يخوض مئات الأسرى الفلسطينيين، إضرابا عن الطعام في ما عرف بـ"معركة الكرامة 2"، احتجاجا على الانتهاكات المستمرة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم؛ ويؤكد مختصين في شأن الأسرى أن معركة الأمعاء الخاوية مستمرة ومرشحة للتصعيد، وصولا لإضراب مفتوح يشمل كافة السجون.
على وشك الانفجار
وأشعلت شرارة تلك المعركة، منذ أسبوعين تضامنا مع الأسير بلال كايد، الذى يخوض إضرابا مفتوحا منذ 53 يوما متواصلة، احتجاجا على تحويله للاعتقال الإداري بعد انتهاء فترة محكوميته، حيث قضى 14 عاما متواصلة داخل سجون الاحتلال.
ويتيح الاعتقال الاداري المتوارث منذ فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين المحتلة، اعتقال أي شخص بأمر عسكري، دون إبداء السبب، أو توجيه تهمة للمعتقل أو محاكمته.
وحذّرت وزارة الصحة الفلسطينية، من خطورة الوضع الصحي للأسير بلال كايد، الذي "لا يحتمل المماطلة"، موضحة في بيان لها وصل "عربي21"، أن الأسير "يمتنع عن إجراء الفحوصات الطبية، ويعالج وهو مكبل في سريره؛ حيث يعاني من ضعف بالنظر وهزال عام، وفقدان أكثر من 33 كيلوغراما من وزنه".
وأكد الباحث في شؤون الأسرى، لدى مركز أسرى فلسطين للدراسات، رياض الأشقر، أن الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، "مستمرون في إضرابهم الذي أطلق عليه؛ إضراب الكرامة 2، حتى تراجع مصلحة السجون الإسرائيلية عن خطواتها التصعيدية تجاه الأسرى"، محذرا من خطورة الأوضاع داخل السجون، التي "تنذر بكارثة حقيقة على وشك الانفجار".
وكشف لـ"عربي21"، أن الأسرى داخل السجون، "يتشاورن حول اللجوء لإضراب مفتوح يشمل كافة السجون"، مؤكدا أن "التوتر داخل السجون، هو سيد الموقف مع استمرار الهجمة التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق نحو 7000 أسير فلسطيني".
حملة تنقلات مسعورة
ودخل الأسرى في سجون الاحتلال، عام 2012، إضرابا مفتوحا عن الطعام استمر 28 يوما، انتهى بإغلاق ملف العزل الانفرادي وعودة برنامج زيارات أسرى قطاع غزة، وأطلق علية حينها "إضراب الكرامة".
وأوضح الأشقر أن عدد الأسرى الذين يخوضون الإضراب وصل 485 أسيرا، بعد انضمام 80 أسيرا إلى الاضراب مساء الخميس الماضي، من سجن "ريمون" منهم؛ 365 من أسرى حركة حماس؛ بدأوا إضرابا منذ يومين احتجاجا على حركة التنقلات، سبقهم منذ نحو أسبوعين 120 أسير من أسرى الجبهة الشعبية؛ دعما للأسير الغول.
ومن أبرز المضربين عن الطعام؛ قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الأسير النائب أحمد سعدات، والأسير القيادي في "حماس"، حسن سلامه.
ولفت إلى أن إدارة السجون "نفذت خلال الأيام الماضية حملة مسعورة؛ شملت إغلاق اقسام كاملة في سجن نفحه وريمون، ونقل أكثر من 300 أسير من أسرى حماس"، منوها إلى أن سلطات الاحتلال، "قامت بنقل وعزل رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس، محمد عرمان، في سجن هداريم".
وحول الهدف من حملة الاحتلال ضد الأسرى، أشار الباحث إلى أن "نقل التصعيد داخل السجون ضد أسرى حماس له بعدين؛ الأول هو ممارسة الضغط على قيادة الحركة لتقديم تنازلات أو معلومات مجانية حول الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها، خاصة مع وجود حراك إسرائيلي داخلي أحرج الحكومة الإسرائيلية".
وتابع: "أما الثاني، فالاحتلال يتهم دوما الأسرى في سجن نفحة؛ أنهم العقل المدبر لكل الاحتجاجات التي تحدث داخل السجون، حيث يضم هذا السجن العديد من قيادات الأسرى".
من جانبها، أكدت مدير الإعلام بنادي الأسير الفلسطيني، أماني سراحنة، أن هناك "تصعيدا كبيرا جدا بخصوص الاعتقال الإداري، كما أن حجم الاعتقالات التي تستهدف فئات الشعب الفلسطيني كافة تضاعف في الأشهر الأخيرة"، منوهة إلى أن هناك "أكثر من 700 أسير إداري في سجون الاحتلال؛ بواقع 10 في المئة تقريبا، من إجمالي الأسرى".
وأضافت لـ"عربي21": "هناك زيادة كبيرة أيضا في حجم عمليات اقتحامات السجون والتفتيش"، معتبرا أن عمليات النقل التي يشنها الاحتلال داخل السجون التي "تستهدف قيادات الأسرى؛ ترمي إلى تقويض لتنظيم الأسرى داخل السجون".
وطالبت سراحنة، مختلف المؤسسات الدولية "بالاهتمام بشكل أكبر بقضية الأسرى؛ من خلال المواقف العملية والخطوات الجادة"، مستنكرة موقف جمعية الصليب الأحمر الدولي، من تقليص عدد زيارات الأسرى، التي ترى فيها "انتقاص" لحقهم.
ويرى مراقبون أن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، هو تنفيذ لتوصيات لجنة "شمغار" الإسرائيلية، التي أوصت بتشديد التضييق على الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وهي اللجنة الخاصة بتحديد طريقة التعامل مع حالات وقوع جنود إسرائيليين أسرى بيد المقاومة.
اتفاق لوقف إضراب أسرى "حماس"
من جانبه، قال مكتب إعلام الأسرى إن أسرى حركة "حماس" توصلوا لاتفاق مع مصلحة سجون الاحتلال، يقضي بإنهاء إضرابهم عن الطعام مقابل تحقيق أغلب مطالبهم.
وبحسب قناة "الأقصى" التابعة لحماس، نشر المكتب بنود الاتفاق الذي جرى بين الأسرى ومصلحة السجون، ومنها وقف كل أشكال التفتيش المهين والمذل، خاصة التفتيش العاري بحقهم، وتحسين شروط حياة الأسرى في سجن نفحة، وذلك بزيادة التهوية وتخفيف الازدحام، وغير ذلك.
ومن بنود الاتفاق الذي ينهي الإضراب، إخراج رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس محمد عرمان من سجن هداريم وعودته إلى سجن نفحة، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.
وأضاف المكتب أن الاتفاق يشمل إعادة الأسرى الذين تم نقلهم إلى أماكنهم من خلال الاستجابة للطلبات المقدمة من قبل الأسرى.
وبحسب الاتفاق، فإن على مصلحة السجون الاستجابة لبعض المطالب الحياتية الأخرى للأسرى، مثل السماح بإدخال الكتب للأسرى، وزيارة الأهل، والسماح بقناة إخبارية إضافية لمتابعتها.
من جانبه، قال مدير مكتب إعلام الأسرى، عبد الرحمن شديد، في تصريح سابق، إن الأسرى لن يوقفوا إضرابهم إلا في حال وقف الإهانات والذل، وتحسين الوضع الحياتي والمعيشي داخل السجون.
وكان رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" محمد عرمان، أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجا على عزله في زنازين معتقل "هداريم".