تسارعت في
مصر والكويت، خلال الساعات الأخيرة، جهود دبلوماسية محمومة تستهدف تجاوز أزمة يكاد يتسبب فيها مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع لمواطن كويتي يقوم بتعذيب شاب مصري بعد أن قام بتجريده من ملابسه تماما، مما تسبب في موجة غضب شعبي عارم في مصر، لجأت معه السلطات الرسمية إلى التهدئة، في وقت سارعت فيه
الكويت إلى ملاحقة الجاني، وغلق محله.
تفاصيل الحادثة
ويظهر مقطع الفيديو - الذي تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي - اعتداء كفيل كويتي يدعى أبو عبد الله، على شاب مصري يعمل لديه في متجر لأجهزة المحمول في منطقة العزيزية بالكويت.
واعتدى
الكفيل على الشاب بعد أن خلع ملابسه كاملا، بالضرب بالعصا وبالأيدي، وسبه بألفاظ بذيئة، وصعقه بصاعق كهربائي.
وتداولت الرواية أن الشاب يعمل لدى الكفيل في متجر لبيع أجهزة المحمول الجديدة والمستعملة، فدخل عليه أحد الزبائن يريد أن يستبدل بهاتفه المستعمل آخر جديد، واتضح فيما بعد أن الجهاز المستعمل تالف، ما جعل الكفيل يطالبه باسترجاع الجهاز أو
تعذيبه.
ولاحظ نشطاء ظهور المصري عاري الجسد تماما، لا يستطيع إلا أن يخفي عورته الأمامية بيديه أثناء تلقيه الضرب والركل من كفيله، وعدم رده الاعتداء عن نفسه، وعليه علامات الخوف والفزع، علاوة على الألفاظ النابية التي داوم الكفيل على إطلاقها، ووجود مصري آخر لم يتدخل لمنعه من استكمال اعتدائه.
الخارجية المصرية: السلطات الكويتية تلاحق المتهمين
وسارعت الخارجية المصرية، على غير العادة، إلى التحرك السريع لاحتواء الحادث.
وصرح المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أحمد أبو زيد، بأن القطاع القنصلي بوزارة الخارجية قام باتصالات مكثفة مع السفارات والقنصليات المصرية في عدد من الدول العربية صباح الأحد، لمحاولة التعرف على معلومات دقيقة بشأن ما تم تداوله.
واستطرد أن الاتصالات أسفرت عن التحقق من وقوع الحادثة بناء على ما أكدته السلطات الكويتية المعنية بعد القيام بعمليات بحث وتحريات مدققة تم على إثرها تحديد أسماء الجناة، والشخص المعتدى عليه، واتخاذ قرار بإغلاق المتجر الذي يملكه الجاني الذي يقع في منطقة المنجف بالعزيزية بالكويت.
وشدَّد المتحدث باسم الخارجية المصرية على أن السلطات الكويتية تتعاون بشكل كامل مع القنصلية المصرية في الكويت، وتؤكد أنها لن تألو جهدا في إلقاء القبض على الجناة، وتقديمهم إلى العدالة، وأنه جار حاليا البحث عن الأشخاص الذين ظهروا في مقطع الفيديو كافة للتحقيق معهم، وإصدار بيان رسمي بشأن الواقعة.
وأضاف أن الشخص الذي تعرض للاعتداء لم يتقدم هو أو أي طرف من أقاربه أو معارفه بشكوى إلى القنصلية المصرية في الكويت أو وزارة الخارجية حتى تاريخ صدور هذا البيان، وأن وزارة الخارجية سوف تستمر في متابعة تطورات عملية البحث عن الجناة والتحقيق معهم، انتهاء باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
"الهجرة": لن نتسرع في النتائج
كما قالت وزيرة الدولة المصرية للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، نبيلة مكرم عبد الشهيد، في بيان صحفي، أنها تتواصل مع وزير الداخلية (المصرية) للتأكد من صحة الفيديو من خلال الأجهزة الأمنية، ومكافحة جرائم الإنترنت باستخدام الأجهزة التقنية لمعرفة تاريخ الفيديو ومصدره، وساعة تحميله، ورقم السيرفر، وتحديد مكان تصويره، للوقوف على مدى صحته.
