لم يكن ينقص المشهد اليمني إلا أن يقفز الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح أمام شاشات التلفزة، مهددا ومتوعدا، ومقترحا حلولا وطارحا مبادرات، ومدينا من يشاء، ومبرئا من يشاء، لم يكن ينقص المشهد اليمني إلا هذا كي تكتمل ملامح العجز الذي بات عليه مجلس الأمن حيال الأزمة اليمنية، مهما تظاهر بالتمسك بقراراته وغير ممثليه وعقد جلساته، وأبدى أمينه، كعادته، انزعاجه، وارتحل من أقصى الأرض لأقصى الأرض، كي يدعم المباحثات ويحرك المواقف.
لم يجد علي عبدالله صالح في قرارات الأمم المتحدة التي جردته من أي مكانة تمنحه حق التحدث باسم الشعب اليمني، بعد أن كان الشعب اليمني قد أطاح به، وجعلته تحت طائلة العقوبات التي لا يجرؤ بعدها على الوقوف على منبر، لم يجد ذلك الرئيس المخلوع ما يثنيه عن خطابه الذي ألقاه أول أمس طارحا نفسه فيه، ليس باعتباره يحمل حلا، بل باعتباره هو نفسه الحل.
التناقضات التي تتعثر فيها الأمم المتحدة هي ما يمنح علي عبدالله صالح الجرأة على ذلك، وحين عاملت الأمم المتحدة جماعة الحوثيين باعتبارهم طرفا سياسيا يتمتع بنفس الحق الذي تتمتع الحكومة الشرعية في اليمن، رغم أن القرارات الصادرة من مجلس الأمن لم تخرج بها عن أن تكون مجرد عصابة يتوجب عليها تسليم السلطة والأسلحة والمؤسسات للحكومة الشرعية، تناقضات لم تغر الحوثيين بالمماطلة والتعنت فحسب، بل أغرت الرئيس المخلوع أن يقدم نفسه باعتباره حلا، فاحتمال أن يغير الموقف الدولي قراره تجاهه وارد، والحرب طويلة المدى من شأنها أن تعيد خلط الأوراق.
ظهور الرئيس المخلوع يؤكد أنه إذا ما كان للأزمة اليمنية حل، فهو الحل الذي تفرضه الآلة العسكرية في أرض المعركة، وليس ما يمكن أن تصل إليه مناقشات عقيمة كالتي تدور في الكويت. جرّب الكل الفلسطيني كلّ الخيارات وتمادى في محاولاته لإيجاد مخارج لأزماته لكنه لم يجرّب خلال كل الوقت الخيار الفلسطيني، أي خيار المصالحة الذي سيظل يحكم كل الخيارات، وكل المحاولات.
عن صحيفة عكاظ السعودية