كم من الوقت سيتطلب الأمر قبل أن يتم إجبار المسلمين الأمريكيين على ارتداء شارات صفراء مرسوم عليها الهلال والنجمة؟
لقد قال دونالد ترامب، الرجل الذي يرشحه الجمهوريون لأن يكون الرئيس، بالفعل إنه إضافة إلى حظر المهاجرين المسلمين، فإنه سيدرس كذلك إغلاق المساجد وإجبار المسلمين الموجودين في البلاد على التسجيل مع السلطات.
والآن، يزعم ترامب، مستغلا مجزرة أورلاندو، أن «الآلاف» من المسلمين الأمريكيين، وفروا الحماية أو أخفوا أبناء ديانتهم، ومستعدون لارتكاب مجزرة أكبر بسبب كراهيتهم للبلد الذي يعيشون فيه.
قال ترامب على قناة «فوكس نيوز»، مؤخرا: «لديك الكثير، الكثير، الكثير من الناس، في الوقت الراهن، يعيشون الآن في الولايات المتحدة، ممن هم أسوأ منه، ويكنون كراهية أكبر منه». وقرر ترامب أن «لديكم آلافا من مطلقي الرصاص مثل هذا، بالعقلية نفسها في هذا البلد».
وقال روجر ستون، مستشار ترامب غير الرسمي ومصدر ثقته، على محطة «سيريوس إكس إم» الفضائية إن مها عابدين، المسلمة التي كانت أعلى مستشارة لهيلاري كلينتون، يمكن أن تكون جاسوسة أو «عميلة إرهابية»، إذا كان الأمر بهذه البراعة.
كما روّج ترامب من جديد لفكرة أن الرئيس أوباما في خندق واحد مع العدو الإرهابي - متهما القائد الأعلى بجريمة الخيانة العظمى التي يعاقب عليها بالإعدام.
لقد سمحت مأساة أورلاندو لـترامب بتحويل دفة الحوار من هجومه العنصري على قاض فيدرالي من أصل مكسيكي. لكن المذبحة الصادمة في أورلاندو لا تترك نفسها نهبا لتسييس بسيط. تبين أن القاتل كان يعاني من مشكلات عقلية، وفي حين كان يدين بالولاء لـ«داعش»، فقد كان مدفوعا على ما يبدو بكراهيته للمثليين. ولم يكن بمقدور ترامب أن يلوم المهاجرين لأن القاتل أمريكي المولد.
ومع هذا، فقد حاول ترامب في كلمة معدة مسبقا، مستعملا الملقن الذي تخلى عنه ذات مرة - قائلا: «السبب الوحيد لكون القاتل في أمريكا في المقام الأول، كان لأننا سمحنا لأسرته بالمجيء إلى هنا».
جعل ترامب قاتل أورلاندو مجرد واحد من آلاف من القتلة المحتملين الذين يتستر عليهم المسلمون الأميريكيون ورئيس صديق للإرهابيين. وكجزء من نظرية المؤامرة، التي يروج لها التي ذكرها على قناة «فوكس»، أعلن ترامب أن «داعش سيطر على ماكينات جوازات سفرنا. هم يصنعون جوازات السفر الآن أفضل مما نستطيع». (واقع الأمر، أن المخابرات الأمريكية حذرت من أن الإرهابيين ربما يتمكنون من إنتاج جوازات سفر تبدو أصلية بماكيناتهم).
لقد نشر ترامب، كما كتبت، عشرات من نظريات المؤامرة، وكثير منها بإيحاءات عنصرية، وقال في كثير من الأحيان إنه لا يفعل سوى تكرار ما يفكر فيه «بعض» أو «كثير» من الناس، تماما مثلما ينكر مسؤوليته عندما يعيد تغريد كلمات المتطرفين البيض.
قبل واقعة إطلاق النار في أورلاندو، قال ميت رومني لوولف بليتزر، مذيع «سي إن إن»، إنه يخشى من «عنصرية ترامب المنسابة». وهي عبارة جيدة، وإن كان ترامب بتعبير أدق، يستغل العنصرية المختبئة ويجعلها تتدفق بحرية.
غرد على «تويتر» بعد ساعات على مذبحة أورلاندو، قائلا: «أقدر التهاني لأني كنت محقا بشأن الإرهاب الإسلامي المتشدد».
إنه يستحق التهنئة عن موجة جديدة من التشدد. إن عداء ترامب للمسلمين يسهل على الإرهابيين تجنيد عناصر جديدة وإلهام الشباب المسلم الذي يشعر بالإقصاء. حذر ترامب من أن الإرهاب الذي شهدته أورلاندو «سيصير أسوأ وأسوأ» وبفضله، ربما كان هذا صحيحا.
عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية