزواد" ومع جماعة بوكو حرام".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21": "وبالنسبة للدول المجاورة لليبيا لم يعد الحديث مجديا عن تونس ومصر بل اليوم كل الحديث يجب أن يكون عن الجزائر باعتبارها الدولة المتماسكة والمستهدفة من هذه التنظيمات الإرهابية، لأن سقوط الجزائر واندلاع حرب عقائدية وأهلية بها سيعجل بسقوط باقي دول المغرب العربي وستتهاوى أنظمة الحكم بهذا الإقليم نظاما وراء نظام كلعبة الدومينو".