كشفت صحيفة
مصرية النقاب عما اعتبرته "صفقة خفية بين الحكومة المصرية ومجلس النواب"، تتمثل في قيام الحكومة بإلغاء 120 مخالفة لـ"
بيزنس النواب" خارج المجلس، مقابل تمرير مشروع الموازنة العامة للدولة الذي تقدمت به إليه.
وأشارت الصحيفة إلى تراجع نائب عن المطالبة بإقالة ثمانية وزراء بعد إلغاء مخالفة إشغال طريق لمطعم زوجته، وأن حلقات عمل حول الميزانية اكتشفت أن 50 في المئة من زيادة الأجور والرواتب ذهبت إلى وزارتين فقط هما الداخلية والعدل، وأن مخصصات المشروعات القومية زادت من عجز الموازنة.
وصدرت صحيفة "الفجر" لرئيس تحريرها الموالي لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، عادل حمودة، بمانشيتات وعناوين عريضة، الخميس، تقول: "صفقة الحكومة والبرلمان لتمرير الموازنة"، كاشفة أن بعض النواب تقدموا بـ121 طلبا شخصيا للوزارات والمحافظات، مقابل التغاضي عن "خروم" الموازنة، وأن نائبا معارضا تنازل عن طلب إقالة الحكومة مقابل تجديد ترخيص مطعم زوجته.
وشددت على "خطورة أن يفهم النواب اللغز"، وقالت الصحيفة إن أزمة المراكز البحثية تصاعدت لأن النواب نقلوا للبرلمان دراسات تؤكد التوزيع الظالم للميزانية.
أرقام محرجة للحكومة
وأشارت "الفجر" إلى أنه من بين الأرقام المحرجة للحكومة نسبة تخص المرتبات، إذ كشفت إحدى الدراسات أن نصف الزيادة في مرتبات الموظفين ذهبت لوزارتين فقط، هما الداخلية والعدل، فمن بين أكثر من 30 وزارة، ذهبت نصف الزيادة في المرتبات لوزارتين فقط، ما يكشف غياب العدالة الاجتماعية في التعامل مع موظفي الدولة، وفق الصحيفة.
وكذلك من بين الأرقام التحليلية، رقم يخص التفاوت في الزيادة في فئات المعاشات المختلفة، بالإضافة إلى أزمة أموال المعاشات التي لم تحلها الحكومة حتى الآن، ولم تشمل الموازنة أي حلول تفصيلية لفك الاشتباك بينها وبين وزارتي المالية والتضامن.
وفي تحليلات أحد المراكز البحثية للموازنة تحليل خاص بالنشاط الاقتصادي، انتقدت المشروعات القومية على الخريطة الاقتصادية، نظرا للأثر السلبي على الموازنة، وزيادة العجز فيه، وتأخر العائد من هذه المشروعات لسنوات.
معارضة.. ومقايضة
وأمام هذه الأوضاع والتساؤلات، تواجه الحكومة نوعين من النواب، بحسب "الفجر"، نوابا غاضبين ورافضين للموازنة بأرقامها وتوجهاتها الحالية، ونوعا آخر استغل الأزمة أو المعركة القادمة لتحقيق مكاسب شخصية، وبدأ يتحدث بفخر عن طلبات تم إقرارها بسرعة في وزارات والمحليات.
وبعضها يتعلق بإنارة الشارع الذي يقطن فيه النائب أو رصفه، أو بتحقيق طلبات لأهالي الدائرة، حتى وصل عدد هذه الطلبات في الفترة الأخيرة لأكثر من 100 طلب.
وداخل إحدى الهيئات البرلمانية لحزب آخر جرى تداول هذه الواقعة، بحسب "الفجر".
وطالب أحد نواب الحزب بإقالة الحكومة أو نصف وزرائها، وكان هجومه حادا وشديدا على أداء الحكومة وموازنتها، لكن أعضاء الهيئة توقعوا ألا تطول عمر معارضة هذا النائب للحكومة، فقد حصل على تجديد ترخيص مطعم لزوجته، وليس باسمه، وكانت قد دخلت في سجال مع المحليات لمنحها حق استغلال الرصيف المجاور للمطعم.
