أدار النظام الإيراني في طهران ظهره لأبنائه الذين انتقدوا سياساته وحكمه وانقلبوا حتى على المقربين منه وأبناء "الثورة الإيرانية" وأعضائها بمجرد أنهم عبروا عن معارضتهم لبعض أفكاره وتوجّهاته، فمارس بحقهم كل أنواع الإقصاء فشردهم وسجنهم وسحقهم، والدلائل كثيرة اليوم مما نعرف ويظهر في وسائل الإعلام الإيرانية وغيرها..
ففي الداخل يخضع عدد لا بأس به ممن يسمون بالإصلاحيين للإقامة الجبرية مثل مهدي كروبي ومير حسين موسوي، وهؤلاء يعتبرون في الأساس من صفوة أبناء النظام، وممن ساند قيام "الثورة الخمينية" لكنهم عبروا في لحظة ما عن امتعاض ضد مبادئها أو ممارساتها، فكان الإلغاء نصيبهم.
تنكُر النظام الإيراني لأبناء الثورة موثّق، فمن يقف أمام مفهوم "ولاية الفقيه" وصلاحياتها فهو ضد الثورة، التي جاءت بشعارات الحرية والانتصار للإنسان الإيراني ومحاربة الفساد، وبعد سقوط حكم الشاه برزت طبقة ثيوقراطية إقصائية مارست كل أنواع التوحش، وشرْعنت للطائفية في دستورها، وأعْلت من شأن العرقية الفارسية.
اللافت أن النظام الإيراني بدل أن يحتضن معارضيه من خلال الحوار أو النقاش أو تقاسم السلطة، عمد إلى ملاحقتهم والقضاء عليهم، والغريب أنه حاول تصدير أزمته إلى الخارج تحت غطاء ديني من خلال زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، ودعم قيام فصائل مسلحة داخل الدول العربية والإسلامية، من خلال تحريضهم ودعمهم بالسلاح والإمكانيات تحت شعارات إما ثورية أو مذهبية، والقيام فيما بعد بعمليات إرهابية.
واليوم نجد في الدول العربية من تغريه شعارات ملالي طهران التي يحاولون من خلالها إما اجتذاب أتباع المذهب الشيعي والتلاعب بمشاعرهم الدينية ومحاولة التقليل من إحساس المواطنة لديهم والتشكيك في شرعية حكامهم، في وقت لا يخفي نظام طهران عنصريته بحق الشيعة العرب داخل إيران، والأحواز خير شاهد على عنصرية ذلك النظام، أو التشدق بالقضية الفلسطينية واعتبارها مدخلا لبقية العرب، ولو أمعنا النظر في مجريات الأحداث لوجدنا أن إيران وميليشياتها هي من خدم الاحتلال الإسرائيلي من خلال ممارساتها العدائية تجاه الدول العربية، لاسيما بعد "الربيع العربي"، فقد أدى دعم النظام السوري في مواجهة شعبه إلى تدمير سوريا، والأمر كذلك ينطبق على العراق، وأصبح البلدان يواجهان شبح التقسيم، وبذلك خرج أكبر جيشين عربيين من معادلة القوة العربية، بفضل السياسات الإيرانية، وعلى إسرائيل أن تنام ملء جفونها.
أول من أمس شهد اجتماع المعارضة الإيرانية تمثيلاً عربياً ودولياً كبيرين ما يعكس حالة الامتعاض الكبيرة من النظام القائم في طهران وممارساته الإرهابية بحق شعبه وجيرانه العرب والمسلمين، وهذا التمثيل العربي والإسلامي والدولي رسالة للداخل الإيراني الذي لن يصمد وهو يرى كيف دُمّر اقتصاده وهُجّر إنسانه في بلد يملك حضارة وقدرة ومكانة، كل ذلك في سبيل خزعبلات ملاليها.
عن صحيفة الرياض السعودية