يبدو أن شهر العسل قد انتهى بين فرنسا وبين قائمة دول العالم الأكثر جذبا للسياحة العالمية، وتحقيق أكبر عائدات خلال السنوات الماضية من القطاع السياحي.
الهجوم الأخير الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية وسبقته هجمات باريس على فترات قصيرة، ربما يزيح العاصمة الفرنسية باريس من على عرش قائمة الدول الأكثر جذبا للسياحة العالمية، وسوف تترك المجال لبلدان أخرى كانت تنافس فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي، لكن دائما ما كانت باريس تفوز في نهاية السباق.
ووفقا لمنظمة
السياحة العالمية، فقد بلغت إيرادات فرنسا من السياحة خلال العام الماضي نحو 46 مليار دولار، بإجمالي عدد سائحين تجاوز الـ84.7 مليون سائح، وبهذه الأرقام تحتل فرنسا المرتبة الرابعة عالميا من حيث العائدات السياحية بعد الصين والولايات المتحدة وإسبانيا.
خروج باريس
لكن التوقعات تشير إلى تغير قائمة الدول الأكثر جذبا للسياحة، ومن المتوقع أن تخرج فرنسا من حلبة الصراع، خاصة أن دولاً مثل إندونيسيا وماليزيا تنافس بقوة وتطرح نفسها كبديل للسياحة في أوروبا التي لم تعد آمنة أو بعيدة عن مرمى الجماعات المتطرفة والتي تتمكن من تنفيذ هجمات، وخاصة في باريس، بين الحين والآخر.
وفي
تركيا وبمجرد الإعلان عن محاولة الانقلاب الفاشلة وفقا للسلطات التركية، فإن من المتوقع أن تستغرق عودة الاستقرار إلى البلاد بعضا من الوقت، خاصة أنه لم يعلن بشكل رسمي عن انتهاء الأحداث حتى الآن.
ووفقا لجهاز الإحصاء التركي، فقد انخفض حجم عائدات تركيا من السياحة الأجنبية في الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 14.3 بالمئة إلى 6.57 مليار دولار، وبنسبة 3.8 بالمئة خلال عام 2015 إلى 31.46 مليار دولار، وذلك بسبب تقليص تدفق السياح الروس والأوروبيين.
لكن هل يمكن لمدن عربية أن تزاحم على مقعد باريس وأنقرة في قائمة الدول والمدن العالمية الأكثر جذبا للسياحة؟
8 بالمائة للشرق الأوسط
في الشرق الأوسط، ووفقا لمنظمة صناعة السياحة والسفر العالمية، فإن إجمالي عائدات دول المنطقة من السياحة بلغ نحو 194 مليار دولار خلال العام الماضي، مثلت نحو 8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لدول المنطقة، ووفرت نحو ستة ملايين وظيفة مثلت 7.8 بالمائة من إجمالي الوظائف المتاحة.
وبمجرد تنفيذ حادث نيس في فرنسا، فقد تكبدت أسهم شركات السياحة والطيران خسائر حادة، حيث تراجعت أسهم شركة "توي" للسياحة المالكة لشركة "طومسون" و"فيرست تشويس" بنسبة 1.2 في المائة، وتراجعت أسهم شركة "توماس كوك" بنسبة 1.3 في المائة.
وهبطت أسهم شركة "أكور" الفرنسية لإدارة الفنادق 4 في المائة، وهبطت أسهم شركات أوروبية للسلع الفاخرة أيضا، إذ هوى سهم "سواتش" بنسبة 13 في المائة ليصل إلى أدنى مستوياته في ست سنوات ونصف السنة، بعدما حذرت أكبر شركة لصناعة الساعات في العالم من هبوط أرباحها في النصف الأول بنسبة تتراوح بين 50 و60 في المائة.
منافسة شرسة
عربيا، ورغم ارتفاع عائدات دول المنطقة من السياحة خلال الفترات الماضية، فإنها حتى الآن لم تصل بعد إلى منافسة أنقرة أو باريس وماليزيا وإندونيسيا وبكين، حيث تعتبر إمارة دبي على رأس مدن المنطقة الأكثر جذبا للسياحة والأولى من حيث إجمالي العائدات السياحية في المنطقة، لكنها حتى الآن لا ترقى لخوض المنافسة عالميا أو احتلال رقم في قائمة المدن الأكثر جذبا للسياحة.
أما لبنان التي كانت تعد مقصدا سياحيا مهما، فقد فقدت خلال الفترة الماضية بريقها لتتحول إلى مدينة تبحث عن السائحين في ظل وجود أحداث إرهابية واقترابها من دائرة الصراع في سوريا.
تحديات صعبة في مصر
وفي مصر لا يزال القطاع السياحي يعاني كثيرا بسبب عدم استقرار حالة البلاد حتى الآن وتحول عدة مدن إلى ساحات لأحداث إرهابية متكررة، هددت القطاع السياحي وأضاعت موسم الصيف الحالي بعد انفجار طائرة شركة الخطوط الوطنية "مصر للطيران" وفقدان جميع ركابها.
ووفقا لجهاز الإحصاء المصري، فقد تراجعت أعداد السائحين الأجانب الوافدين لمصر بنسب قياسية، حيث انخفض إجمالي الأعداد الوافدة لمصر بنسبة تتجاوز الـ52%.
وبلغ عدد السائحين الوافدين من كافة دول العالم نحو 431.8 ألف سائح خلال شهر أيار/ مايو 2016، بانخفاض 51.7%، مقابل 894.6 ألف سائح خلال أيار/ مايو 2015.
وعزا جهاز الإحصاء المصري هذا التراجع إلى الانخفاض في أعداد السائحين الوافدين من روسيا الاتحادية بنسبة 61.3%، تليها المملكة المتحدة بنسبة 12.9%، ثم ألمانيا بنسبة 10%، وإيطاليا بنسبة 4.2%.
وليس الحال بأفضل في تونس التي لم يتجاوز عدد الوافدين من غير المقيمين فيها نحو 1.19 مليون وافد، خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2016، بانخفاض قارب الـ24.2 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2015، فيما بلغ عدد الوافدين من أوروبا نحو 301 ألف سائح فقط، بتراجع يقدر ينحو 47.8 بالمائة.