تشكل عمليات الاغتيال هاجسا لدى القادة العسكريين والناشطين البارزين في
الثورة السورية، وخصوصا في ظل الفوضى الأمنية التي تعيشها
المناطق المحررة، ووجود العديد من الفصائل المختلفة في توجهاتها العقائدية وطبيعة عملها على الأرض.
وخلال العامين الماضيين؛ طالت العديد من
الاغتيالات قادة بارزين في الفصائل الثورية، أبرزهم قادة حركة أحرار الشام الإسلامية الذين قضوا في التفجير الذي وقع في المقر "صفر" في أيلول/ سبتمبر 2014، ما أدى إلى استشهاد 40 شخصية من قادة الصفين الأول والثاني للحركة، وإلى الآن لم تُعرف الجهة التي تقف وراء هذه العملية.
وأوضح المسؤول الأمني في حركة أجناد الشام، خالد الحسن، أن سبب تنامي ظاهرة الاغتيالات يعود إلى التقصير في الجانب الأمني، "فهناك عدم تنسيق، بل وعدم تكاتف وتعاون بين الفصائل لتفعيل الجانب الأمني"، مشيرا إلى "انشغال الكثير من الفصائل العسكرية في المعارك الهامة والاستراتيجية، على حساب الجانب الأمني".
وقال لـ"
عربي21" إن "استهداف القيادات يؤدي إلى تخلخل في المنظومة العسكرية، وخصوصا إن كان لهم مهام ذات خصوصية، مثل خبراء المتفجرات والتخطيط العسكري".
وحول الجهة التي تقف وراء هذه الاغتيالات؛ قال الحسن لـ"
عربي21" إن "
النظام السوري هو المستفيد الأول من هذه الاغتيالات، والفوضى الأمنية الحاصلة في المناطق المحررة تعينه على ذلك، فمن الصعب التدقيق على كل شخص موجود في المناطق المحررة؛ لأن ذلك يحتاج إلى نظام أمني شامل، وهذا ليس متوفرا حاليا في هذه المناطق".
وأضاف أن "النظام يُدخل عملاء له إلى المناطق المحررة، يقومون بمراقبة تحركات القادة وأماكن تواجدهم بدقة، وبعدها ينفذون مهامهم بالاغتيال"، مشيرا إلى أن "
تنظيم الدولة يعتمد الأسلوب ذاته، والذي تلجأ إليه بعض الفصائل أيضا؛ بغرض تصفية الحسابات، أو إبعاد فصيل معين عن الساحة".
الناشطون هدف للاغتيالات
أما الناشطون السلميون والإعلاميون؛ فقد طالتهم الاغتيالات أيضا، وآخر تلك العمليات كانت محاولة اغتيال الناشطين
هادي العبدالله وخالد العيسى، عن طريق زرع عبوة ناسفة في المكان الذي يسكنان فيه.
وقال الناشط عبدالله الحموي: "لا أنكر أن الاغتيالات تقلق الناشطين الإعلاميين، فاحتمال أن تكون مستهدفا في أي لحظة، ومن أي شخص، دون أن تعرف ذلك؛ أمر يبعث على التوتر".
وأضاف لـ"
عربي21": "لا نستطيع أخذ احتياطات أمنية لهذا الأمر، فكيف ستعرف أن هناك من زرع عبوة ناسفة في منزلك، أو في طريق ذهابك؟ أضف إلى ذلك أن هناك احتمالا بأن يستهدفك شخص بمسدس كاتم للصوت".
وأوضح أن "الهدف الرئيس من هذه الاغتيالات؛ هو تفريغ الثورة من محتواها السلمي، وتحويل الثورة إلى ساحة حرب بين فصائل عسكرية وقوات النظام".
وشدد الحموي على مواصلة الإعلاميين لرسالتهم مهما كلف الأمر، قائلا: "لن نتوقف، وسنستمر في عملنا وواجباتنا تجاه الثورة ونقل معاناة الناس المساكين".