سادت حالة من
الغضب والحزن الشديدين وتبادل
الاتهامات الشارع الغزي عقب الإعلان عن وفاة ثلاثة أطفال حرقا بسبب
شمعة أشعلت في منزلهم المعتم لإضاءته، وذلك لانقطاع
الكهرباء عن قطاع
غزة لساعات طويلة.
ناصر يسرا ورهف
وأدى الحريق الذي نشب مساء أمس، في بيت بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة؛ لوفاة ثلاثة أطفال من أسرة واحدة وهم؛ يسرا ورهف وناصر محمد الهندي، وإصابة ثلاثة آخرين.
ويعاني قطاع غزة من أزمة خانقة في الكهرباء؛ بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد من عشرة أعوام، كما أن إضافة ضريبة "البلو" من قبل السلطة
الفلسطينية على وقود المحطة يساهم في زيادة غياب الكهرباء عن منازل القطاع.
الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أشرف القدرة، حمل من جانبه مسؤولية مقتل هؤلاء الأطفال لـ"كل المتسببين في حصار غزة"، محذرا من "الخطورة البالغة جراء تكرار هذه الحوادث المؤسفة، في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ولجوء المواطنين لاستخدام طرق بديلة تسببت في سقوط عشرات الضحايا".
وأضاف في تعليقه على الحادثة: "لقد شهدت السنوات الأخيرة؛ تلاعبا قذرا؛ لا وطني ولا أخلاقي، بقضية الكهرباء التي باتت تشكل شبحا يؤرق كل الفلسطينيين في قطاع غزة"، مطالبا الفصائل الفلسطينية بموقف "أكثر حزما مع الجهات المسؤولة عن هذه الكارثة الإنسانية".
خزينة السلطة
أما الخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، فقد اكتفى بتعليق قصير على صفحته بموقع "فيسبوك" تساءل فيه: "أي مصادفة تجعلهم يعانقون أشقاءهم الدوابشة الذين حرقوا في الضفة الغربية؟"، في إشارة منه إلى أن من يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاصر قطاع غزة.
لكن القيادي في "حماس" صلاح البردويل، رأى أن السبب الذي يقف خلف زيادة عدد ساعات انقطاع الكهرباء، هو "قرار سلطة رام الله (الفلسطينية) التي تفرض ضريبة "البلو" على وقود محطة توليد الكهرباء".
وفي رسالة لرئيس الوزارة الفلسطيني رامي الحمد لله، عبر "فيسبوك"، كتب المواطن الغزي محمد المدهون: "رئيس الوزراء المبجل، هل حركت مشاعرك صور الأطفال المتفحمة .. متى ستعفي غزة الشقيقة من ضريبة البلو؟".
ويفرض الاحتلال ضريبة على وقود محطة التوليد، وتذهب لخزينة السلطة الفلسطينية بقيمة ثلاثة شيكلات (نحو 0.8 دولار) على كل لتر، ومنذ سنوات تطالب الفصائل الفلسطينية وشركة كهرباء غزة، السلطة الفلسطينية، بإعفاء القطاع المحاصر من هذه الضريبة التي تتسبب بخفض إنتاج محطة التوليد من الكهرباء.
من جانبه، المواطن حاتم الداية، حمل المسؤولية الأولى على القائمين على قطاع غزة، لأنهم "لم يعملوا على سد حاجات البيوت الفقيرة؛ وتزويدهم ببدائل الإنارة المتوفرة في سوق غزة مثل؛ لمبات (ليد) الموفرة للطاقة"، متسائلا: "أين المؤسسات الخيرية التي تعمل في غزة، وأين تذهب الأموال التي بحوزتهم؟".
ثلاثة أيام
ويعتمد كثير من سكان قطاع غزة على إنارة منازلهم من خلال تلك اللمبات التي تعمل على بطارية قوتها 12 فولت، وهي أكثر أمانا من أي وسيلة أخرى رغم أن تجهد العين.
من جانبه، الأكاديمي والإعلامي الفلسطيني، والذي يقيم في مخيم الشاطئ، حسن أبو حشيش، رأى أن "جريمة حرق الأطفال الثلاثة"، تتطلب من رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء رامي الحمد لله، "الرحيل"، مطالبا الجماهير بأن "تعلو صوتها".
لكن الباحثة الإعلامية، وسام حسان، علقت على ما كتبه "أبو حشيش" بقولها: "في الضفة؛ عند عباس الكهرباء ما بتقطع، في غزة الكهرباء بتقطع.. في بيوت المسؤولين (غزة) الكهرباء ما بتقطع عندهم .. إذن أعطوا غزة لعباس تأتي الكهرباء".
الطبيب نمر دلول، اكتفى بقوله على مشهد الأطفال الثلاثة المتفحمة: "أحرق الله قلوب من كانوا سببا في حصار غزة.. حسبنا الله ونعم الوكيل"، ويجدر العلم، أن السلطات المصرية بزعامة عبد الفتاح السيسي، تصر على إغلاق معبر رفح الحدودي؛ وهو المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي، حيث لا وجود أو سيطرة مباشرة للاحتلال عليه.
وبحسب وزارة الداخلية الفلسطينية، فمعبر رفح لم يفتح منذ بداية العام الجاري 2016، سوى ثلاثة أيام فقط؛ رغم المناشدات المتكررة، والظروف الإنسانية الصعبة، حيث يحتاج أكثر من 30 ألف فلسطيني للسفر بشكل عاجل؛ إما للعلاج أو الدراسة أو غيرها.