تساءل تقرير لمعهد واشنطن للدراسات عن حجم تأثير الانتصارات التي حققها جيش الفتح في حلب خلال الأسابيع الماضية، ومدى تأثيرها على مسار القضية السورية.
وقال: "بابتهاجه من نشوة الانتصار أعلن «جيش الفتح»، أنه سيستولي سريعا على المدينة بأكملها، إلا أن هذا الهدف يبدو طموحا، فمنذ تموز/يوليو 2012، فشلت جميع محاولات المعارضة المسلحة للسيطرة على الجزء الغربي من المدينة الموالي للنظام".
واعتبر التقرير أن ما أسماه "التطرف الذي طبع مؤخرا التنظيمات "المعتدلة" مثل "حركة نور الدين زنكي" لا يُطمئن أبناء المدينة ذوي الطبقة المتوسطة في غرب حلب (مناطق النظام)".
ورأى أن الانقسام الكبير بين "المعارضة المسلحة والفصائل المناصرة للنظام في حلب لا يقوم على المعارضة الطائفية، ولكن بشكل رئيسي على الانقسامات بين الطبقات الاجتماعية والشرخ التاريخي بين المدن والأرياف. ولذلك تعتبر احتمالات نشوب انتفاضة ضد الأسد في غرب حلب غير موجودة".
وأضاف، "إذا أراد مقاتلو المعارضة المسلحة الاستحواذ على المنطقة الخاضعة للنظام في حلب، سوف تكون المعركة صعبة".
وقال إن "انتصار الراموسة ألحق خسائر كبيرة في صفوف المعارضة المسلحة، فقد لقي خمسمائة منهم حتفه، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان".
وتابع: "ولتحقيق هذا الهجوم الناجح، حشد جيش الفتح ما بين خمسة وعشرة آلاف مقاتل، وتلقّى دعما لوجستيا كبيرا من تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية، وفقا لصحيفة فايننشل تايمز من التاسع من آب/أغسطس".
كما أن الجهود العسكرية الأكثر تضافرا في شرق حلب لفك الحصار جاءت من جيش الفتح. "ففي الأول من آب/أغسطس، اخترق جيش الفتح خط الدفاع الأول للجيش السوري، ثم تم صدّ المقاتلين لبضعة أيام في "مدرسة المدفعية" التي تحولت إلى قلعة فعلية، إلا أن التفجيرات الانتحارية المتعددة أتاحت له اختراقها في النهاية".
وساهم المقاتلون المنتمون إلى "غرفة عمليات فتح حلب" في شرق حلب بالحد الأدنى في الهجوم، على الرغم من أنهم نفّذوا في الثاني من آب/أغسطس عملية تفجير ناجحة في نفق ممتد تحت حي الراموسة، مما أتاح لهم اجتياح شمالي الحي والتغلب على جيش النظام السوري من الوراء.
معركة حلب الصعبة
ويقول المعهد إنه في جنوب غرب
حلب،" لم يكن الهجوم مفاجئا. ومنذ نيسان/أبريل، عمل مقاتلو المعارضة على استعادة القرى التي سقطت في يد الجيش السوري في خريف 2015 بدعمٍ كبير من مليشيا حزب الله الشيعي، وربما أيضا من القوات النظامية الإيرانية، والطائرات الروسية. إلا أن الهجوم المناصر للحكومة فشل في "خان طومان"، مما زرع بذور الهجوم المضاد الذي شنه مقاتلو المعارضة في ربيع عام 2016".
"وهنا تُطرح الأسئلة عن سبب فشل الجيش السوري في صد الهجوم على الراموسة، مع تركز التكهنات على الثقة المفرطة بالنفس التي تتمتع بها القيادة، أو استنزاف القوات على الجهة الجنوبية الغربية بسبب الهجوم عند الجهة الشمالية". يشير المعهد.
ويؤكد أنه "لا شك في أن الجيش السوري عانى من إهمال قائد قوات حلب اللواء أديب محمد، الذي تم استبداله مباشرة بعد الهزيمة باللواء زيد صالح من الحرس الجمهوري، الذي انتصر مع العقيد "النمر" سهيل الحسن في معركة "طريق الكاستيلو".
وبين أنه "تتقدم التعزيزات نحو حلب، بينما قصف الطيران الروسي "معبر الراموسة" والطرق التي تصل بين حلب وإدلب بلا هوادة من أجل إبطاء تعزيزات المتمردين، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود كافية".
وأشار إلى أنه في هذا الصراع غير المتماثل، تصدّى مقاتلو المعارضة بنجاح للهيمنة الجوية للنظام من خلال أعدادهم الكبيرة وطريقة هجومهم. فقد استولوا على سبيل المثال، على إدلب في آذار/مارس 2015 عبر التخطيط لهجمات انتحارية متزامنة عند مداخل المدينة، ليتسببوا بإحداث حالة من الذعر في صفوف المدافعين".
وفي المقابل، "يبدو الجنود السوريون، ولا سيما العلويون، أقل عزما على الدفاع عن حلب مما هم تجاه اللاذقية أو حمص أو دمشق؛ لأن تلك المنطقة ليست أراضيهم. أما بالنسبة لحلفائهم الشيعة، فإذا بقي القتال ضد الجهاديين حافزا قويا لهم، فإن لمدينة الأمير الشيعي سيف الدولة الحمداني الذي عاش في القرن العاشر قوة أقل رمزية من دمشق حيث يوجد مقام السيدة زينب".
وقال إن "كل ما هو معروف أن الحصار المفروض على شرق حلب سيكون أطول وأكثر صعوبة بكثير من حصار مركز حمص، حيث احتل ألف مقاتل معارض فقط على نصف ميل مربع فقط. بيد أن مساحة شرق حلب تبلغ ثمانية أميال مربعة وفيها عشرة آلاف مقاتل من المتمردين".
وبحسب المعهد فإن حلب "تقع في منطقة موالية جدا للعرب السنة وقريبة جدا من الحدود التركية، في حين أن ريف حمص موال بمعظمه للنظام بسبب وجود المسيحيين والعلويين والشيعة، وقيام «حزب الله» بإغلاق الحدود اللبنانية بوجه المتمردين. وعلى الرغم من ذلك استمر حصار حمص أكثر من ثمانية عشر شهرا".