تعد جورين النقطة الأخيرة للنظام في ريف حماه، حيث تشكل تجمعا لقوات
النظام ويفصلها عن جيش الفتح نهر العاصي، فيما يبدو الوضع هناك هادئا تنشط عمليات القنص ومحاولات كسر الخط من الطرفين، هذه المسافة تقدر بكيلومتر ويضطر عناصر النظام لاجتيازها من الجهة الجنوبية حيث يكاد جيش الفتح يحاصر هذه القاعدة، وتعاني الجهة الغربية (الجهة الوحيدة المفتوحة للقاعدة) من صعوبة التنقلات ومن خطورتها أيضا.
المسافة التي تفصل الحياة عن الموت، أو منطقة "القنص" هي التي أبعدتني عن رفيقي، بحسب تعبير أحد الجنود المنشقين عن جيش النظام في جورين، والذي تحدث لـ "
عربي21" عن قصة انشقاقه.
يقول (أحمد ش.): "جاءنا العقيد وقال لي بأنني سأحظى بإجازة لستة أيام بعد غياب شهور عن أهلي، لكننا لن نجتاز مسافة القنص بواسطة عربة (ب.إم.ب.) بل على دراجة نارية في صباح اليوم التالي، والحجة أنه لا يوجد عدد كاف من العناصر لتخصيص مهمة للعربة".
وتابع: "لم نفكر أنا ورفيقي في الموت كثيرا، بل تذكرنا الحياة بجوار أهلنا، حيث إننا نشعر بالموت حيث نحن، وفي صباح اليوم التالي انطلقنا على الدراجة النارية بأقصى سرعة، وما هي إلا لحظات حتى أصيب رفيقي بطلقة في الرأس وأحسست بجسده يتراخى من خلفي على الدراجة، لم أجرؤ على النظر للخلف أو إبطاء السرعة لحين وصولي للمنطقة الآمنة، حيث كان قد فارق الحياة، لم أعتقد يومها أن هذا قد يكون شيئا غير القضاء والقدر، لم أستطع الذهاب للمنزل قبل إيصال الجثمان لذويه ودفن رفيقي، عدت بعدها للتجمع في جورين، لكن لم تمر بضعة أيام حتى أتاني العقيد بعنصر آخر وإجازة أخرى، حينها شعرت أننا مجرد طعوم فقررت الذهاب وعدم العودة، فهذه المرة نجحنا في الإفلات من القناص، وقررنا عدم العودة مطلقا لبؤرة الموت تلك".
وفي إجابته عن الميليشيات المقاتلة والمتمركزة في جورين وطبيعة القتال هناك يقول (عامر خ.): "تتركز قوات النظام هناك بشكل رئيسي، حيث يتواجد العناصر من مختلف تشكيلات الجيش ومن مختلف الفرق التابعة للجيش، وتم استدعاء العناصر غير العاملة في الجيش من مختلف تشكيلاته، كما تنتشر تشكيلات صغيرة لحزب الله وميليشيا الدفاع الوطني، ويشرف الروس بشكل رئيسي على سير العمليات هناك من خلال غرفة العمليات التابعة للضباط روس".
ويضيف: "لا يشترك الروس بالعمليات القتالية إلا فيما ندر، فقد قاموا بتفجير دبابة لجيش الفتح بعد أن عجزت قوات النظام وحزب الله عن استهدافها بالوسائل التقليدية، كانت الدبابة تكمن خلف الساتر بشكل مباشر وبعد محاولات مريرة من النظام لاستهدافها بالـ(آر بي جي) وقذائف الهاون لم يستطيعوا إصابتها، تم بعد ذلك استدعاء مجموعة تابعة لحزب الله مختصة بالصواريخ لكن هذه الأخيرة عجزت أيضا عن إصابتها رغم امتلاكها لصواريخ موجهة".
ويتابع: "جاء ضابطان روسيان مكثا لأقل من ساعة في قاعدة جورين، حددا خلالها إحداثيات الدبابة ومدفع بعيد لم نكن قد رصدناه من قبل، ورحلوا على وجه السرعة، ومن ثم تم استهدافها بصاروخ موجه، عدا ذلك لم يشترك الروس بأي من العمليات القتالية في جورين".
وعن معنويات جنود النظام هناك يقول (عامر خ.): "الجميع يأمل انتهاء الحرب؛ لأن الخوف من الموت يحاصرنا، الموت ببنادق النظام أو الموت ببنادق المسلحين، هناك من يشرح لنا عن تمنيّه الشديد للموت جراء ما لاقى من تعذيب لمحاولة الفرار، ببساطة الجميع ينتظرون قدرا قد يأكل الموت معظمه لكن لا سبيل لنا سوى الانتظار".