بعد أيام قلائل من وصف رئيس هيئة الأمر والمعروف والنهي عن المنكر
السعودية سابقا الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ جماعة الإخوان بـ"الفئة الباغية"، متهما إياها بالضلوع في تفجيرات الحرم النبوي، انبرى الشيخ ربيع المدخلي الزعيم السلفي السعودي صاحب التاريخ الطويل في معاداة الإخوان، داعيا لحرب معلنة عليهم، ومطالبا، في رسالة إلى مؤيديه من التيار السلفي المغربي، بحماية الدين من الإخوان المسلمين لأنهم - في رأيه - : "أخطر الفِرق على الإسلام منذ قامت دعوتهم.. وهم من أكذب الفرق بعد الروافض؛ عندهم وحدة أديان، ووحدة الوجود، وعندهم علمانية"، وذلك وفق صحيفة "هسبريس" المغربية.
كما دعا المدخلي إلى ثورة سلفية على الإخوان في مدينة بنغازي الليبية، مطالبا السلفيين بالتصدي لـ"عدوان الإخوان المسلمين على المدينة".
ولم يتجاوب التيار السلفي في المغرب ولا ليبيا مع دعوة المدخلي بل رد عليه بانتقادات واسعة، فقد أصدرت رابطة "علماء المغرب العربي" بيانا قالت فيه: إن تلك الرسالة تعد "دعوة للفتنة بين المسلمين، وزرعا للحقد والعداوة بين أهل السنة والجماعة"، وحذر بيان الرابطة من "دعاة الفتنة والتفرقة ومن فتاوى التكفير بغير مكفر أو التفسيق بغير بينة ولا برهان"، معتبرا أن دعوة السلفيين إلى التصدي لـ"عدوان الإخوان المسلمين على مدينة بنغازي"، منكر وزُور و"تحامل على من يختلف معه من علماء أهل السنة المشهود لهم بالفضل وسلامة المعتقد".
كان الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رئيس هيئة الأمر والمعروف والنهي عن المنكر السعودية سابقا قد شن هجوما على جماعة الإخوان عبر قناة العربية (5 يوليو 2016م) وصفها فيه بالفئة الباغية، ومتهما إياها بالضلوع في تفجيرات الحرم النبوي الشريف.
وأمام هذا الهجوم المتواصل من علماء كبار يتكرر السؤال: هل تلك الفتاوى المصحوبة بإعلان حرب على أكبر جماعة إسلامية سنية في العالم، تسهم في وحدة الطرف السني حول العالم أمام المخطط
الإيراني الخطير ضد السعودية ودول المنطقة عامة؟.. وهل إذا تجاوب التيار السلفي التابع للشيخين مع ما يناديان به.. هل سيقضي ذلك على جماعة الإخوان أو يحد من انتشارها أو يغيبها عن الساحة؟ وما السر في أنه كلما اشتدت الحرب الإيرانية على السعودية إعلاميا وسياسيا وعبر دول أخرى مجاورة كسوريا واليمن والعراق وتزايدت التهديدات الإيرانية انتفض التيار السلفي المدخلي بالذات لشن هجوم شديد على الإخوان المسلمين، دون سابق سبب أو مبرر؟
إن ذلك لا يصب إلا في خانة صرف الأنظار عن العدو الحقيقي للسعودية مقابل تصنيع عدو آخر هو الإخوان وشيطنته وتصويب السهام عليه حتى تكون إيران في مأمن وتتحرك بهدوء وثقة نحو تنفيذ مخططها!
إن تلك الفتاوى.. لا أقول تدفع جماعة الإخوان إلى مربع خصومة الكل في غنى عنها، بل تجعل المتابع العربي والمسلم العادي وغير المسيس.. يفقد ثقته في مصداقية كل الشعارات المعلنة لتوحيد الجبهة السنية، ويوقن أن هناك من يعمل حقا ضد المصلحة العليا للأمة، عن جهل أو عن سوء تقدير وتحليل للموقف.
وإن استمرار تلك الحملة بهذه الافتراءات الظالمة ربما تصرف الشعوب العربية عن الاكتراث بالمخطط العدواني الإيراني على المنطقة، وذلك عين ما تتمناه إيران... ذلك الوقت الذي تواصل فيه إيران حشد الطرف الشيعي عن بكرة أبيه للتخديم على مشروعها.
وبعد
فما زال ندائي لكل صاحب كلمة أو سلطة أن يتحرك لوقف قدح زناد الفتنة.
• كاتب صحفي – مدير تحرير مجلة المجتمع سابقا