استبقت لائحة "البيارتة" التي تضم ممثلين عن الأحزاب الكبرى، والمدعومة بشكل رئيس من تيار "
المستقبل" بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أحد أبرز قيادات قوى "14 آذار"، النتائج الرسمية بإعلان فوزها بكامل مقاعد المجلس البلدي في بيروت، في حين فازت القوائم المقربة من
حزب الله بمقاعد البلدية في البقاع وبعلبك.
وجاء في بيان صادر الاثنين عن مكتب الحريري أنه "أعلن رئيس لائحة البيارتة للانتخابات البلدية جمال عيتاني عند الساعة الثانية فجرا من بيت الوسط (منزل سعد الحريري)، أنه حسب النتائج الأولى للماكينة الانتخابية للائحة، حسمت المعركة كليا لصالحها".
وخاضت لائحة "البيارتة" الانتخابات في مواجهة لائحة "بيروت مدينتي" التي انبثقت خصوصا من المجتمع المدني، ولم تكن مدعومة من أي جهة سياسية، وهي تجربة أولى من نوعها في
لبنان المعروف بسطوة الأحزاب والعائلات والطوائف على الحياة السياسية.
وضمت "البيارتة"، إلى جانب ممثلين عن حزب القوات اللبنانية، حليف تيار المستقبل المسيحي، ممثلين عن التيار الوطني الحر، حليف حزب الله، والخصم الأبرز لتيار "المستقبل" في السياسة.
وناهزت نسبة الإقبال على الاقتراع في بيروت العشرين في المئة، ما شكل خيبة أمل لكثيرين، بعد الرهان على إمكانية خرق لائحة الأحزاب من "بيروت مدينتي" التي خاضت الانتخابات على أساس برنامج مستوحى من حركة الاحتجاج المدنية التي شهدتها بيروت الصيف الماضي، على خلفية أزمة النفايات التي أغرقت شوارع العاصمة وضواحيها.
وندد مرشحو "بيروت مدينتي" في مؤتمر صحافي ليلا بانتهاكات وعمليات تزوير شابت تحديدا عملية فرز الأصوات بعد إقفال صناديق الاقتراع، إذ قال المتحدث باسم اللائحة جاد شعبان إنه رغم ذلك "فقد استطعنا تحريك الأمور".
حزب الله في الجنوب
وفي محافظات البقاع وبعلبك والهرمل حيث يتمتع حزب الله بنفوذ واسع، فقد ناهزت نسبة الاقتراع الخمسين في المئة، وفق وزارة الداخلية.
وفازت اللوائح المدعومة من الحزب بالمجالس البلدية في العديد من البلدات على حساب تحالف العائلات والقيادات المحلية، وتحديدا في مدينة بعلبك، وفق النتائج الأولية غير الرسمية الصادرة عن الماكينة الانتخابية للحزب.
من جانبه؛ هنأ نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم "الأعزاء الذين أبدوا منافسة شريفة بحيث لم تحدث مشاكل ذات أهمية في الانتخابات البلدية والاختيارية الأحد"، معلنا "فوز اللائحتين المدعومتين من حزب الله بشكل كامل في مدينة بعلبك وبلدة بريتال"، وقال: "فزنا في كل البلديات بشكل كامل للوائح التنمية والوفاء، باستثناء خروقات بسيطة حصلت في 6 بلديات".
وتمنى قاسم، في مؤتمر صحفي في بعلبك، أن "ينعكس هذا الاستحقاق على الاستحقاق الرئاسي، وإنجاز قانون الانتخابات وإجراء الانتخابات النيابية".
وتوجه إلى الخاسرين في الانتخابات البلدية بالقول: "قمتم بدور مهم ولكن لم يكن لكم نصيب، ويفترض أن الخسارة انتهت مع انتهاء الانتخابات".
وقال إن "الأمر الإيجابي هو أن النجاح الذي عرفته البلديات المختلفة لم يواكبه إطلاق نار كما العادة، باستثناء بعض الاحتفالات في المخترة، ونتمنى أن لا يتم إطلاق النار في أي مناسبة وتوفير هذه الطلقات للإرهابين التكفيري والإسرائيلي"، لافتا إلى أن "بلديتي بعلبك وبريتال اتخذتا طابعا سياسيا فيما باقي البلديات كان لها طابع تنموي، وسيتعاون كل مجلس بلدي مع جميع أبناء البلدة تحت سقف القانون"، بحسب تعبيره.
وفي مدينة زحلة ذات الغالبية المسيحية والتي شهدت معركة انتخابية بارزة، أظهرت النتائج الأولية فوز تحالف الأحزاب المسيحية الكبرى بكافة مقاعد المجلس البلدي على حساب لائحتين أخريين مدعومتين من زعامات عائلتين تقليديتين بارزتين في المدينة.
وتجري الانتخابات البلدية في لبنان كل ست سنوات، ويطغى عليها في المدن الكبيرة نفوذ الأحزاب وزعماء الطوائف، أما في البلدات والقرى الصغيرة، فيتداخل هذا النفوذ مع الصراعات العائلية.
وهذه هي عملية الاقتراع الأولى التي تجرى في لبنان منذ العام 2010، حيث لم تنظم انتخابات برلمانية منذ العام 2009، وتم التمديد مرتين للبرلمان الحالي نتيجة الانقسامات الحادة في البلاد، في وقت لم ينتخب فيه البرلمان رئيسا جديدا للجمهورية، على الرغم من مرور سنتين على شغور منصبه بسبب الأزمة السياسية.