وأضافت الوزيرة في بيانها: "لن نتسرع في النتائج قبل التأكد من صحة الفيديو المتداول".
سفير مصر: نتابع الموقف ولم نتحقق من جنسية المعتدي
ومن جهته، أكد سفير مصر في الكويت، ياسر عاطف، أنه لم يتم التحقق من جنسية المواطن الخليجي الذي ظهر في فيديو يعذب ويهين مواطنا مصريا تمت تعريته، موضحا أن الشرطة الكويتية تتابع مكان رفع الفيديو ونشره على الإنترنت لتحديد هوية صاحبه (في تلميح إلى احتمال أن يكون سعودي الجنسية).
وأردف أن هذا المواطن لم يظهر منذ تصوير الفيديو ولم يتقدم ببلاغ لوزارة الداخلية الكويتية أو شكوى إلى القسم القنصلي بالسفارة المصرية، حتى نشر الفيديو.
وأوضح أن السفارة تتابع مع الجانب الكويتي تطورات الواقعة أولا بأول.
طلب إحاطة.. وتحرك برلماني
وإزاء الغضب الشعبي الذي تسبب فيه مقطع الفيديو، لم يجد عدد من أعضاء مجلس نواب ما بعد الانقلاب مفرا من التحرك السريع للتماهي مع هذا الغضب.
وأعلن مصطفي بكري أنه تقدم بطلب إحاطة إلى رئيس المجلس، قال فيه إن الفيديو أصاب المصريين بالصدمة، وجعلهم يشعرون بالإهانة، مما يستدعي طلب حضور وزير الخارجية لمعرفة الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في مواجهة هذا السلوك الهمجي، الذي يتنافى مع كل المعاني الإنسانية، ويُسيء إلى الشعبين الكويتي والمصري، بحسب الطلب.
ومن جهته، قال هيثم أبو العز الحريري، إن مجلس النواب سيتحرك تجاه ما ظهر في فيديو اعتداء كفيل كويتي على شاب مصري حتى يأخذ حقه وكرامته.
وطالب رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، محمد أنور السادات، وزارتي الخارجية والهجرة المصريتين، بالإسراع في التواصل مع الحكومة الكويتية للوقوف على أسباب تعذيب أحد المواطنين المصريين في الكويت، وتقديم الجاني للمحاكمة.
وشدد السادات - في تصريح صحفي - على أهمية متابعة الدولة لأبنائها العاملين في الخارج، والتأكد من سلامتهم وحفظ كرامتهم، لأن أي انتهاك لحقوقهم يعد انتهاكا صريحا للدولة المصرية بالكامل.
"المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" تدين الواقعة
من جهتها، أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عن إدانتها البالغة لواقعة الاعتداء على الشاب المصري، مطالبة وزارة الخارجية بمخاطبة نظيرتها الكويتية من أجل التحقيق الفوري في الحادث للوقوف على أسبابه، وتقديم المتهم للمحاكمة.
وأكدت المنظمة أن "نظام الكفيل" يعد أحد أشكال الرق التي تحظرها المواثيق الدولية، مطالبة بإنشاء جهاز في مصر تابع لوزارة الهجرة مهمته أن يقوم كل مصري سافر إلى دولة من دول الخليج، وحدثت بينه وبين كفيله مشكله وظلم فيها، أن يقوم بتقديم شكوى ليتم عمل قاعدة بيانات لكل الكفلاء الخليجيين.
وأعرب رئيس المنظمة، حافظ أبو سعدة، عن قلقه الشديد لتكرار وقائع انتهاك حقوق المصريين المقيمين في الخارج دون إعادة لحقوقهم المهدرة مما يمثل انتهاكا لحقوق هذه العمالة، التي كفلتها المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفق قوله.