علقت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها على المحاولة
الانقلابية الفاشلة في
تركيا، وكيف تعامل الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان مع هذه المحاولة.
وتقول الصحيفة: "من المفارقة لجوء الرئيس التركي أردوغان لحرب العصابات الإعلامية، عندما شن الجيش انقلابا ضده يوم الجمعة، حيث بث خطابا من خلال تطبيق (فيس تايم) على جهاز (آي فون)، وطلب من الأتراك معارضة المتآمرين، ولم يكن أردوغان مؤيدا لحرية التعبير، فقد سيطر بقسوة على الإعلام، وقيد حقوق الإنسان وحرية التعبير".
وتستدرك الافتتاحية بأنه "رغم ذلك، إلا أن الآلاف استجابوا لدعوته، وواجهوا المتمردين، وتظاهروا مؤكدين أنهم لا يزالون يؤمنون بالديقمراطية، رغم تراجع معانيها في ظل أردوغان".
وتوقعت الصحيفة تراجع الحريات أكثر، بثمن سيدفعه المواطنون الأتراك، ما يشكل تحديا للمجتمع الدولي، الذي يواجه تنظيم الدولة في جارة تركيا، سوريا.
وتجد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن الأحداث الدموية والفوضوية في اليومين الماضيين تشير إلى أن أردوغان سيصبح قويا ومصمما على الانتقام، وسيستغل الأزمة لسحق، ليس المتآمرين من الجنود، بل المعارضين من اليسار، مشيرة إلى تهديده عندما قال: "سيدفعون الثمن الغالي"، وقوله: "هذه المحاولة هي منحة إلهية؛ لأنها ستساعدنا على تطهير الجيش".
وتشير الصحيفة إلى أن أردوغان، ومنذ وصوله إلى السلطة عام 2003، أصبح أكثر ميلا للشمولية، وحرف بلاده عن النموذج الديمقراطي الإسلامي، الذي كان يتوق إليه الكثيرون في تركيا والعالم.
وترى الافتتاحية أن الشرق الأوسط المشتعل لا يمكنه تحمل دولة جديدة تتفكك، خاصة دولة تعد حيوية وحاجزا للناتو، ولديها أكبر جيش في المنطقة، لافتة إلى أن الولايات المتحدة أكدت يوم الجمعة دعمها المطلق للحكومة المدنية المنتخبة والمؤسسات الديمقراطية في تركيا.
وتلفت الصحيفة إلى أن الجيش التركي لديه تاريخ في القيام بانقلابات للدفاع عن العلمانية، مستدركة بأنه رغم أنه لم يسيطر على السلطة مباشرة منذ عام 1980، إلا أن توترا طويلا ساد بين الجيش وحزب العدالة والتنمية، الذي يقوده أردوغان، وهو الحزب المتجذر في الحركات الإسلامية.
وتزعم الافتتاحية أن "أردوغان حاول إضعاف الجيش بهيئته المؤسسية، إلا أن الجيش بدأ يستعيد نفوذه في الآونة الأخيرة؛ لأنه ابتعد عن السياسة، وأخذ يدير حربا شرسة مع الانفصاليين الأكراد".
وتنوه الصحيفة إلى أن أردوغان تحرك يوم السبت لاعتقال أعدائه الحقيقيين والمتخيلين، حيث اعتقل حوالي ثلاثة آلاف من الجنود، بمختلف الرتب، وأعفى 2745 قاضيا من وظائفهم، مشيرة إلى أن أردوغان اتهم رجل الدين المقيم في بنسلفانيا فتح الله غولن بتدبير المؤامرة الانقلابية.
وتذكر الافتتاحية أن أتباع غولن لديهم حضور في مؤسسات الأمن والقضاء، بالإضافة إلى حضور أقل في الجيش، لافتة إلى أن غولن شجب الانقلاب في بيان على موقع جماعته "تحالف من أجل القيم المشتركة".
وبحسب الصحيفة، فإنه قتل حوالي 265، بمن فيهم "المتآمرون" ومدنيون خلال العملية، التي بدأت ليلة الجمعة، عندما قامت مجموعة من الجيش بالسيطرة على جسرين مهمين في اسطنبول، مشيرة إلى استخدام مقاتلات ومروحيات في المحاولة الانقلابية، وقامت بعض القوات بمهاجمة مركز الأمن والبرلمان في أنقرة.
وترى الافتتاحية أن العملية الفاشلة بدا أثرها واضحا على الحملة ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، من خلال إغلاق القاعدة الجوية أنجرليك، لافتة إلى أنه في ضوء الانقسام داخل الجيش التركي حول أردوغان، فإن إدارة العلاقة بين الجيش الأمريكي ونظيره التركي ستكون صعبة، وتؤثر في العلاقات بين البلدين، ما سيعرقل التعاون حول سوريا وقضايا أخرى، بحسب مسؤولين أمريكيين.
وتعترف الصحيفة بأن أردوغان يحظى بدعم واسع داخل تركيا وبين الـ80 مليون نسمة، كما يظهر من الرد على المؤامرة الانقلابية، ولهذا تأمل بأن يفتح الرئيس ذراعيه للمعارضة.
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن العكس هو الصحيح، ما سيضعف الديمقراطية التركية، وقدرة تركيا بصفتها عضوا مستقرا في حلف الناتو.