اتخذت المواجهة بين الأردن وتنظيم الدولة شكلا جديدا بعد الهجوم
الانتحاري الذي شنه التنظيم ضد موقع عسكري أردني في منطقة الرقبان وأودى بحياة سبعة جنود أردنيين، الأمر الذي ربما يشير إلى قرار لدى التنظيم بجعل الأردن هدفا رئيسيا لهجماته.
وانخرط الأردن في المواجهة المباشرة مع التنظيم لحظة انضمامه إلى التحالف الدولي ودفع ثمن هذه المشاركة العديد من الأثمان كان من أبرزها وأكثرها قسوة إسقاط الطائرة الحربية التي قادها الطيار معاذ الكساسبة والذي قام التنظيم بإحراقه وهو حي.
واستمرت المشاركة الأردنية من خلال الجو والعمل الاستخباري ضد التنظيم حتى كشفت تسريبات من لقاء بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأعضاء في الكونغرس الأمريكي عن مشاركة قوات أردنية خاصة بعمليات مع قوات سورية معتدلة ضد التنظيم لاستعادة مدينة تدمر.
لكن عملية الرقبان نقلت المواجهة إلى الحدود الأردنية مباشرة وهذه المرة بمبادرة من التنظيم الذي بثت وكالة أعماق التابعة له مشاهد هجوم انتحاري بسيارة دفع رباعي باتجاه موقع عسكري للجيش الأردني قرب مخيم اللاجئين السوريين في الرقبان وتفجيرها داخل الموقع وإيقاع قتلى وجرحى.
وكشف نشطاء سوريون عن قيام الجيش الأردني السبت بقصف وادي كويا في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي بالقذائف والرشاشات الثقيلة وهي المنطقة التي يسيطر عليها لواء شهداء اليرموك المعروف بقربه من
تنظيم الدولة.
وأشار النشطاء إلى أن مناطق حوض اليرموك تشهد تواجد فصائل مقربة من تنظيم الدولة مثل حركة المثنى وجيش خالد بن الوليد وجماعة المجاهدين.
الخبير العسكري الأردني واللواء المتقاعد فايز الدويري قال لـ"
عربي21" إن تنظيم الدولة في مواجهة مباشرة مع الأردن منذ انخراطه في التحالف الدولي لكن هذه المرة انتقلت آلية المواجهة إلى شكل آخر وأصبحت مباشرة على الأرض بعد أن كانت تجري عبر الجو.
ولفت إلى أن تنظيم الدولة يحاول انتهاز الفرصة لإيقاع أكبر خسائر بالأردن ويهدف لخلط الأوراق في المنطقة بعد الضربات التي تلقاها في الفلوجة ومناطق أخرى في سوريا.
وشدد على أن التنظيم الآن لم يضرب الأردن فقط بل هناك ضربات باتجاه لبناني وفي ليلة واحدة دفع بثمانية انتحاريين وكل هذا يهدف لإلهاب المنطقة وخلط الأوراق على كافة المستويات.
وأوضح الدويري أنه وعلى الرغم من أن الخناق يتشدد على التنظيم والضربات تتلاحق عليه إلا أنه يوجه ضربات لعدة دول لأن الفوضى تساعده على التمدد.
وكان العاهل الأردني ترأس اجتماعا في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية قال فيه إن الأردن "سيضرب بيد من حديد ضد من يعبث بأمنه".
يشار إلى أن الأردن قام بتشكيل لواء جديد من الجيش قبل نحو شهرين أطلق عليه اسم "صقر الصحراء" وقام العاهل الأردني بزيارته قبل يوم واحد من عملية الرقبان.
وتشكل اللواء ليكون قوة ضاربة سريعة وهو بمثابة قوة متحركة ضاربة مرنة للتعامل مع أي تهديدات في المناطق الحدودية وخاصة الحدود مع سوريا والعراق تحسبا لهجمات يشنها تنظيم الدولة من هناك.
ويضم اللواء عناصر مدربة تدريبات خاصة ويمتلك آليات خفيفة لسرعة التحرك ومدافع هاون وبنادق حديثة ورشاشات متوسطة مثبتة على سيارات دفع رباعي.
ويرى مراقبون أن النظام الرسمي في الأردن اتخذ قرارا بإبعاد الفصائل المقاتلة داخل سوريا مسافة كبيرة عن شريطه الحدودي لضمان منع حدوث اختراقات شبيهة بعملية الرقبان وإبقاء المنطقة الحدودية "نظيفة" من المسلحين الذين ربما يشكلون خطرا على الأمن الأردني في لحظة من اللحظات.