وأكدت "الفجر" أن بعض الوزارات والوزراء والمسؤولين يسعون أيضا إلى تلبية ما يتيسر من طلبات النواب، باعتبار أن تمرير الموازنة موسم برلماني مهم وحاسم للحكومة، ويزداد سخونة هذا العام.
فالموازنة تحمل "بلاوي" على المستويين الإجرائي والموضوعي، وفق الصحيفة.
وعلى مستوى الإجراءات تأخرت الحكومة في إرسال الموازنة نحو 50 يوما عن الموعد الدستوري، ما حرم النواب من حقهم في الحصول على وقت كاف لدراسة وتحليل الموازنة.
وعلى المستوى الإجرائي يرى بعض النواب أن الحكومة قامت بتوزيع بيان فقط من كل من الموازنة والخطة، وأن النواب لم يتح لهم أن يدرسوا التفاصيل الدقيقة في الموازنة.
هذا على مستوى الإجراءات، أما على المستوى الموضوعي فإن عورة الموازنة دستوريا تتمثل في فشل الحكومة في الوصول إلى المعدل الدستوري.
فموازنات كل من التعليم والصحة والبحث العلمي، أقل من الحد الأدنى المنصوص عليه دستوريا، ومعظم النواب بمن فيهم نواب من ائتلاف "دعم مصر" يرفضون خروج الموازنة بهذا العوار الدستوري، خاصة أنها أول موازنة يقرها مجلس النواب.
سيناريوهات الحكومة: التعديل.. والتوريط
وتبدأ الحكومة في المواجهة الفعلية مع البرلمان، في الأسبوع المقبل، من خلال تواجد وزيري المالية والتخطيط فيه، لكنها تستعد أيضا بسيناريوهات لحل الأزمة الدستورية في الموازنة، والتفاوض السياسي مع كتل برلمانية.
وأقرب سيناريو مطروح، بحسب الصحيفة، هو إجراء تعديلات أو نقل بند إلى آخر، للوصول إلى المعدل الدستوري في موازنات التعليم والصحة والبحث العلمي، لأن سيناريو زيادة المخصصات الثلاثة دون تخفيض بنود أخرى سيزيد عجز الموازنة.
وهنا شددت "الفجر" على أن خطة الحكومة هي توريط مجلس النواب في الاختيار المر أو الصعب، لأن الموازنة مشروع قانون، ومن حق البرلمان أن يجري تعديلات على مشروع قانون الموازنة، والاختيار للنواب، أمام زيادة عجز الدولة، أو الإبقاء على الموازنة كما هي، وهذا الخيار الأخير يبقي الوضع على ما هو عليه.
واستدركت الصحيفة: "يبقى الظلم في توزيع العلاوات والزيادات على الموظفين، ويبقى التوجه إلى المشروعات القومية على الرغم من تكلفة هذا التوجه على الموازنة من ضغوط، وتظل أحلام الفقراء في محطة انتظار قطار الموازنة المقبلة، وتزداد الضغوط على الطبقة المتوسطة، ويستمر إهمال ملف التعليم والعلاج، لأن الحكومة لا تريد الاقتراب من الأغنياء، ورجال الأعمال، ولا ترغب في إغضابهم بزيادة الضرائب في الشريحة الأعلى، فقد نفذت المادة أو بالأحرى: الأمر الدستوري بالضرائب التصاعدية بأسوأ صورة".
وفي ختام تقريرها الخطير حذرت صحيفة "الفجر" من أن صراع الحكومة والبرلمان على الموازنة لن ينتهي إلا بتمرير الموازنة، ومع إقرار قانون الموازنة "سندرك مع من وقف البرلمان ولمن انحاز؟ وما الفئات التي دللتها الحكومة والمجالات و"البيزنس" الذي حظي بدعمها؟"، وفق الصحيفة.