أعلنت رئيسة المجلس الثوري المصري، الدكتورة مها عزام، رفضها للكيان الجديد المرتقب ظهوره خلال الفترة المقبلة تحت اسم "الجمعية الوطنية للشعب المصري"، والذي انفردت "عربي 21" بنشر تفاصيله، السبت الماضي.
اقرأ أيضا: "عربي 21" تنفرد بنشر تفاصيل كيان جديد جامع للثورة المصرية
وقالت "عزام" -في تصريحات خاصة لـ"
عربي 21"-: "في ظل الحديث عن الإعلان عن ما يسمى بالجمعية الوطنية، المزمع الإعلان عنها، والتي تجمع بعض القوى المناهضة للانقلاب، أود أن أوضح عدة نقاط".
وأشارت إلى أن "كل الثورات تواجه في تاريخها فترات تجابه فيها تحديات كبيرة تأتي من داخلها، وتحدي ثورتنا في هذه اللحظة هي المحاولات لإيجاد حل ما يصلح تمريره كنقطة بداية للفترة القادمة".
وأضافت: "سواء كان هذا التحدي مبنيا على نية صادقة للتغيير الثوري الجذري أم لا، فإنه سيؤدي -بحكم الهيكلة السياسية الحالية- إلى البحث عن تسوية سياسية، وتكون نتيجتها -إن نجحت - "لقطة إعلامية" يتبعها تفرقة وتقسيم للصف الثوري وإضعاف للجبهة الثورية لصالح النظام الانقلابي المغتصب للحكم".
واستطردت قائلة: "واجهت الثورة -كما واجه المجلس الثوري المصري- في السنة الماضية تحديات كبيرة، كان الهدف منها تقويض مبادئ أساسية ما زلنا نتمسك بها، والتي تقود المجلس في اتجاه نؤمن أنه يمثل الحق وأغلبية القوى على الأرض".
وتابعت: "لمن يقول إننا لسنا إلا جبهة متمسكة بالشرعية الكاملة المرتبطة بعودة الرئيس الدكتور محمد مرسي، نعيد هنا ما وضحناه وأكدنا عليه سلفا، إننا متمسكون بشرعية الإرادة الشعبية، وإن عودة الدكتور مرسي للحكم لباقي مدته ما هي إلا تأكيد على احترام هذه الإرادة التي انتخبت برلمانا وأقرت دستورا، وهي الضمان الوحيد لإسقاط أي محاولة مستقبلية لانقلاب آخر تحت أي حجة كانت".
وأردفت: "لمن يقول إن نسب انتخاب الرئيس أو البرلمان أو الدستور عكست انقساما مجتمعيا يحتم حلا يختلف عن الإرادة الشعبية، نقول لهم خذوا العبرة من استفتاء انفصال المملكة المتحدة عن العضوية في الاتحاد الأوروبي أو من الانتخابات التركية كأفضل الأمثلة على احترام الديمقراطية وإرادة الشعب".
وأكدت أن "احترام الإرادة الشعبية لا يقتصر على عودة الرئيس والبرلمان والدستور فحسب، إنما هذه مجرد نقطة البداية لمشروع ثوري كبير يهدف إلى تقويض وهدم الدولة العميقة؛ لإزالة الفساد المتجذر في الهيكل السياسي والاقتصادي في مصر، وإقصاء النخب الفاسدة التي سيطرت على المجتمع المصري، وذلك هو الطريق الوحيد لبناء دولة العدالة الاجتماعية والمساواة، التي تهدف إلى خدمة الشعب وليس استغلاله".
وقالت إن "إصرارنا على القصاص العادل ليس هدفه علاج نتائج قمع الماضي وحسب، ولكن هدفه أيضا إيجاد رادع لحماية أجيال المستقبل من أي محاولة بواسطة أي نخبة كانت، سواء العسكر أو غيرهم، من إعادة محاولة الهيمنة على الشعب المصري".
وتابعت: "في السياسة -كما في أي مجال آخر في الحياة- الثقة والمصداقية هما الأساس، وفي اعتقادي أن المجلس الثوري أنجز دون شك في هاتين القاعدتين الأساسيتين، ما يؤكد مصداقيتنا ويؤهلنا للتحرك على الأرض، وهو ما نرتب له الآن".
وأضافت: "المشكلة أن من يسعى لما يسمى بالجمعية الوطنية سيقدمون لنا وللشعب المصري مجموعة من المبادئ العامة، التي تبدو وكأنها شاملة وجذابة، وقد تسوق إعلاميا بشكل قوي، وتناشد عطش الكثيرين لإيجاد "حل ما" أو "حلحلة الوضع الراهن"، وقد يؤيدها البعض ممن يتسمون بالوطنية والثورة والمصداقية، لكنها في حقيقتها، وبالرغم من صدق توجه كثير ممن سيؤيدها، ما هي إلا محاولة ثانية من البعض لتصدر المشهد".
وأكملت: "القصد من هذا التصدر يكون إقرار مشروع لمنطقتنا يرسم من الخارج، ويشمل الهوية والأبعاد السياسية والاقتصادية؛ للإبقاء على المنظومة العاملة لغير صالح الشعوب، منظومة تبدو جديدة تجعل أي تغيير، لا يتعدى أن يكون تغييرا شكليت وحسب، ولا يحقق مصالح الشعب، بل يظل حامي لمصالح الأقلية المستغلة من القوى الداخلية والخارجية في المنطقة وخارجها".
