أبلغ مسؤولون بالقطاع الصحي في الولايات المتحدة اليوم الخميس عن أول حالة بالبلاد لمريضة بعدوى مقاومة لفئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية وعبروا عن قلقهم الشديد من أن ما يطلق عليها
البكتيريا القاتلة قد تشكل خطرا كبيرا بالنسبة لأنواع العدوى المعتادة في حال انتشارها.
تستخدم أدوية الملاذ الأخير لعلاج أنواع عدوى بكتيرية فشلت كل أنواع العقاقير الأخرى في علاجها.
وقال توماس فريدن مدير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها: "نواجه خطورة الدخول في عالم ما بعد المضادات الحيوية"، في إشارة إلى عدوى بالجهاز البولي لامرأة في بنسلفانيا تبلغ من العمر 49 عاما ولم تسافر خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وقال فريدن خلال مأدبة غداء نظمها نادي الصحافة الوطني في واشنطن العاصمة إن العدوى قاومت عقار كوليستين وهو مضاد حيوي مخصص للاستخدام ضد ما يطلق عليها "البكتيريا الكابوس".
وورد ذكر الإصابة اليوم الخميس في دراسة بدورية تابعة للجمعية الأمريكية لعلم الأحياء المجهري. وقالت الدراسة إن البكتيريا نفسها أصيبت بجزء صغير من الحمض النووي يطلق عليه اسم البلازميد الذي يمر بجينوم يطلق عليه اسم "إم.سي.آر-1" يمنحه مقاومة للكوليستين.
وقالت الدراسة: "ينذر ذلك بظهور بكتيريا مقاومة للعقاقير على نطاق واسع". وأجرى الدراسة مركز والتر ريد الطبي العسكري.
وأضافت الدراسة: "حسب علمنا هذا أول بلاغ عن "إم.سي.آر-1" في الولايات المتحدة".
وشددت الدراسة على أهمية المراقبة المتواصلة لتحديد التكرار الفعلي للجين في الولايات المتحدة.
في وقت سابق من العام الماضي، قالت مراجعة جرت تحت إشراف الحكومة البريطانية، إن تزايد مبيعات المضادات الحيوية المنتجة عالميا دون ضوابط، فضلا عن بيع المضادات عن طريق الإنترنت، يؤدي إلى تضاعف أعداد البكتيريا الفتاكة المقاومة للعقاقير.
وخلال العقود الماضية نشأت بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية وتحورت في الوقت الذي خفض فيه منتجو العقاقير من حجم الاستثمارات في مجال إيجاد سبل لمقاومتها، ما أوجد مخاطر صحية عالمية، ليصبح من المستحيل القضاء على سلالات البكتريا المقاومة للعقاقير مثل تلك المسببة للالتهاب الرئوي والسيلان وغيرها.
وفي التقرير الذي صدر الجمعة -وسط قلق عالمي بشأن اكتشاف حديث في الصين للجين يجعل البكتريا أكثر مقاومة لأحدث طائفة من المضادات الحيوية- قال الاقتصادي جيم أونيل الرئيس السابق لبنك (جولدمان ساكس)، إن هذا الخطر يتفاقم بفعل قيام المرضى بطلب الأدوية بأنفسهم من الصيدليات عبر الإنترنت دونما استشارة طبية.
ودعا أونيل -في بيان أرفق بالتقرير- الحكومات والجهات الرقابية وشركات الإنترنت في العالم إلى الحد من مبيعات المضادات الحيوية غير المرخصة عبر الإنترنت، مع تحسين الرقابة على جودة العقاقير.
وقال باحثون إن جينا -اكتشف حديثا يجعل البكتيريا أكثر مقاومة لأحدث طائفة من المضادات الحيوية- رصد في البشر والخنازير بالصين، بما في ذلك عينات من البكتيريا ذات القدرة على نشر الأوبئة.
ووصف العلماء هذا الاكتشاف بأنه يبعث على القلق، وطالبوا بوضع قيود عاجلة على استخدام طائفة بوليمكسين من المضادات الحيوية، ومنها عقار كوليستين الذي يشيع استخدامه في تحصين الثروة الحيوانية.
وقال أونيل: "إن مما يثير القلق بالفعل أن طائفة من المضادات الحيوية القوية والمهمة يمكن أن تباع عبر الإنترنت دون وصفة طبية".
وأضاف أونيل: "إن معظم بلدان العالم تحظر مثل هذه المبيعات -التي تتم في شرق أوروبا وجنوبها- وأن هذه الإجراءات مطبقة بحذافيرها لدى بعض الدول".
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد طلب العام الماضي من أونيل إجراء مراجعة شاملة عن هذه المشكلة وطرح حلول لها.
وقال في تقريره المبدئي، إن مشكلة البكتريا المقاومة للعقاقير قد تقتل مليون شخص سنويا، وتكبد خسائر تصل إلى 100 ترليون دولار بحلول عام 2050 ما لم يتم القضاء على المشكلة.
واقترح إنشاء صندوق حجمه ملياري دولار للإبداع والتجديد، تموله شركات الأدوية للاستثمار في الأبحاث وسرعة ابتكار أدوية جديدة لمكافحة هذه البكتيريا.
وظلت مشكلة البكتيريا المقاومة للمضادات تؤرق العلماء في مجال العلوم والطب منذ اكتشاف البنسلين عام 1928.
وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تتحور البكتيريا من خلال الطفرات لتصبح مقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى، ويؤدي الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو إساءة استخدامها إلى زيادة كبيرة في نمو البكتيريا المقاومة للعقاقير.
وتؤدي العدوى بالبكتيريا المقاومة للعقاقير -بما في ذلك الصور المقاومة لعدة عقاقير تعالج الالتهاب الرئوي والتيفود والسيلان- إلى وفاة مئات الآلاف من البشر سنويا مع تزايد هذا التوجه.