نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، تقريرا حول ظاهرة
التوتر والضغط التي أصبحت تؤرّق كثيرين، قالت فيه إنه "على الرغم من أن هذه الظاهرة قد تسبب
مشاكل صحية لا تحصى ولا تعد، فإنها قد تساعد على تحفيزنا، وتقوية أدمغتنا".
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن "ثنائية التوتر والضغط تتمظهر في كل مراحل حياتنا، ولا ملجأ لنا منها"، مبينة أنه "بالرغم من تداعيات
الضغط العالي المتواصل على صحة الإنسان؛ فإنه في الواقع يمكن أن يساعدنا على النجاح، وتحفيزنا، وتقوية دماغنا، فلا يمكن أن يكون دائما سلبيا"، كما عبّر عن ذلك البروفيسور المختص في الأعصاب، إيان روبارتسون.
ونقلت عن البروفيسور المختص في علم النفس في جامعة مانشستر، بيتر كاو، قوله إنه "أصبح لدينا رُهاب الضغط في مجتمعنا، وإن القلق تغلغل في كل تفاصيل حياتنا المتعددة والمتشابكة، كالسعي وراء جمع المال، والترقية في العمل، بالإضافة إلى
مشاغل العائلة".
واستذكر روبارتسون مقولة الفيلسوف الألماني نيتشا ''الضربة التي لا تقسم ظهرك؛ تقويك''، مجيبا عن سؤال "لماذا لا يستطيع بعضنا تحمل الضغط، في حين أن البعض الآخر يتعامل معه جيدا؟"، بالقول: "ذلك لاختلاف تركيبتنا الجسدية والعصبية والمجتمعية".
وأضاف: "
الدماغ يُعد من أعقد ما يوجد في الكون، فهو قادر على برمجة نفسه بنفسه؛ للتأقلم مع وضعيات متغيرة".
وسلطت الصحيفة الضوء على آليتين متنافستين في الدماغ، "تُعنى الأولى -وهي موجودة في الجهة الأمامية اليسرى- بتحفيزنا على البحث عن المكافآت، بينما تطلق مادة الدوبامين للتصدي للقلق. أما بالنسبة للجهة المقابلة اليمنى، فهي تعمل على تفادي الفشل والعقاب، مفرزة النورأدرينالين المرتبطة بما يُصطلح عليه بـ(قاتل أو اهرب). فالمُحافظةُ على التوازن بينهما؛ تخلق تحولا كيميائيا لتحفيز الدماغ. وتبين التجربة أن قلق غمس اليد في ماء متجمد؛ يساعد على تذكر عديد الكلمات، بفضل إطلاق مادة الكرتزول والنورأدرينالين".
وقالت إن هناك العديد من الطرق والأساليب التي يمكن أن تُتبع لمعالجة الضغط، كالتأمل، والعلاج الذهني الإدراكي التصرفي. كما أنه يمكن في بعض الحالات؛ استعمال كرة الضغط باليد اليمنى لتحسين المزاج والشعور بالراحة.
وأضافت الصحيفة أن البروفيسور روبارتسون حذر من مغبة تأثير العمل على الحياة الشخصية، ووجوب التغلب على الضغط العائلي. ونقلت عن سيدة الأعمال، خديجة عبدالحميد، أن ذلك صعب جدا، "فقد أنهكها الضغط عندما كانت في مرحلة المراهقة، وتفاقم الأمر إلى أن تسبب لها في اكتئاب، وفي حالات ذعر متكررة. وتدعم ما قاله البروفيسور روبارتسون، وتضيف أنها تبلي البلاء الحسن عند سماع الموسيقى، وتطبيق ما طلبه منها الطبيب، وحل الإشكالات عند الشعور بالراحة".
وبحسب الصحيفة؛ فقد دعا روبارتسون أرباب العمل إلى عدم جدوى إثقال كاهل العامل، فهو يزيد من الضغط المسلط عليهم.
وتختم الصحيفة بالرجوع إلى ما قاله نيتشا ''الضربة التي لا تقسم ظهرك؛ تقويك''، مبينة أنه "بالرغم من أننا لا يمكننا التحكم في مشاعرنا بشكل تام، فإننا قادرون على المحاولة والتعلم".