وذكرت أنه: "لا يخفى على أحد بأن هناك محاولة مركزة لكسر جماعة
الإخوان، إما بتقويض مصداقيتها، أو بإقناعها للتحرك للخلف وتقديم غيرها؛ لأن الجماعة بحكم شعبيتها أصبحت الحاجز الأخير أمام إمكانية توصيل مصر إلى الشاطئ الذى تتمناه النخب ويتمناه الغرب، وفي اعتقادي أن إعلان ما يسمى بالجمعية الوطنية ومثيلاتها خطوة أساسية تجاه هذا الهدف؛ ولذلك فإنه يقع على عاتق الجماعة مسؤولية تاريخية للشعب المصري وللثورة المصرية، لا بد أن تكون هي القاعدة الأساسية لأي خطوة يخطونها في هذه الفترة الحرجة".
وقالت إن "المجلس الثوري المصري اليوم، نتيجة تمسكه بمبادئه وصلابة أعضائه، لم ولن يتحول إلى منبرا لهذا التوجه المناقض لمبادئ الثورة ومناهضة الإرادة الشعبية، كما أمل البعض. وإنا على يقين بأن هذه المبادئ التي نؤمن بها تعكس توجه الأغلبية الثورية على الأرض في مصر".
وتابعت: "أذهب إلى حد القول إن أصحاب المشروع الآخر سيحاولون جهدهم أن يقدموا مشروعهم بهيكل يتضمن العبارات والأفكار التي ترضي الأغلبية، فسيقرون مثلا أن الرئيس الشرعي هو د. مرسي، وأن ما حدث في 3 تموز/ يوليو هو انقلاب، وكأن الإقرار بالحقائق المتجردة تنازل، فقد كان درس الأشهر الماضية لهم أنهم يحتاجون إلى دعم الأغلبية ضمن القوى الثورية، لكن في حقيقة الأمر، هذا المشروع سيؤدي للمساومة مع منظومة الدولة العميقة".
واستطردت قائلة: "إننا هنا لسنا بصدد إيجاد منبر واسع لجميع قوى الثورة، بل نحن بصدد إيجاد منبر لأقلية تحتاج لشرعية مستمدة من القوى الثورية، كي تجذر هذه الرؤية المناهضة لكل ما يمثل ثورة يناير في مصر".
وقالت "عزام" إن "الثورات مسارها طويل، فأي تغيير جذري لمجتمع تهيمن عليه النخب العسكرية والسياسية والاقتصادية من خلال شبكة فساد تتفشى في كل زاوية من الحياة لن يكون سهلا ولا سريعا".
وتابعت: "لا بد أن نذكر أن تضحية الأبطال في الداخل، الذين صمدوا في الميادين، واستشهدوا، واعتقلوا، أسوة لنا، ونناشدهم أن يصمدوا، وألا يتراجعوا فقط للسماح لثورتنا أن يقودها من يؤمن بأجندة خارجية لبلدنا".
وأضافت: "سيبقى المجلس الثوري المصري بإذن الله متمسكا بمبادئه، ومثابرا، رغم الهجوم علينا. فالمسألة ليست "الشرعية" وحسب، إنما هي اختلاف جوهري عن طبيعة الدولة والمجتمع (سياسيا، اقتصاديا، ومن ناحية الهوية) التي نريدها لمصر المستقبل".
وأكملت: "علينا أن ندقق النظر إلى ما وراء العبارات وفن الخطابة الذي سيُقدم لنا، وأن نتفهم الأجندة الأوسع التي تدفع بهذا المشروع، ألا وهي أنه إن كان من الضروري الإقرار بأن مصر لا بد وأن تمر بتغيير سياسي، فعلى هذا التغيير أن تقوده نخبة موالية للغرب تحافظ على مصالحه ومصالحها، وإن تضمنت فئات تبدو كأنها شاملة، أو بمعنى أدق توافقية".
ووجهت "عزام" رسالة إلى كافة القوى الثورية والشعب المصري، قائلة: "إن هذه المحاولات لتسيير ثورتنا -حتى وإن كانت من قبل من هم جزء من القوى المناهضة للانقلاب- لهي خطر على تحقيق أهداف الثورة الجوهرية، وستعطل المسار الثوري، وقد تربك كثيرا ممن يناهض الانقلاب".
وشدّدت "عزام" على أن المجلس الثوري المصري "سيستمر في طريقه، وعلى هدي مبادئه لتحقيق رؤيته الواضحة، وهي في خلاصتها تمكين الشعب المصري في تقرير مصيره وتحريره من تبعيته للخارج وللنخب التي تخدم مصالحه، وتمكينه من إنشاء الدولة الديمقراطية المدنية المبنية على العدالة الاجتماعية والمساواة".
وكانت مصادر مطلعة كشفت لـ"
عربي 21" عن أن شخصيات مصرية معارضة تعتزم الإعلان عن تدشين "كيان ثوري جامع للثورة المصرية، ليكون معبرا عنها في الداخل والخارج، تحت اسم "الجمعية الوطنية للشعب المصري"، التي تستلهم تجربة الحملة المصرية ضد التوريث، والجمعية الوطنية للتغيير، والتي ساهمت في إسقاط الرئيس المخلوع حسني مبارك".