يتكرر الحديث عن عمليات الخطف التي تمارسها
المليشيات الموالية للنظام السوري، في المناطق والطرقات التي تخضع لسيطرة قوات النظام، لكن في كل مرة تظهر تفاصيل جديدة عن كيفية ممارسة هذه العمليات التي يتسع نطاقها لتصل مناطق جديدة باستمرار.
وتشير المعلومات إلى
اختطاف العشرات من العائلات
الحلبية، على محور "خنيفيس - السلمية"، على الطريق الدولي الواصل بين حلب المدينة ومدينتي دمشق واللاذقية، لإجبار الأهالي على دفع فدى تصل أقلها إلى 15 مليون ليرة سورية، أي ما يُعادل 17 ألف دولار، في الوقت الذي لا يسمح فيه النظام لذوي المخطوفين بتقديم أي شكوى ضد تلك المليشيات، كما يقول نشطاء مطلعون في المدينة.
في هذا الصدد، أفادت مصادر محلية في القسم الخاضع لسيطرة النظام في مدينة حلب؛ بقيام المليشيات الموالية للنظام بخطف ثلاث عائلات أثناء ذهابها من حلب إلى مدينة دمشق، بالقرب من مدينة السلمية، مشيرة إلى أنّ العائلات المختطفة هي من بيت "خلوف" و"سرميني".
وأوضحت المصادر ذاتها لـ"عربي21"؛ أنّ عمليات التفاوض تجري في الوقت الحالي، دون وجود أي بارقة أمل لإطلاق سراح المختطفين، في الوقت الذي نشرت فيه صفحات موالية للنظام السوري، تعهدات عن مفتي النظام السوري أحمد حسون بإطلاق سراح المخطوفين من خلال التواصل مع رأس النظام بشار الأسد.
وروى بعض الأهالي لـ"عربي21"؛ عن قيام المليشيات بخطف أم وابنتها الصغيرة، حيث تم التفاوض مع الجد من أجل دفع
الفدية، وإلا فسيكون مصير الطفلة سلعة للبيع كأعضاء بشرية. واضطر الجيد لدفع مبلغ 15 مليون ليرة سورية؛ من أجل الإفراج عن الطفلة وأمها، بعد مفاوضات مارثوانية استمرت لشهرين.
وفيما يتعلق بتلك العمليات، يقول ناشط حقوقي واسع الإطلاع على ملف الخطف في المدينة، لـ"عربي21"، إنّ حوادث الخطف تتم على يد عناصر للمليشيات قرية خنيفيس الموالية، التي تتبع مدينة السلمية، هي من تقوم بخطف العائلات الحلبية أثناء ذهابها من مدينة حلب إلى العاصمة دمشق، من أجل إجبارها على دفع فدى كبيرة للإفراج عنها.
وأشار إلى وقوع تلك الحوادث بشكل يومي، دون وجود أي رادع لها من قبل أجهزة استخبارات أو قوات النظام السوري، وفق قوله.
ويُفضّل الناشط عدم نشر اسمه، كي لا يتعرض للملاحقة من قبل قوات النظام في مدينة حلب، حيث يروي لـ"عربي21" تفاصيل اصيطاد المليشيات لضحاياها من العائلات الحلبية؛ بالقول: "في البدء يرصدون تحركات السيارات الخاصة الصغيرة، حيث توجد استراحة للركاب بالقرب من السلمية، حيث تتم معاينة صاحب السيارة ومقاربة وضعه المالي، وفيما بعد يتم إبلاغ الحاجز المتعاون بتفتيش حقائب الفريسة".
ويضيف: "ما أن تخرج السيارة من الحاجز، حتى يتم ملاحقتها من سيارتي فان، الأولى من أمامه؛ لإجباره على تخفيف السرعة، والثانية من جانبه، وبالتالي تكون السيارة وقعت بالحصار، حيث يتم توقيف السيارة من قبل الملثمين، ويقال للسائق: أنت مطلوب لم هربت من الحاجز، ليتم فيما بعدها تغطية عينيه، واصطحابه إلى إحدى القرى القريبة".
ويتحدث الناشط عن صعوبة ظروف المواطنين من أهالي حلب الذين يتم خطفهم، حيث يوضع المخطوف بغرفة مخصصة لتربية الدجاج، لا يتجاوز ارتفاع السقف فيها المتر الواحد، ويتم اجلاسهم جلسة القرفصاء، طوال فترة الاحتجاز، مع تعرضهم للضرب اليومي؛ ليتم إجبارهم فيما بعد على الاتصال بذويهم من أجل بدء مفاوضات صفقة دفع الفدية، حيث غالباً ما تبدأ عملية التفاوض بمبلغ 50 مليون ليرة سوري، لتصل فيما بعد إلى 15 مليونا كحد أدنى.
ويشير الناشط إلى رفض الجهات الأمنية استقبال أي شكوى بخصوص عمليات الخطف على طريق السلمية، لأن قادة الميليشيات التي تقوم بعمليات الخطف هم من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، كاشفاً في الوقت ذاته عن عدم إكتراث أولئك الميلشيات حتى برأس النظام، حيث غالباً ما يرددون عبارة: "إذا بشار رح يجي لهون، ومعو سيارة حلوة، رح نخطفو، ونطلب عليه فدية"، مفصحاً في الوقت ذاته عن ازدياد عمليات الخطف خلال الشهر الأخير بمعدل عملية خطف في كل يومين.
إلى ذلك، ذكرت مصاد مطلعة أن عمليات الخطف تزايدت على طريق "سلمية" بعد تحويل طريق الركاب من محور "السعن- الزربة"، إلى طريق "الشيخ هلال"، حيث كانت تسعيرة الطريق الأول ثلاثة آلاف على كل حافلة، وبعد كثرة الشكاوى، تم تغير الطريق، لتُكثف الميلشيات الموالية للنظام من عملياتها ضد المدنيين، وتقوم بخطف من تشك بقدرته المالية، مفضلة العائلات التي تضم عدداً من الأطفال.
ولا تعتبر انتشار ظاهرة الخطف من قبل الميلشيات الموالية لبشار الأسد، الممارسة الوحيدة التي تقوم بها، بل تُشير التقارير الورادة من أحياء مدينة إلى ممارسة سرقة منازل الأهالي، واستيلائهم على منازل أخرى في أحياء سيف الدولة والحمدانية والفرقان، وغيرها من أحياء المدنية الخاضعة لسيطرة قوات الأسد، في الوقت الذي لم تُسجل فيه أي حادثة عقاب أو تأديب لأي عنصر من تلك الميلشيات التي تسمى باسم "الدفاع الوطني".